الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله قاسم أجرى نحو ألفي عملية في جراحة الأعصاب

عبدالله قاسم أجرى نحو ألفي عملية في جراحة الأعصاب
13 نوفمبر 2012
الدكتور عبد الله قاسم، استشاري ورئيس قسم جراحة الأعصاب، في مستشفى راشد التابع لهيئة الصحة بدبي، واحد من الأطباء المواطنين القلائل في الدولة الذين اختاروا دراسة هذا التخصص الصعب والنادر المعروف بجراحة الأعصاب، واستطاع وهو ابن التسعة والثلاثين سنة أن يجري ما يقارب ألفي عملية جراحية في المخ والعمود الفقري، ونال مؤخرا شرف تكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي بمنحه جائزة برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز عن فئة الموظف المتميز في الوظائف التخصصية. وقاسم يطمح إلى تأسيس برنامج يدرب الأطباء المواطنين على تخصص جراحة الأعصاب، وينقل من خلاله خبرته إليهم ما يضمن زيادة أعدادهم في هذا التخصص الدقيق. غدير عبدالمجيد (دبي) - جراحة المخ والأعصاب، التي اختارها الدكتور عبدالله قاسم، هي واحدة من أعقد المهن الطبية وأصعبها وأحرجها على الإطلاق، حيث يقع في المخ مراكز الحواس والإدراك والتحكم والسيطرة بجميع أعضاء الجسم، وتعرض المخ لأي مرض أو إصابة يؤثر على تلك المراكز وحياة المريض بأكملها، ومع ذلك تمكن من التميز في عمله ونال تكريما يستحقه بحيازته جائزة الموظف المتميز في الوظائف التخصصية في برنامج دبي للأداء الحكومي، مؤكدا أن هدفه وهو تطوير نفسه ونقل العلم الذي تعلمه إلى غيره من الأطباء، إلى جانب إنشاء برنامج لتدريب الأطباء المواطنين في تخصص جراحة الأعصاب. مشوار حافل حول مشواره العلمي والمهني، يقول قاسم إن مشواره الدراسي الحافل الذي بدأ عام 1991 وانتهى عام 2011. ويشرح «بعد أن حصلت في الثانوية العامة على معدل 91% حصلت على منحة دراسية من وزارة التعليم العالي لإكمال دراستي الجامعية في الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا، واخترت حينها تخصص الطب البشري بشكل عام دون أن أحدد تخصص جراحة الأعصاب لحبي دراسة الطب، ولأنني شعرت أن هذا العلم واسع جدا، وأنه علم جامع لجميع العلوم الإنسانية». ويسترسل «بعد أن أنهيت مرحلة البكالوريوس في الطب عدت إلى الدولة عام 1998 وباشرت بالتدريب كطبيب عام في المستشفيات التابعة لهيئة الصحة بدبي، وتنقلت بين مختلف التخصصات لمدة 4 سنوات واخترت من بينها تخصص جراحة الأعصاب لأتخصص به، لأنني وجدته تخصصا صعبا ومميزا ونادرا، خصوصا بين الأطباء المواطنين، حيث إنني أعد الآن واحداً من 4 أطباء مواطنين تخصصوا في جراحة الأعصاب على مستوى الدولة، وقبل سفري لأتخصص حصلت على زمالة الكلية الملكية للجراحين في جلاسجو في اسكتلندا بعد امتحان اجتزته بنجاح». وعاد الدكتور قاسم بصحبة زوجته وأولاده عام 2002 إلى إيرلندا لإكمال دراسته والتخصص في جراحة الأعصاب بعد أن ابتعثته هيئة الصحة بدبي، وهناك مكث فترة طويلة اكتسب خلالها الكثير من العلوم والخبرات والمهارات. إلى ذلك، يقول «كانت هذه الفترة صعبة حيث إلى جانب الدراسة كنت أزاول المهنة تحت إشراف أطباء استشاريين، لأكتسب الخبرة مع الوقت ضمن جدول زمني محدد ومعايير معينة وموثقة، وأخذت تفرغ سنة خلال فترة التدريب على التخصص وسافرت إلى بريطانيا والتحقت بكلية امبريال وحصلت على ماجستير في العلوم العصبية’ وكان بحثي حينها متمركزا حول الخلايا الجذعية، ومن ثم عدت ثانية إلى إيرلندا لأتابع التخصص، وأنهيته عام 2011 وحصلت على شهادة بإتمام التدريب وعلى زمالة الكلية الملكية لتخصص جراحة الأعصاب، فأصبحت بذلك أول مواطن يجمع بين هاتين الشهادتين من الكلية الملكية للجراحين». ويشير الدكتور قاسم إلى أن الجراح مهنة لها درجات وتبدأ من طبيب جراح متدرب، ومن ثم أخصائي، فأخصائي أول ومن ثم استشاري. ويفيد بأنه وصل إلى درجة الاستشاري الذي تتجلى مهامه في «إجراء العمليات الصعبة جدا التي لا يستطيع من هو أقل منه درجة أو خبرة إجراءها، كما إن الاستشاري يدرب الأخصائيين ليرتقي بخبراتهم ويفيدهم بعلمه وخبرته، ويقدم لهم أنشطة تعليمية أسبوعية يتم فيها مناقشة أحدث التطورات والمستجدات في علم جراحة الأعصاب وأندر العمليات التي تم القيام بها». وعن أنواع العمليات التي يقوم بإجرائها مع الكادر الطبي المساعد في مستشفى راشد بدبي، يقول قاسم «نقوم بإجراء العمليات الجراحية في المخ والحبل الشوكي، حيث نتعامل من خلال عملياتنا الجراحية مع النزيف الدماغي والأمراض التي تتعلق بشرايين الدماغ وأورام المخ، وتجمع السائل الدماغي، وبعض أنواع الالتهابات التي تصيب المخ، ونجري عمليات الغضروف، ونستعين بأجهزة طبية حديثة متوفرة لدينا في المستشفى مثل المجهر الجراحي والمنظار الجراحي، وجهاز الملاحة الجراحي، كما يوجد لدينا أجهزة متخصصة تعيننا في تشخيص حالة المريض قبل إجراء العملية له مثل جهاز التصوير المقطعي وتصوير الرنين المغناطيسي، بالإضافة إلى وجود جناح لقسطرة شرايين الدماغ». أركان أساسية لا يوجد عمر معين يشترط للمريض المراد إجراء عملية له في المخ، يؤكد الدكتور قاسم، ويوضح أنه أجرى عمليات لأطفال حديثي الولادة ولرجل كبير في السن بلغ من العمر 99 سنة. ويضيف أن العمر يؤخذ بعين الاعتبار عند إجراء أي عملية جراحية، إلى جانب التشخيص الذي يضم 3 أركان أساسية وهي أعراض المريض، ونتيجة الكشف الطبي، ونتيجة التحاليل والفحوصات والأشعة التي يتم في ضوئها جميعا اتخاذ القرار بكيفية معالجة المريض، فإذا احتاج إلى عملية جراحية تتم الموازنة بين فوائد العملية ونسبة المخاطرة فيها، فإذا كانت نسبة المخاطرة كبيرة جدا مقارنة بفوائدها فلا يتم إجراء العملية، إلا إذا أصر المريض وأهله على ذلك متشبثين بالأمل البسيط الذي قد ينقذ حياة المريض. في هذا السياق، يقول الدكتور قاسم «تعد مرحلة اتخاذ القرار الجراحي من أصعب المراحل التي يواجهها الطبيب والمريض وأهله لأنها مرحلة دقيقة وحساسة، وتتطلب السرعة والحكمة والخبرة في اتخاذ القرار الصائب، حيث نقوم نحن الأطباء بعد تشخيص حالة المريض، وإجراء الفحوصات العاجلة له بالجلوس معه ومع أهله وشرح حالته وحاجته لعملية جراحية، ونبين لهم فوائد تلك العملية ونسبة المخاطرة فيها ونعينهم على اتخاذ القرار بالموافقة على التدخل الجراحي أو عدمه». بالنسبة لصعوبات مهنته، يقول الدكتور قاسم إنها تكمن في ساعات العمل الطويلة فهناك عمليات تنتهي بنصف ساعة وأخرى تطول إلى 8 ساعات متواصلة، الأمر الذي يتطلب المحافظة على التركيز العالي والدقة والصبر والمثابرة فخلايا المخ والنخاع الشوكي حساسة جدا، وهناك العديد من الأوردة والشرايين والأعصاب في حيز العملية الجراحية، وأي خطأ قد يودي بحياة المريض أو يسبب له مضاعفات جسيمة، كما يوجد صعوبات في التعامل مع المريض وأهله الذين يكونون في قمة العصبية والتوتر فلا بد من تحملهم وضبط النفس والعمل على تهدئتهم ومساعدتهم على تجاوز محنتهم، بالإضافة إلى أن وقت الطبيب عادة ليس ملكه بل هو ملك للمرضى الذين نذر حياته لعلاجهم ففي كثير من الأوقات يضطر الطبيب وخصوصا الجراح إلى ترك نومه ومغادرة بيته في ساعات متأخرة من الليل أو قطع إجازته لتلبية واجب إنساني يتجلى في حاجة مريض ماسة إليه. ويلفت قاسم إلى أن أجمل ما في مهنته الشعور الذي ينتابه بعد نجاحه في إجراء عملية لمريض واستفاقته منها وتماثله للشفاء، مشددا على أنه يتعين على الجراح ألا ينسب هذا النجاح لنفسه ويغتر لأنه مجرد أداة سخرها الله لشفاء إنسان والله هو الشافي ولا يشفى مريض إلا بإذنه، والدليل على أن الشفاء ليس بيده أنه على الرغم من أدائه الجراحي الدقيق خلال العملية، قد يعاني بعض المرضى من مضاعفات جانبية بعد العملية، كما أنه لم يكن لينجح في عمله لو لم يكن معه كادر طبي مساعد فالنجاح جماعي وليس فردي، ولم يكن ليصل إلى العلم الذي وصل إليه لو لم يكن له أهل يساندونه ووالدين يدعوان له بالتوفيق فهم أيضا شركاء في كل نجاح يصل إليه. مهنة متطورة يعتقد الدكتور عبدالله قاسم، استشاري ورئيس قسم جراحة الأعصاب، بمستشفى راشد في دبي، بأن مهنته من المهن المتطورة التي لا يعتليها الملل أو الروتين، بل هي دائمة التجدد، فكل حالة أو مرض يتم علاجه يختلف عن الآخر، الأمر الذي يتطلب من الجراح أن يكون دائم البحث والإطلاع والتواصل مع العالم للإطلاع على أحدث العلاجات والمستجدات، ولعل المؤتمر الذي أقيم مؤخرا في دبي وحضره الدكتور عبد الله قاسم يترجم ذلك، وهو المؤتمر الخاص بجراحة الأعصاب، الذي أقامته جمعية الإمارات للعلوم العصبية بدبي، والذي يساعد الأطباء على تطوير خبراتهم والبقاء على صلة مع المجتمع الدولي للإطلاع على أحدث ما توصلوا إليه في علاج أمراض الجهاز العصبي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©