الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خالد البدور: نحن في حاجة إلى الشعر

خالد البدور: نحن في حاجة إلى الشعر
20 نوفمبر 2013 00:42
فاطمة عطفة (أبوظبي) - استضاف اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات ـ فرع أبوظبي، مساء الاثنين، في مقره بالمسرح الوطني، الشاعر خالد البدور، في أمسية شعرية، بحضور عدد من الشعراء والمهتمين بالشعر. قدم محمد المزروعي الشاعر قائلاً إنه: “من المؤسسين للقصيدة الإماراتية الجديدة في تفعيلتها ومبتدئها النثري، حيث تنبني قصيدته على شفافية صورية ومشهدية قوية، تستلهم الحسي للذهاب به إلى آفاق تدمج بين المباشر والغامض. وقد كتب البدور بالفصحى والعامية وترجم للشاعر الأميركي جون أشبري، والشاعر البرتغالي يوجينو دي أندريه”. وأضاف المزروعي: “عند النظر إلى ما يقوله الشعر، علينا أن نتوقف عند مجموعة من المنطلقات منها أن الشاعر يكتب من الحلم ومن الخيال الذي هو أجمل ثمرات الوجود. والخيال أوالحلم هو أمر حسي يمارسه كل إنسان بشكل يومي في روحه وفي عقله الذي هو أعلى قمة في الجسد. الفرق أن الذي لا يكتب الشعر، قد يستغل حلمه وخياله في أمور أخرى، بينما الشاعر يحس أنه يحمل (مهمة) أو (رسالة) هي (أن يقول) نفسه، ولربما نفوس من حوله ومن عاش قبله ومن سيأتي بعده”. في مستهل الأمسية حيا الشاعر البدور الحضور وشكر اتحاد الكتاب على دعوته قائلا: “يبدو أننا بحاجة إلى الشعر في مثل هذه الأيام”. بهذه الكلمات البسيطة والمعبرة بدأ الشاعر أمسيته بقصيدة أشبه ما تكون بالبوح الوجداني لعاشق يحتضن في قلبه مفردات الكون من حوله وينسج من خيوطها الذهبية الملونة قصيدته، رقيقة دافئة غامضة. من مطلع القصيدة: “شئت اليقين إثر اليقين”، نرى الشاعر يتحول بحركة خاطفة إلى فضاء آخر: “ودفنت الآمال بيدي”. والشاعر الذي لا يغادر طفولته يظل يرى العالم بدهشة وتعجب وكأنه يكتشفه لأول مرة. لذلك كان في القصيدة كثير من الأسئلة والتساؤلات: “أي الطرقات أسلك إليك؟/ أي مستقبل أنظر؟/.. أطلب المغفرة من الأقدار/ أم أصعد بحثا عن معجزات تعيد ترميم الروح؟”. ومع أن الشاعر يوحي لسامعيه بأنه مع الفرح: “تتفجر الينابيع تحت قدميها... السحابة أيضا تنقشع عن وجه الشمس... ويثمر شجر الليل”، على الرغم من أنه متعب ويقول في مقطع آخر “مر زمن طويل وأنا أسير”، لكنه يؤكد في ختام أنشودة الحب: “في عمق الصحراء... وجودك يدل على الطريق”. الشاعر لا يمكن أن يقودنا إلى اليقين الذي أشار إليه في مطلع قصيدته لأنه مسافر في الأحلام، وغالبا ما تكون أحلام الطفولة بكل ألوانها وغموضها وسحرها وحتى قسوتها. وهذا ما عبر عنه الشاعر في قصيدة عاد بنا فيها إلى أيام المدرسة: “صبي لم يبلغ السابعة بعد/ يحدق في الباب الحديدي”. هل هناك أقسى من صورة ذلك الباب التي ما زالت عالقة في ذاكرة الشاعر وهو “يمد يديه للعصا...” على الرغم من مرور عشرات السنين؟ والقصيدة تبدأ من برودة الجو لينقلنا إلى جو آخر أشد برودة: “قارسا كان الهواء/ بينما أقف مرتجفا في طابور الصباح”. وفي قصيدة أخرى بعنوان “ضوء” يحاول الشاعر أن يلتقط أيامنا الهاربة التي نتمنى أن نحافظ عليها ماثلة في الصور، بدءاً من رمز الطفل (الفجر) المتعلق بأمه، والذي يراها في كل امرأة: “الخامسة فجرا/ حين يكون القلب على هيئة امرأة/ طاردتني صورنا/ خرجت من الألبومات المكنوزة في الصناديق/ مددت يديّ أجمعها/ تطايرت الصور في فضاء غرفة الجلوس...”. عندما يقرأ الشاعر قصيدته يعطيها إيقاعها الموسيقي محملة بمشاعره، لكن كل قصيدة من القصائد التي قرأها خالد البدور بحاجة إلى أن نعيد قراءتها أكثر من مرة حتى ندخل في ثنايا نسيجها الفني الجميل. القصيدة لا تكشف للمستمع عن أسرارها الجمالية دفعة واحدة، ولا بد من قرأتها أكثر من مرة، خاصة أن الشاعر البدور سينمائي تمتزج في عبارته اللقطة الفنية بالدلالة الرمزية ليشكل مشهداً ملوناً من الرؤى والأحلام توحي بالأشياء، بعيداً عن رتابتها الواقعية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©