الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فلين» بين الإسلاموفوبيا و«الروسفوبيا»!

21 فبراير 2017 00:53
لا تزال أصداء استقالة «مايكل فلين»، مستشار الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي، تتردد في كل أنحاء واشنطن. والتقارير التي أعدها زملائي مساء الاثنين تبدو وكأنها تجعل موقف «فلين» في البيت الأبيض لا يمكن الدفاع عنه. فقد أظهرت هذه التقارير أن مسؤولين من وزارة العدل حذروا إدارة ترامب من أن «فلين» ربما ضلل البيت الأبيض بشأن نقاشاته مع السفير الروسي – وأنه يحتمل أن يكون عرضة للابتزاز من قبل الكرملين. وبعد توارد التكهنات، قدم «فلين» استقالته قبل منتصف ليل الاثنين. ومع رحيل «فلين» تزداد المكيدة عمقاً. فهناك العديد من الأسئلة التي ما زالت تحتاج إلى إجابات: لماذا انتظر ترامب، الذي كان على علم بتكتم «فلين» لأسابيع، وقتاً طويلاً لإجبار مستشاره على الاستقالة؟ لماذا علم ترامب نفسه مباشرة بشأن محادثات «فلين» مع المسؤولين الروس؟ هل من المحتمل أن يكون «فلين» قد أدلى بادعاءات كاذبة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي اختبره في الأيام الأولى للإدارة؟ هل يستطيع «فلين» مواجهة الادعاء؟ إن الساسة «الديمقراطيين» - وحتى بعض «الجمهوريين» في الكونجرس – يحثون على إجراء تحقيق في شأن «فلين»، وكذلك العلاقات الأوسع نطاقاً لمعسكر ترامب بروسيا. وعلى أي حال، فإن اثنين آخرين من كبار مساعدي ترامب غادرا مناصبهما قبل انتخابات العام الماضي ربما بسبب العلاقات مع موسكو. وقد غرد «بيرني ساندرز» قائلاً إن مغادرة مايكل فلين للإدارة ليست كافية لتوضيح أسئلة لدى العديد منا بشأن علاقات فريق ترامب مع روسيا. وهرع المشرعون الروس بشكل واضح للدفاع عن «فلين» يوم الثلاثاء، وزعم بعضهم أن السبب في الإطاحة به هو الرهاب من الروس «روسفوبيا» المستوطنة في واشنطن. بيد أن فلين، الذي كان يوما ما ضابطاً عسكرياً يحظى بالاحترام، وتحول إلى منشق سياسي انضم في وقت مبكر لحملة ترامب، هو مذنب في التأثر بعقده. وقبل فترة طويلة من التساؤل بشأن علاقاته بروسيا، كان «فلين» معروفاً بأنه يتبنى النظرة العالمية المتطرفة المعادية للإسلام بسبب قيامه بالترويج لنظريات مؤامرة تتعلق بالرهاب من الإسلام (إسلاموفوبيا). وقد كتب «فلين» مغرداً: الخوف من المسلمين هو أمر منطقي، يرجى إرسال هذا إلى الآخرين: الحقيقة لا تخشى من الأسئلة. ومن المحتمل أن يكون خطاب ترامب بشأن الحرب ضد «الإسلام المتطرف» وإعلانه عن صراع الحضارات في جزء منه متأثر بوجهات نظر «فلين» وغيره من المتعصبين في الإدارة. وقد حذر «فلين» و«بانون» وغيرهم، في مواقف مختلفة، من استيلاء الإسلاميين الوهمي على الولايات المتحدة. وفي خضم حماسهم لسحق الإرهاب، فهم يصوبون هجماتهم على الإسلام، الديانة التي يزيد عدد أتباعها على المليار – ككل. كما زعم «فلين» قائلاً إن «الإسلام ليس ديانة حقيقية، بل بالأحرى أيديولوجية سياسية تتخفى وراء الدين». وثار مراراً وتكراراً ضد الاستقامة السياسية المفترضة لهؤلاء الذين يخشون من أن ينفر خطابهم الملايين من المسلمين، ومن بينهم مواطنين أميركيين. وكتب فلين في كتابه الذي صدر العام الماضي بعنوان(ميدان المعركة: كيف يمكننا الفوز في الحرب العالمية ضد الإسلام الراديكالي وحلفائه): (أنه علينا أن نتوقف عن الشعور بأدنى إحساس بالذنب بشأن وصفهم بأنهم قتلة متعصبون يتصرفون نيابة عن حضارة فاشلة). وكتب «كارلوس لوزادا» في صحيفة «واشنطن بوست» بلغة اليوم، يمكن للمرء قول إن «مستشار الأمن القومي لترامب يريد تطبيع الحروب المقدسة». والفارق الرئيسي بين نظرة «فلين» و«بانون» بشأن العالم وتلك التي كان يتبناها أسلافهم في الإدارات السابقة هي أن «فلين» و«بانون» يعتقدان فعلاً أن الجماعات المتطرفة مثل «داعش» تمثل الوجه الحقيقي للإسلام. أما وجهة نظر أسلافهم فهي تتعامل مع الإرهابيين باعتبارهم منحرفين حصلوا على السلطة بسبب خلل وظيفي في الدول الفاشلة. ومع ذلك، فإن التدابير السياسية الغامضة التي اتخذها ترامب وفلين حتى الآن لهزيمة تنظيم «داعش» ليست مختلفة إلى هذا الحد عن تلك التي مارستها إدارة أوباما، والتي يشمئزون منها: مثل قصف الحملات، وزراعة حلفاء محليين وأخذ معركة الأفكار إلى الفضاء الإلكتروني. والأمر المختلف هو التبني الشامل لحرب ثقافية، والتي تبدو عند هذه النقطة هي التكتيك السياسي لإدارة ترامب. يمكنك رسم خط مستقيم يمتد من وجهات النظر المتطرفة لـ«فلين» وآخرين في البيت الأبيض إلى حظر السفر الذي فرضه ترامب على اللاجئين والمهاجرين القادمين من سبع دول ذات أغلبية من المسلمين - وهي الخطوة التي أعيقت في المحاكم لأنها في جزء منها تعكس التعصب المستتر. وقول إن وجهات نظر «فلين» لم تجعله تلقائياً غير مؤهل لتولي هذا المنصب الحيوي والاستراتيجي في أقوى حكومات العالم يعبر تماماً عن الرهاب الإسلامي (إسلاموفوبيا) العميق داخل إدارة ترامب. وليس من المستغرب أن الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق المسلمين ابتهجت لاستقالة فلين. *محرر الشؤون الخارجية في «واشنطن بوست» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©