الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صديق الخاجة: الاتحاد حقق للمواطن كل معاني الأمن والأمان

صديق الخاجة: الاتحاد حقق للمواطن كل معاني الأمن والأمان
25 نوفمبر 2011 00:10
يتحدث المواطن صديق عبدالله فتح علي الخاجة بكثير من الحماس عن تاريخ الإمارات، الحديث الذي عايشه منذ البدايات، وكان بمتابعته للمشهد عن قرب شاهداً على تلك الحقبة المغمسة بالمشقة والإصرار. ويستعيد رئيس مجلس آباء أبوظبي (1971 - 2005) تفاصيل الستينيات والسبعينيات، وكأنها ماثلة أمامه بشخصياتها وأحداثها ومفردات الموقف، ولا تخونه الذاكرة للإجابة عن أي سؤال مهما كانت معلوماته غارقة في صفحات الماضي، لأنه متمكن من أدواته وواثق بكل كلمة يقولها. رجل أكسبته قصص الصحراء وصولاتها وجولاتها ثباتاً وعزة كلما باح منها بجزء، تنبه من يستمع إليه إلى أن مازال هنالك الكثير مما لم يذكره بعد. (أبوظبي) - سنوات الاتحاد الأربعون تبدو واضحة في ملامح وجه صديق الخاجة وعلى بشرته التي اتخذت لونها من حرارة الأيام وملوحة البحر ورمال الصحراء. وعدا عن انسيابية الحديث معه، فإن اللافت بكلامه استعماله للعبارات الإنجليزية بطلاقة، يقول إنه اكتسبها من تدريبه مع الإنجليز في معهد التدريب المهني بجزيرة داس. يقول “كنا قبل الاتحاد إمارات متناثرة، وكان خيارنا واضحاً، هو اتحاد دولة الإمارات، لذا بدأ المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يرحمه الله بالتفكير في أنه لا بد من تكتل شعوب الإمارات وقتها وليس التفرق. ثروة البلاد ويذكر الخاجة أن الشيخ زايد تنبه منذ تلك الفترة إلى أهمية المنطقة وثرواتها، وبذل مع أخيه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم يرحمه الله. جهوداً متصلة لإرساء الاتحاد وعملا على مدى سنوات لتحقيق هذا الحلم، إلى أن لمعت فكرة الشيخ زايد بتأسيس دولة الاتحاد وكان له ما حلم به في 2 ديسمبر 1971”. وهكذا انضمت إليهما فورا كل الإمارات ما عدا رأس الخيمة التي تأخرت بضعة أشهر لأسباب خاصة، وما لبثت أن أعلنت انضمامها لاحقاً. “وبهذا شكلت الإمارات السبع رمز التكاتف الوطني المنتصر بكل ما يحمله الرقم 7 في العلم من معاني الإعجاز والانتصار”. أول 4 سيارات ويستعيد الخاجة، مشقة أيام خلت عندما كانت الطريق من العين الى أبوظبي تستغرق 7 أيام بلياليها على الإبل بلا وجود للاستراحات، “كنا ننقل أغراضنا على الجمال وبالكاد تكفينا المياه وكل ما يحوط بنا يتطلب الجهد. ولم نكن نتوقع أن حكمة الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان سوف توصلنا إلى كل هذا الرخاء والتطور الذي نحمد الله على أننا ننعم به اليوم”. ويعود بشريط ذكرياته إلى منتصف الأربعينات، ويتحدث عن أول 4 سيارات قدمها الإنجليز إلى أبوظبي، وكلها خضراء اللون من طراز فورد، مشيراً إلى أن إحداها تعرضت لحادث وانقلبت خلف منطقة المقطع، فكان لا بد من إرسالها إلى البحرين للقيام بتصليحها وقد استغرق الأمر 3 أشهر. ويذكر الخاجة أنه في ذلك الزمن لم يكن من السهل تصليح السيارات، وكان سائقو الشيوخ الذين تم إرسالهم إلى البحرين لتعلم القيادة، يجتهدون في أعمال ميكانيك السيارات أو تلحيم الإطارات وهكذا. “كانت الحياة صعبة ولا شيء فيها من مظاهر العيش إلا الرطب والسمك ومياه الآبار. وأي أمر نحتاجه كنا نحاول توفيره بجهد ذاتي، وذلك حتى أواخر الخمسينيات”. حفاوة وتقدير وهنا يستطرد الخاجة برواية حادثة تعود إلى عام 1960. “كنا متجهين إلى مطار أورلي عن طريق بيروت، حيث تمكنا من الحصول على تأشيرة دخول، وعندما وصلنا الى الأراضي الفرنسية كانت بحوزتنا العملة البحرينية التي كنا نستعملها وقتها وهي الدينار. تعجب الفرنسيون منا ومن عملتنا، فأخبرناهم وقتها أن كل دينار يساوي 10 فرنكات. ومع ذلك لم يتعرف إلينا أحد، حتى أن السفارات لم تكن تمنحنا التأشيرات إلا بصعوبة فائقة. إذ لم تكن لدينا هوية معروفة ولا حتى عملة، لأننا كنا نعتمد على الروبية الهندية”. وفي المقابل، يذكر الخاجة أنه في الثمانينيات كان يقوم بمهمة في بريطانيا مع الشيخ غانم بن حمدان الفلاحي وحمودة بن علي، وهناك حظي بترحيب في المطار؛ لكون الجميع يعرفون رئيس دولة الإمارات وقتها الشيخ زايد يرحمه الله. “هكذا أصبحنا بعد قيام الاتحاد الذي أتى إلينا بالخير، شعارنا واحد وعلمنا واحد، أينما حللنا نستقبل بالحفاوة والتقدير”. ويشير إلى أشهر أقوال الشيخ زايد خلال حرب 1973، والذي لطالما استشهد به الكونجرس الأميركي “البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي”. ويقول “الاتحاد منح كل مواطن إماراتي عزة وأمناً وأماناً، وقد بذل الشيخ زايد بحكمته وإصراره الكثير من الجهد والسهر حتى وصلنا إلى هذه المكانة من مستوى العيش الرغيد”. تدشين البترول ويصل في مشوار الذكريات إلى عام 1963عندما تم تدشين أول شحنة بترول في جزيرة داس. “كان ذلك على بعد 180 كيلومتراً شمالي غرب أبوظبي، حيث كان التنقيب عن البترول، وقد حضر الحفل قادة من الخليج، وأذكر هذا اليوم تماماً لأنني كنت حاضراً وكنت وقتها رئيس الطلبة في معهد التدريب المهني الإنجليزي في جزيرة داس”. ويشير هنا إلى كلام الشيخ زايد حين قال “المال إن لم يسخر لخدمة الشعب ليس منه فائدة”. ويعلق الخاجة قائلاً “الحمد لله كما قال فعل وأكثر. وهو منذ ذلك الوقت أي عام 1963 بدأ يفكر فعلياً في ضرورة قيام الاتحاد”. وفي ذكرياته عن مسيرة الاتحاد، يشير صديق الخاجة إلى أنه مع انعقاد أول اجتماع لوضع لبنة التكاتف الوطني، كان من ضمن فريق العمل المساعد لأعيان أبوظبي. “كان يعرف بـ”اجتماع غنتوت” في السميح، وهي المنطقة الواقعة خلف السمحة. وكنا نقوم بمهام السكرتارية، ونتابع عن قرب تطورات الأمور التي حصلت بمثابرة عالية، حيث كان معالي أحمد خليفة السويدي ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، ينقل إلى حكام الإمارات بأمانة، وجهة نظر الوالد الشيخ زايد وأفكاره النيرة التي أدت إلى توحيد الكلمة والموقف”. وبفرحة التعبير، يسترجع خاجة سنوات عمله، لافتاً إلى أنه في تلك الفترة كان يعمل كمدير لحركة المواصلات في أبوظبي، ومن ثم عمل في مصلحة الجمارك، حيث تولى مسؤولية المنطقة الغربية. وكان كجميع المواطنين مبهورين بأداء الشيخ زايد في المباحثات الوطنية التي كان يجريها مع إخوانه الحكام، والتي استغرقت نحو سنتين حتى رأى الاتحاد النور. “هي فكرة عظيمة للشيخ زايد التي مازالت كلماته تصدح عندما يقول “الاتحاد قوة ولم شمل”. وعندما يستعين بالمثل “قوم تعاونوا لا ذلوا”. زايد القائد ويقول الخاجة في زايد القائد “هذا الرجل الاستثنائي كان يعتمد على مشورة العقلاء. يسمع ويحلل ثم يقرر الأفضل ويعطي أوامره بالتنفيذ ويتابع بنفسه الإشراف على التنفيذ. وبهذه الميزات جعل الصحراء القاحلة جنة خضراء ينظر إليها الجميع بانبهار. لم يكن يكترث بالمعوقات وكان شعاره “ليس هناك ما هو مستحيل، وإنما بعض الصعاب. ونحن بالتنسيق فيما بيننا قادرون على تذليلها”. وهكذا إلى أن أعلن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وعم الخير على الجميع”. تواضع يتابع صديق خاجة واصفاً المشهد غداة 2 ديسمبر 1971. “الفرحة كانت غامرة بهذا الإنجاز العظيم، ومع كل يوم يمر كنا نلتمس حكمة القائد بما كان يخطط له. بدأنا نرى المدارس والمعاهد والجامعات والكليات المدنية والعسكرية، وننعم بالماء والكهرباء، وأصبحت الخدمات الصحية متوفرة لكل فرد في ضواحي المدن والمناطق النائية. وبدأت الدولة توفر لكل مواطن تسهيلات الطبابة المجانية والتعليم المجاني والزواج والمسكن والوظيفة، وكذلك الحصول على راتب تقاعدي بما يضمن كرامة الجميع”. ويتحدث الخاجة عن تواضع الشيخ زايد الذي كان يقول للمحيطين به “عاملوني كما لو أنني فرد بينكم، لا داعي للمجاملات الزائدة، طالما أنه لا يوجد في المجلس وفود رسمية. دعونا نتعامل مع بعضنا كما الأخوة. أريدكم أن تعبروا لي عما في داخلكم من هواجس وأفكار”. ويشير الخاجة إلى أنه لهذه الأسباب مجتمعة كان الشيخ زايد محبوباً من الجميع، ولم يكن يرحمه الله يحتاج إلى الحرس في تنقلاته، وكان المواطنون يتباركون فيه، وأكثر من ذلك، لطالما كان يقدم النصح للحكام العرب، ولم تجتمع أمة على محبة حاكم وتقديره كما كان لزايد الخير. وقد تمر قرون عدة قبل أن يتكرر مثل هذا الرجل الحكيم”. وقال الخاجة إن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، تحقق فيه فعلاً مقولة “خير سلف لخير خلف”. “فقد تربى سموه في كنف والد عظيم أخذ منه كل الصفات الحميدة التي أهلته ليمسك الشعلة بيده ويمضي بها بكل أمانة محافظاً على النهج نفسه والعهد والمصير. وأضاف: دولة الإمارات معه في أياد أمينة وهي تشرف الوطن العربي كله، وتثبت يوماً بعد يوم أنها رمز يحتذى به للتقدم الحضاري والاقتصادي، ولا يمكن مقارنتها إلا مع كبريات الدول، وقد يكون ما لدينا من تألق شامل اليوم، أكثر بأضعاف مما تملكه كبريات الحكومات على مستوى العالم”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©