الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شكراً يا صديقاتي

شكراً يا صديقاتي
24 مارس 2009 02:47
تقدم معظم قصص الشعوب على طبق من ذهب موعظة وحكمة، تختصر نظرتهم إلى الحياة وتعاملهم اليومي، وتعكس قيمهم الأخلاقية، وتشكّل نبراساً للأجيال يضيء دروبهم. منذ زمن بعيد قرأت قصة في كتاب ما وأثرت بي وسكنت وجداني ولازمت أيامي، حداً قلتُ سأطلق عليها ´ثالث المستحيلات?. تروي القصة حكاية جندي في معركة قال للضابط المسؤول عنه:´صديقي لم يعد من ساحة المعركة سيدي، وأطلب منكم السماح لي بالذهاب والبحث عنه?. فقال له الضابط: ´الإذن مرفوض، لا أريدك أن تخاطر بحياتك من أجل جندي من المحتمل أنه قد مات، سنجمع قتلانا فيما بعد ونحصيهم?. خالف الجندي الأمر ولم يكترث لرفض الضابط وذهب للبحث عن صديقه، وعاد بعد ساعة وهو مصاب بجرحٍ مميت حاملاً جثة صديقه على ساعديه مقرباً إياها من صدره. فقال له الضابط مغتراً بنفسه وإمارات الثقة تبدو على وجهه:´ألم أقل لك أنه ربما مات؟ أكان يستحق منك كل هذه المخاطرة للعثور على جثة?؟! أجاب الجندي وهو يحتضر: ´بكل تأكيد كان الأمر يستحق مخاطرتي، فعندما وجدته كان لا يزال حياً واستطاع أن يقول لي: كنت واثقاً يا صديقي بأنك ستأتي للبحث عني?. بذلك تنتهي القصة بموت الصديقين، لكن كُتب لعلاقة الصداقة بينهما الحياة والخلود. تماماً كما علاقات الصداقة لم تمت في حياتنا، على الرغم من تشكيك كثير من الناس بجدواها أحياناً، منطلقين ربما من تجارب تخصهم أو تخص أشخاصاً يحيطون بهم ألقت بظلالها القاتمة على نفوسهم وأثرت على آرائهم، بدليل شيوع الكثير من المقولات والأمثال الشعبية التي تحذّر من لبوس الأصدقاء وأقنعتهم. في معركة الحياة هذه التي نخوضها جميعاً بأسلحة مسالمة تتمثل في العلم والعمل والكفاح اليومي والسعي الشريف لتسيير شؤونها، نصادف الكثير من الأصدقاء، منهم من يكون معنا في ذات الخندق، فيشكّل وجوده إلى جوارنا أنيساً وسنداً ونصراً، يعزز وجودنا. إن كان ذاك الجندي في المعركة قد حظي بصديق يحتضنه قتيلاً، فإنني والحمد لله حظيت بأيادي صديقات تشابكت وشكّلت سوراً يحميني في معركة الحياة، ولم تسمح لها أن ترديني في ساحتها. كن جميعهن حولي، فتحن نوافذ قلوبهن لي قبل أبواب بيوتهن. روعة يونس rawa.younis@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©