الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

6000 متطوع يقدمون خدمات إنسانية بـ «مدينة الشيخ خليفة الطبية»

6000 متطوع يقدمون خدمات إنسانية بـ «مدينة الشيخ خليفة الطبية»
23 نوفمبر 2013 15:49
اختارت مجموعة من الشباب تقديم خدمة إنسانية ذات قيمة عالية، في بيئة تحتاج إلى من يخفف على أصحابها الوجع والوحدة ولو بابتسامة أو بالإنصات والاستماع أو تمرير يد لتخفف من علل الروح والجسد، هؤلاء الشباب الذي يصل عددهم إلى 6000 متطوع يتسابقون لتقديم خدمات للمرضى بمدينة الشيخ خليفة الطبية، فمنهم من يقتصر تطوعه على استقبال المرضى وحجز المواعيد، ومنهم من يساعد في تنظيم الفعاليات الاجتماعية التي تقام بالمستشفى مرتين في الشهر تقريباً، وهناك من يجالس المرضى من كبار السن ويستمع لهم ويخفف من معاناتهم ويقرأ لهم القرآن، خاصة الذين تفوق إقامتهم بالمستشفى لسنوات. يلعب المتطوعون دوراً مهماً في العمليات اليومية لمدينة الشيخ خليفة الطبية، من خلال تقديم المساعدة يومياً للمرضى وعائلاتهم وللمتخصصين في الرعاية الصحية، فهم أول من يستقبلون المرضى، وفق الموقع الإلكتروني للمدينة الطبية، ويوجدون في مكاتب المعلومات وأروقة المستشفى والعديد من مناطق خدمة المرضى. ومتطوعو مدينة الشيخ خليفة الطبية هم خليط متعدد الثقافات والأعمار من أشخاص يكرسون أوقاتهم وجهودهم لمساعدة الآخرين، وهم يستخدمون مواهبهم ومهاراتهم واهتماماتهم وتعاطفهم للمساهمة في تلبية احتياجات المرضى والمجتمع، من خلال تقديم المساعدة بمختلف الأشكال. ويلعب المتطوعون دوراً بالغ الأهمية في تحقيق مهمة مدينة الشيخ خليفة الطبية من خلال تثقيف المجتمع ونشر الوعي في العديد من الخدمات المتوافرة في المدينة، كما يساهم المتطوعون في تثقيف المجتمع بالعديد من الأمور ذات العلاقة بالصحة، ويقدم المتطوعون الكثير من الخدمات القيمة مثل الترحيب بالمرضى ومرافقتهم وعائلاتهم إلى الأماكن التي يريدون الذهاب إليها، كما يقدمون الكراسي المتحركة للمرضى ويساعدونهم على التنقل بها، إضافة إلى تقديم خدمات مكتبية وإدارية في أقسام عدة. السعادة الشخصية يقول تامر عبد الملا (27 سنة)، متطوع وموظف بشركة دراسات، إنه سعيد بهذا العمل الذي وصفه بالإنساني، موضحاً أنه يضيف الشيء الكثير للإنسان، فتطوعه في مدينة الشيخ خليفة الطبية جاء بناء على انخراطه فيه، بعد أن شارك مجموعة من المتطوعين في أحد المستشفيات، وبعد أن اقتنع بالفكرة تطوع في مستشفى الجزيرة. ويقول: لفت نظري مجموعة من الشباب يرتدون لباساً مميزاً، وعندما تقدمت وسألتهم قالوا إنهم متطوعون، فقررت مباشرة الانخراط معهم في هذه العملية الإنسانية، وبدأت العمل الذي تعلق ويتعلق بكل ما يخص المستشفى وسيره من تنسيق المواعيد، العمل الإداري، زيارة المرضى ومساعدتهم، إقامة الأنشطة للأطفال وقراءة القصص لهم، كما تطوعت في قسم الأمراض النفسية الذي تفوق إقامة بعضهم به ما يزيد على 25 سنة، وبذلك تعلق جانب كبير من تطوعي في هذا «العنبر»، بحيث كنت أجالسهم وأتحدث إليهم وأعرف احتياجاتهم، ومن أجل ذلك تعلمت كيف أحمي نفسي وأكون في أمان من ردة فعل بعضهم، ولم أتقبل الموضوع في بداية الأمر، حيث كان ثقيلا صعبا، خاصة عندما تصادف إنسانا موجودا جسدياً وغائباً عقلياً غير واعٍ بما يجري حوله، وكلما جالستهم تألمت كثيراً لهم، وعلى الرغم من ذلك كان من الضروري محادثتهم ومحاولة انتزاعهم من وحدتهم وغيبوبتهم وإرجاعهم للواقع، فمنهم من لا يزوره أحد، ومنهم من هو غير مصاب بأي مرض خطير فاعتاد على الصمت، ومنهم من يحدث نفسه ويمتنع عن الحديث مع الآخرين، وتختلف الحالات والقصص باختلاف أصحابها، وبدورنا أيضاً نعطيهم دروسا في اللغة العربية، ونقرأ لهم القرآن، ونحاول إرجاعهم للحياة». ويضيف قائلاً «الإنسان إذا لم يعايش المرض لا يعرف قيمة الصحة، والحياة غالية جدا يجب المحافظة عليها، كما أنه تكونت لديَّ قناعة بضرورة إدخال السعادة على الناس وعلى من يحتاج ذلك، فما رأيته علمني معاني الحياة، والتطوع حقق لي السعادة والرضا الداخلي». قم بالتغيير «التطوع في مدينة الشيخ خليفة الطبية يحدث تغييرا كبيرا في حياة الآخرين، وإحراز الرضا الشخصي من خلال بذل العطاء للمجتمع»، هذا عنوان للإعلان عن النداء للتطوع من خلال الموقع الإلكتروني للمستشفى. ومن أجل تحقيق الرضا الشخصي تقدم الشاب والشابات للتطوع، إلى ذلك يصرح إبراهيم مهنا (17 سنة)، حاصل على الثانوية العامة، بأنه تطوع ليستغل وقت فراغه بقيمة إنسانية تخدمه مستقبلا في حياته المهنية والعاطفية، موضحاً أنه سجل في إحدى الجامعات وينتظر الالتحاق بها، وفي هذه الفترة فكر في التطوع بمستشفى مدينة الشيخ خليفة الطبية، لافتا إلى أنه قضى أكثر من شهرين في العمل ضمن مجموعة من المتطوعين، وفي البداية كانت تعتريه دهشة من الموضوع، لكن بمرور الأيام استطاع التغلب على المعوقات التي اعترضته، حيث عمل في الاستقبال، خاصة أنه يناسب تخصصه في الجامعة، وتمثل عمله في تنظيم المرضى وجدولة المواعيد وضبط تواريخ المراجعات، وغيرها من الأمور الإدارية التي تسهل دخول وخروج المرضى من المستشفى. ويضيف إبراهيم قائلاً: لم يقتصر عملي على الأعمال الإدارية فقط، بل في جانب آخر منه زرت المرضى كبار السن، ولم أتحمل هذه الزيارة لأكثر من 5 دقائق، حيث تألمت كثيرا، لكن بعد ذلك كنت أسعد بدخول السرور على قلوبهم البيضاء، وكنت أشعر كأنهم أطفالا، فكنا نلعب كرة القدم، وما آلمني كثيراً عند مروري بعنبر الأمراض النفسية، هو «هؤلاء الذين يعانون في صمت، غير واعين بما يجرى حولهم، ومنهم من يفضل الصمت من دون أن تظهر عليه علامات للمرض، لكنه لا يؤذى أحداً وقد تأثرت كثيرا بهذا الموضوع، لهذا فضلت العمل مع الأطفال في تنظيم الحفلات والفعاليات الاجتماعية، لكن اكتشفت أنه ليس لي صبر وسعة صدر، لأني أغضب بسرعة ولا أتقبل مشاغباتهم، وفضلت أن يكون عملي مكتبي». ويشير إبراهيم إلى أنه استفاد كثيرا من حيث التعامل مع الناس، خاصة في الجانب الإداري، موضحاً أنه كان يتطوع من الساعة السابعة والنصف صباحا إلى الرابعة عصرا، وهو سعيد بتطوعه الذي يضاهى في نظره خير الدنيا بأكملها، مؤكدا أنه سيعمل على الاستمرار في التطوع على الرغم من ضيق وقته مستقبلا، حيث سيتابع دراسته الجامعية في العين، ولكنه سيعمل على ترتيب أولوياته، وسيكون التطوع في الدرجة الأولى. اكتشفت ذاتي من جهته، يقول إبراهيم حمد إبراهيم عوظابي، الحاصل على الثانوية العامة من مدرسة النهضة الوطنية، إنه تعرف إلى البرنامج التطوعي بمدينة خليفة الطبية من خلال أصدقائه، موضحاً: «عملت في مختلف الأماكن بالمستشفى، ومنها العيادة، كما شاركت في تنظيم فعاليات للمرضى داخل المستشفى وخارجه أحيانا، وكان عملي تنظيمياً قبل وبعد الحفل، كما كنت أقوم بدور بعض الشخصيات الكرتونية المحببة للأطفال والقريبة إلى قلوبهم، ونقدم أسئلة وأجوبة خلال الحدث، بالإضافة إلى ذلك فإنني كنت أعمل ضمن الطاقم الإداري، كما كنا نقوم بزيارات للأطفال المرضى، ومن خلالها اكتشفت قيمة الصبر، واكتشفت ذاتي من خلال التطوع الذي أقوم به للمرة الأولى في حياتي، وأنوي ألا أتوقف عن ذلك، بحيث أرغب في الاستمرار معهم، ولا أخفى أنني أستمتع بعملي ذلك برغم ما أشاهده يوميا من مشاهد المرض الأليمة، لكن التخفيف عن المرضى يجعلني سعيدا، خاصة عندما أتحدث للبعض وأعطيهم الأمل في الحياة، أشعر بالألم أحياناً، خاصة أن هناك مرضى من كبار السن لا يزورهم أحد، وهؤلاء أشاركهم جلساتهم، حيث نشاهد معا التلفزيون وأحاول خلق جو من الأنس والفرح، أتحدث معهم، وفي هذا الإطار نسجت صداقة بيني وبين مريض يعاني من سرطان القولون وهو باكستاني «سائق تاكسي» لا يزوره أحد، وما يعجبني فيه أنه متفائل على الرغم من إصابته، ووجوده بالمستشفى مدة طويلة». ويوضح عوظابي أنه عندما التحق بالبرنامج التطوعي بمستشفى مدينة الشيخ خليفة الطبية لم يكن يتوقع تحقيق هذا الرضا الذي حازه، مؤكدا أنه سعيد بعمله وأصبح التطوع جزءاً من حياته، فهو يعطيه طاقة كبيرة، وفعل الخير يحقق السعادة بشكل عام، فما بالنا بالتطوع للتخفيف عن المرضى. طريقة التطوع تشير جابريلا فتو، إلى أنه في حالة رغب أي شخص في العمل كمتطوع في مدينة الشيخ خليفة الطبية، عليه التقدم بطلبه وتعبئته عبر الإنترنت في خانة المتطوعين من خلال الدخول إلى الموقع: www.skmc.ae. وينبغي أن يكون عمر المتطوع أكثر من 16 عاماً، وأن يكون تصريح إقامته في الدولة ساري المفعول. وحالما يتلقى مكتب المتطوعين المعلومات، وبناء على حاجة المستشفى والمرضى، يتم الاتصال بالمتطوع للمقابلة الشخصية، حيث يخضع المتطوعون الذين تم اختيارهم إلى جولة تعريفية، ويطلب منهم حضور محاضرات مهمة عن مكافحة العدوى وتدابير السلامة الوقائية، بالإضافة إلى الإجراءات المعمول بها في الطوارئ، ويعد أمراً إلزامياً حصول المتطوع على الموافقة الأمنية قبل بدء العمل التطوعي في المستشفى. نجاح البرنامج يُدار قسم الخدمات التطوعية بكل اقتدار من قبل مديرة الضيافة الإماراتية السيدة سميرة بن كرم، وبفضل توجيهاتها تقوم إدارة برنامج التطوع بمهامها مثل التعيين ووضع المتطوع في المهمة التي تتناسب مع مؤهلاته وخبرته، كما يُنسب الفضل في نجاح هذا البرنامج إلى كل من المواطنتين ريم البريكي والسيدة بدرية الزعابي واللتين أبديتا حماساً ملحوظاً، حيث تكرسان جهدهما للتأكد من تحقيق المتطوعين إلى ما يصبون إليه، كمقدمي رعاية صحية بشكل يومي. وقد يصعب التصديق أن المعدل اليومي للمتطوعين في مدينة الشيخ خليفة الطبية يعد حيوياً ويثلج الصدر.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©