أكد مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية في دورته الـ22 الذي شهدته القاهرة في الفترة من 16 حتى 21 نوفمبر على أن الثقافة الموسيقية عامل مؤثر في بناء شخصية الفرد ووعيه، وفي التخفيف من أنانيته وحدة توتره وتطرفه بما يضمن الوصول إلى السلام مع الذات والمجتمع، وطالب في توصياته الختامية بالتشجيع على جمع الأغاني والأناشيد الوطنية وأغاني الأطفال في الوطن العربي وتصنيفها بحسب مضامينها وقوالبها الشعرية والموسيقية ونشرها بما يتيح تداولها وإدراجها في مناهج التعليم المدرسي والجامعي، وتوجيه عناية المؤلفين الشباب لخوض تجربة الأغنية الوطنية التي تركز علي حب الوطن وجمع أبنائه وتآلفهم، وتفعيل دور المسرح الموسيقي في التشديد على الثوابت الوطنية والمجتمعية انطلاقاً من التراثات العربية، وتوجيه عناية وسائل الإعلام إلى أن المحافظة على مستوى الغناء الشعبي مسؤولية جماعية مشتركة تتطلب رقابة من قبل هذه الوسائل وارتقاء من مؤلفي هذا النوع من الغناء ومنتجيه.
كما حث المهرجان في توصية خاصة مؤسسات التربية والتعليم في العالم العربي على اعتبار النشاط الموسيقي المدرسي ضرورة وليس ترفاً في تكوين شخصية المتعلم، وطالبها بدعم الطاقات الموسيقية الشابة علي المشاركة في مؤتمر الموسيقى العربية السنوي باعتباره منبراً مفتوحاً لعرض أفكارهم وإبداعاتهم.
وكان المهرجان قد انطلق وسط احتفاء جماهيري وإعلامي كبير من مسرح دار الأوبرا المصرية، وكرمت رئيسته د. إيناس عبدالدايم، رئيس دار الأوبرا المصرية، وجيهان مرسي مديرة المهرجان، 14 شخصية ساهمت في إثراء الحياة الفنية، وذلك بإهدائهم أوسكار المهرجان وشهادة تقدير، وهم اسم الراحلة د. رتيبة الحفني، مؤسس المهرجان وتسلمتها ابنتها علا، الفنانة السورية أصالة، الباحث د. فيكتور سحاب، الصحفي الرسام الشاعر مجدي نجيب، المايسترو عمر فرحات، المايسترو فاروق البابلي، الفنان عازف الإيقاع عبد المنعم السيد، الناقد الفني زين نصار، الموسيقار د. محمد الشيخ، الموسيقار يحيى الموجي، الفنان عازف العود سيد منصور، المطرب خالد عبد الغفار، المطربة أحلام أحمد، فنان الخط العربي سعد عبد ربه غزال.
وشهد الافتتاح عرض فيلم وثائقي تناول تسجيلات د. رتيبة الحفني، التي أهداها المهرجان دورته وأُطلق اسمها على جائزة مسابقته مدى الحياة، وقد روى الفيلم مشاهد من أهم المحطات والذكريات في حياتها الموسيقية والعلمية خاصة تلك التي قضتها في الأوبرا المصرية وأهم مؤلفاتها التي تناولت أهم مطربي ومطربات الزمن الجميل، وقد تم تنفيذ الفيلم بوحدة المونتاج بدار الأوبرا إخراج سامر ماضي.
وضم حفل الافتتاح تقديم فقرة فنية أحيتها الفنانة أصالة بمصاحبة المايسترو يحيى الموجي، حيث قدمت مجموعة من الأغاني لأم كلثوم “ثوار والأمل” وللفنان الراحل وديع الصافي “سهرة حب” وموال “يا ابني”، كما شدت بباقة من أجمل أغانيها الخاصة منها “بناء علي رغباتك”، “أحكي لك أجمل حكاية”، “اسكت بقى”.
وناقش المؤتمر على مدار ثلاثة أيام مجموعة من العناوين، من بينها “الموسيقى والغناء في مواجهة التطرف (تحديات العصر)”، و”الأغنية الوطنية بين القديم والحديث وتأثيرها على المجتمع”، و”الغناء الشعبي بين الماضي والحاضر”، و”الاتجاهات المستقبلية لأغنية الطفل”.
وما بين حفل الافتتاح والختام أقيمت الليالي الستة التي حفلت بتجليات راقية موسيقى وغناء، اختتمها هانى شاكر الذي أمتع جمهوره بصوته العذب بأجمل أغاني زمن الفن الجميل، ثم قام بغناء عدد من أشهر أغانيه منها “هو أنتي لسه بتسألي، نسيانك صعب أكيد” والذي بدا متأثراً بالأغنية الأخيرة، حيث بكى وهو يؤديها وسط تصفيق حار من جمهوره.
وكان من اللافت أن جوائز المسابقة الرسمية للمهرجان طغى عليها العنصر النسائي، فذهبت الجائزة الأولى للفنانة الصاعدة أمينة أبو بكر، وتقاسمت الجائزة الثانية الفنانتان سارة زكي وأنغام مصطفى. وفاز بالجائزة الثالثة الفنان مؤمن أحمد خليل. وتقدم للمسابقة الرسمية في هذه الدورة 22 متسابقاً.
وقد أكدت د. إيناس عبد الدايم على أهمية دور الفن في مواجهة التطرف، واعتبرت أن المهرجان يُعد عيدا للموسيقى والغناء في الوطن العربي، وأنه أحد أشكال التعبير عن الواقع المعيشي باعتبار أن الموسيقي تخلق حالة من التناغم والألفة بين البشر وترتقي بالمشاعر الإنسانية، كما نعت الفنان وديع الصافي، مشيرة لأن الأوبرا ستقيم له احتفالية خاصة لتأبينه.
وقالت عبد الدايم: “إننا نبذل كل ما نملكه من طاقة وجهد ليستمتع الجمهور بفن راق يحترمه ويقدره، ونحاول إدخال الجديد لإثراء موسيقانا العربية لتتبوأ مكانتها بين الموسيقيات، على ثقة بأن الغد سيكون أفضل لأن الموسيقى تدعو إلى حب الحياة والحق والخير والجمال”.
شارك في المهرجان 52 مطرباً ومطربة يمثلون 6 دول عربية وهي مصر، سوريا، لبنان، تونس، الأردن، العراق، وتنقلت حفلاته بين المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية ومسرح أوبرا دمنهور، ومسرح أوبرا الاسكندرية.
كما أقيم على هامش المهرجان معرضان لفنون الخط العربي الأول يضم إبداعات الفنان المكرم سعد عبد ربه غزال، وذلك بقاعة صلاح طاهر، والثاني معرض لـ7 فنانين من فناني الخط العربي وهم محمد يوسف، بلال فتح الله، خليل ضبه، هيثم سلمو، أحمد عبد الباسط، محمد عبد اللطيف، حمدي عبد الرحمن، وذلك بقاعة زياد بكير للفنون التشكيلية بالمكتبة الموسيقية.
عدد اليوم
