السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

العائلة العربية بين ثباتها وتحولاتها

العائلة العربية بين ثباتها وتحولاتها
5 ديسمبر 2014 22:33
عصام أبو القاسم (الشارقة) بعد مشوار قصير، ولكن غزير الإنتاج في حقل الرواية، توجهت الكاتبة الإماراتية فتحية النمر أخيراً إلى القصة القصيرة، فنشرت لها دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة مجموعة قصصيّة أولى جاءت مرافقة عدد الشهر من مجلة «الرافد» وهي بعنوان «هي.. ولا أحد»، وتتابع النمر عبرها مشروعها السردي المشغول بهموم وأسئلة الأسرة العربية في وقتنا الحاضر. تضم المجموعة عشر قصص وهي تبدو قريبة بعضها من بعض في مضامينها وفي مواقيت إنجازها، وتشترك أيضاً في قصر زمنها الداخلي، إذ تفصل ساعات محدودة بين بداياتها ونهاياتها، إضافة إلى اشتراكها في الاقتصار على عدد أقلّ من الأوراق. وتتقاطع مصائر شخصيات «هي ولا أحد» بين السكون والحركة، بين الجمود والفعالية. فمن أمهات وسيدات يعانين الوحدة والعزلة، إلى شبان وشابات في حالة سفر وتجوال واكتشاف، ومن شقق وبيوت وغرف مغلقة تخيم عليها غبار الكآبة، إلى طرقات ومصاعد ومواقع إلكترونية ومطارات محتشدة بالحركة والمسافرين، ومن نفوس مجذوبة إلى القلق والغيرة ومكاتيب الفقهاء، إلى قلوب تخفق بالانفتاح والتعرف. تستهل قصة «هي ولا أحد» هكذا: «في المطار. بعد ساعتين سأغادر»، ونقرأ في قصة بعنوان «طيرة»: «بدأت الرحلة باللقاء في مطار الشارقة الدولي..»، وفي قصة «أحلام..» نقرأ: «تيقنت من ضرورة تنفيذ فكرة السفر، فالاعتزال في غرفة أخرى في المكان ذاته، لم يكن سوى خطوة أولى للحل»، وفي دوائر، يردد خالد: «ليس كما تقولين وتتصورين يا أمي، اليوم يوم ميلادي. تريد أن تفاجئني بهدية، رتبت في الخفاء رحلة بحرية على مدى يومين». وبمقابل هذه التنقلات والأسفار، تحفل المجموعة التي جاءت في 63 صفحة من القطع الصغيرة، بالمزيد من حالات الاستقرار والثبات والسكون في البيوت وغرفها أو في الذوات المسجونة في مشاعر الأسى والشجون. تكتب النمر قصصها المحتشدة بالوقائع في لغة دقيقة وواضحة ومقتصدة، ولكنها تسهب في تحشيدها بالتفاصيل الوقائعية. وينتج هذا التكثيف اللغوي المسنود بتقنية «الحذف» انتقالات زمنية خاطفة بين مشاهد النصوص، ما يضفي إيقاعاً أسرع على أجواء المجموعة. ويمكن للقارئ أن يلاحظ حساسية الكاتبة تجاه الزمن وانتقالاته بمعاينة ورصد استهلالات نصوصها؛ فهي قائمة على جمل متحركة في معظمها وموقوتة دائماً. وتتسق هذه الحيل «التزمينية» التي توشك أن تطغى على نصوص المجموعة بطموح الكاتبة وسعيها لعرض حيوات تلك الشخصيات، إذ تغالب وطأة أزمنتها النفسية والاجتماعية شديدة الوقع. في رواياتها الثلاث: «مكتوب» و«للقمر جانب واحد» و«السقوط إلى أعلى» التي نشرت في وقت سابق، كتبت النمر التي درست الفلسفة، القصص الاجتماعية ذاتها لكن في امتدادات دلالية أوسع، وبنفس سردي أطول.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©