الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النشاط والخمول وما بينهما

النشاط والخمول وما بينهما
4 ديسمبر 2014 00:25
عبداللطيف فدواش قال الشاعر والكاتب صلاح بوسريف: إن «ما يجري من أحداث في العالم العربي، وما طرأ من مُتغَيِّراتٍ على سياسات بعض دول المنطقة، قد يكون لِه بعضَ التأثير في المؤسسات الثقافية، أو في طبيعة التَّوَجُّهات والبرامج الثقافية لهذه المؤسَّسات، خصوصاً، المؤسسات المرتبطة بهذه الدول»، مشيرا إلى أن «ما حدث في مصر كان له تأثير واضح على المؤسسات الثقافية، وعلى سير هذه المؤسسات، وإدارتها. ولعل في اعتصام المثقفين المصريين في مقر وزارة الثقافة، ورفضهم لقرارات وزير الثقافة الذي كان عَيَّنَه الإخوان على عهد مرسي، ما يمكنه أن يشير لبعض التأثير، وما حدث من مواجهات، وتغييرات في مواقع المسؤولية والقرار». أما في المغرب، يقول صلاح بوسريف، الرئيس السابق لاتحاد كتاب المغرب بالدار البيضاء، وأحد المؤسسين لـ»بيت الشعر» بالمغرب، «لا أعتقد أنَّ المؤسسات الثقافية، عاشت وضعاً كهذا، أو أنَّ الأحداث الجارية، كان لها تأثير على المشهد الثقافي في المغرب، بعكس ما يمكن أن يحدُث في بعض البلدان العربية التي، إما أنها قريبة من هذه الأحداث، أو هي في قلب هذه الأحداث». فالمغرب، من وجهة نظر بوسريف «لا يعيش على إيقاع الأحداث الجارية، بشكل مباشر، رغم أنَّ المغربَ كان له موقف واضح من الإرهاب، وهو طرف مشارك في محاربة الإرهاب، وتفكيك شبكاته، وبعض خلاياه النائمة». وضع استثنائي وأوضح بوسريف أن «هذا الوضع الاستثنائي جعل من سير المؤسسات الثقافية في المغرب يكون بنفس وتيرته السابقة، بمعنى أنَّه لم يخضع لأي ضغط له علاقة بهذه الأحداث، رغم خطورتها وجسامتها، وما تشكله من تهديد للجميع. فوزارة الثقافة حرصت على تقديم كل أشكال الدعم التي دأبتْ على تقديمها للجمعيات الثقافية والفنية، ولِناشِري الكتب والمجلات، وأيضاً دعم السينما، والمهرجانات المسرحية والثقافية، بل إنَّ ثمَّة زيادة حدثت في دعم الشأن الثقافي، رغم بساطتها، وهو ما يعني أنَّ المؤسسات الثقافية ظلت تعمل دون أن يحدث تغيير في برامجها، أو في اهتماماتها الثقافية». وقال: إن «المشكلة التي يمكن الحديث عنها هنا، أو يمكن اعتبارها ذات تأثير على العمل الثقافي في المؤسسات الثقافية المغربية، أو في بعض هذه المؤسسات، هو غيابُها شبه الكلي عن المشهد الثقافي، وخفوت برامجها الثقافية، أو تَقَلُّصها بشكل كبير وواضح، رغم ما تتلقاه من دعم، من مؤسسات ووزارات مختلفة»، موضحا أن «اتحاد كتاب المغرب، يعيش حالة بياتٍ ثقافي كبير، وهذا يعود لوجود تفكُّك كبير في مكتبه التنفيذي، الذي جمَّد فيه أكثر من عضوٍ عضويتهم، احتجاجاً على انفراد الرئيس الحالي بسلطة القرار، وبالاستحواذ على سفريات الاتحاد، وتمثيليته في الخارج، دون غيره ممن هم معه في موقع المسؤولية، ثم غياب الشفافية في صرف أموال الاتحاد، وفي طبيعة العلاقات التي أحدثتها هذه المؤسسة مع أطراف، كان الاتحاد إلى وقت غير بعيد، على غير صلة بها». وأضاف الشاعر بوسريف: إن «الأمر نفسه يمكن قوله بشأن بيت الشِّعر، الذي يعيش نفس الوضعية، أو ما يشبهها. فغياب رؤية واضحة في سياسة هذه المؤسسات، وفي برمجة الأنشطة، ونشر الكتب، الذي لا يمر عبر قنوات واضحة، إلى درجة أنَّ لا أحد يعرف معايير اختيار أعمال دون غيرها، وأسماء دون غيرها، جعل من جمعيات ظهرت في السنوات القليلة الأخيرة، وليس لها نفس الدعم الذي تتمتع به هذه المؤسسات، تبدو أكثر جدية في عملها، وفي طبيعة برامجها، واللقاءات التي تعقدها، سواء من حيث قيمتُها، أو نوعيتُها، وأهمية الأسماء المشاركة فيها، مغربياً أو عربياً، وأعني هنا، تمثيلاً، لا حصراً «ملتقى الثقافات والفنون بالمحمدية»، ومختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك». وقال بوسريف: إنَّ «لهذه الأحداث الجارية وقْعٌ على الثقافة، لكن وقعها على المغرب، ثقافياً، غير ذي أهمية، بل إنَّ المؤسسات الثقافية التاريخية في المغرب، هي مؤسسات شاخت، وساد فيها الانحراف، وأصبحت شبه محتلة من قبل أشخاص، هم أنفسهم من يتبادلون المواقع بنوع من التناوب، وهذه هي معضلة المؤسسات الثقافية في المغرب، أي معضلات داخلية، ولا علاقة لها بما يجري خارجها. فالنظر في المرآة، يكفي ليكشف هذا التَّرهُّل الذي تعيش فيه هذه لمؤسسات، وما يحدق بها من تفكك وانفراط». أنشطة ونقاشاتمن جهته قال عبدالمقصود راشدي، أحد الوجوه الجمعوية البارزة في المغرب والمنطقة الأورو متوسطية المتوسطية: إن «الحراك العربي فتح، طبعا، نقاشات جديدة بين مكونات المجتمع المدني في الوطن العربي، وفي طليعتها المغرب، رغم تميزه بطبيعة ثقافية ومؤسسية مختلفة، وكانت المبادرة لحركة 20 فبراير، والحركة الوطنية، استفادة من التراكم المحقق، مما ساهم في تعديل الدستور، الذي يستند إلى المقاربة الحقوقية لدمقرطة المجتمع». وأشار راشدي، الرئيس المؤسس لجمعية الشعلة للتربية والثقافة إلى أن «أنشطة الشعلة ظلت محافظة على إيقاعها، لكن بدينامية متجددة تساير التحولات، التي يعيشها المغرب، والعالم العربي». وأوضح عبدالمقصود راشدي أن «الشعلة خلال السنتين الأخيرتين، نظمت العديد من المبادرات وساهمت في فتح نقاشات بالمجتمع، من أجل تمكين الشباب من آليات التعبير، وتسمح للنخبة بقراءة هذا الوضع»، حيث «نظمت الجمعية ندوة كبرى بالعاصمة الرباط، حول الشباب والتحولات في الوطن العربي، ونظمت أيضا، لقاء آخر في مدينة تطوان، شمال المغرب، حول الطفولة في سياق الوضع الراهن، كما نظمت ندوة ذات طبيعة سوسيولوجية، بمدينة آسفي (250 كلم جنوب الدار البيضاء)، حول التغيرات الاجتماعية بالمغرب، وبالفضاء المتوسطي، بما فيه العالم العربي». ولم يفت عبدالمقصود التذكير بتنظيم «حوارات بين الشباب حول المشاركة والديمقراطية ومحاربة الرشوة»، مضيفا: إن من بين الأنشطة الكبرى للجمعية «ندوة كبرى حول المدرسة العمومية، استمرى على مدى سنة، أفضت أو توجت بنسيج جمعوي حول ضرورة تطوير المدرسة العمومية، من خلال تطوير المناهج، والمضامين، لضمان مدرسة مبدعة منفتحة». وقال عبد المقصود: إن «الشعلة تنظم باستمرار لقاءات لتأهيل مدبري الجمعية في أكثر من 80 نقطة جغرافية، تدبير، يقول عبدالمقصود، يستند إلى المقاربة التشاركية والحكامة، والذكاء الجماعي في قراءة الوضع المغربي على ضوء التحولات التي يعيشها الوطن العربي، من جهة، والفضاء المتوسطي، من جهة ثانية». لذا يضيف: إن «الشعلة تستعد في الشهور القليلة المقبلة تنظيم ندوات وطنية ومتوسطية كبرى، تتقاطع فيها التجارب والخبرات، وتفتح أفقا مشتركا لقراءة ديناميات التحولات المجتمعية، ودورها في التحولات التي يمكن أن تفضي إلى نماذج للديمقراطية القطرية، سعيا وراء تر سيخ ثقافة الديمقراطية بجنوب المتوسط». وأشار عبدالمقصود، المتوج بجائزة العمل الجمعوي بالمتوسط، إلى أن «جمعية الشعلة تستفيد دوما من تواجدها على صعيد المملكة في مختلف المناطق، الشيء الذي يعزز تعددا وتنوعا حقيقيا بين المناطق الحضرية، والشبه حضرية، والمناطق القروية، وكذلك تعددا وتنوعا بين ثقافات محلية وجهوية في ربوع المملكة، جنوبها وشمالها، شرقها وغربها». وأوضح الرئيس المؤسس للشعلة أن «هذا التنوع والتعدد والزخم في التراكمات، التي تعيشها الجمعية، ضمن نسيج جمعوي مغربي قوي في مجال المرافعات حول الحقوق، وحول المساواة، وحول المشاركة السياسية، وحول العدالة الجهوية، وهي طبعا، حسب عبدالمقصود، عناصر لا يمكنها، إلا أن تقوي النسيج الجمعوي، الذي يتميز به المغرب، تميز يشكل إحدى العلامات القوية للتجربة المغربية». وخلص الراشدي، رئيس سابق للمنبر الأورومتوسطي للمنظمات غير الحكومية، إلى أن «آخر نشاط لجمعية الشعلة، وفي إطار مشاركتها في الدورة الثانية للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، المنعقد بمدينة مراكش من 27 إلى غاية 30 نوفمبر 2014 نظمت ورشة ضمن البرنامج العام للمنتدى حول ثقافة حقوق الطفل». وخلاصة أن المؤسسات والجمعيات والمنتديات الثقافية المغربية لم تتأثر بشكل كبير بما يحدث في العالم العربي، إذ ظلت محافظة على إيقاعها، النشيطة استمرت نشيطة، والخاملة استمرت في خمولها، ولم تجدد نفسها، خاصة مؤسسات ثقافية كبرى، مثل اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©