الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شبح التصحيح السعري يخيم على بورصات العالم

شبح التصحيح السعري يخيم على بورصات العالم
13 ابريل 2007 00:26
إعداد- هديه سالم: ساهم ارتباط أسواق المال العالمية وزيادة التدفقات المالية عبر الحدود بشكل كبير في امتداد التأثيرات السلبية على البورصات وهذا ما تبين عندما تعرض الاقتصاد العالمي لهزات عنيفة في العقدين الماضيين تأثر من جرائها الشرق والغرب على السواء· ويشير ويليام رودس، النائب الأول لرئيس مجلس إدارة سيتي جروب والرئيس التنفيذي لمجموعة ''سيتي بنك'' العالمية إلى أن الفوضى التي شهدتها أسواق المال العالمية أمر متوقع في ظل اعتماد الاقتصاد العالمي على بعضه إلا أن النظرة الإيجابية العامة هي سيدة الموقف فعلى الرغم من التذبذبات التي حدثت في الأشهر الماضية فإن الاقتصاد الكلي لا يزال جيداً· من جهة أخرى يأمل ويليام رودس أن تكون هذه الاهتزازات هي بداية للوعي الاستثماري بين أوساط المستثمرين، ويوضح في مقال في صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' أن الأسواق الناشئة لا تزال تشق طريقها نحو النمو وهذا ما يتبين من مراقبة أداء أسواق الهند والصين إلى جانب أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية وروسيا ودول الشرق الأوسط التي تشهد طفرة اقتصادية مدفوعة بارتفاع أسعار النفط والغاز في ظل وجود كم كبير من الأموال التي لا تقارن في حجمها عن تلك الموجودة في فترة السبعينيات حيث كانت الأموال تستثمر في مناطق أخرى· وتمتد النهضة الاقتصادية إلى أفريقيا التي تمتلك من الثروات الطبيعية والموارد الاقتصادية بما يكفي لأن تقام على أرضها نهضة لم تشهدها من قبل كما نرى تحسن كبير في الاقتصاد الياباني ومواصلة الولايات المتحدة دورها البارز في الاقتصاد العالمي الذي أدى إلى مستوى نمو وصل إلى أكثر من 3 في المائة عام 2006 بغض النظر عن انحسار النمو في الربع الرابع إلى 2,2 في المائة· ويوضح الرئيس التنفيذي لمجموعة ''سيتي بنك'' العالمية أن معظم الأخبار الإيجابية جاءت بسبب توفر حجم هائل من السيولة التي توزعت على شتى الفرص حول العالم· ويرجح أن هذا يعود إلى السياسات النقدية التي طبقها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (المركزي الأميركي) والحوافز المالية التي قدمتها الإدارة الأميركية إلى جانب التوسع الاستثماري الواضح في مختلف المجالات وضيق الهوامش بين سعري العرض والطلب·· كل هذا أدى إلى تحفيز النمو لكنه كان ضمن إطار من المخاوف اتجاه بعض التجاوزات والمشاكل الخاصة المتعلقة بقطاع الإسكان وغيرها من المسائل الأخرى· ويذكر ويليام رودس أن الفترات التي تشهد توسعاً اقتصادياً تميل لأن تستمر كذلك على نفس الوتيرة إلى ما بين خمس وسبع سنوات· وبما أن الولايات المتحدة على أعتاب دخول عامها السادس من التوسع يوضح رودس''معنى هذه السنوات الستة وما ستحمله السنوات المقبلة من أخبار بقوله: '' أعتقد أن الإثنى عشر شهراً المقبلة ستشهد تصحيحاً حقيقياً للسوق هذه المرة، وتطرقت لأمر شبيه بهذا في الربيع الماضي من عام 2006 أثناء اجتماعات بنك التنمية الأميركي في البرازيل وبعده في شهر مايو من نفس العام حدث تصحيح طفيف للأسواق ولم يستمر طويلاً كما أنه لم يكن بتلك الفاعلية الكبيرة المؤثرة وبعمق في السوق ونشير لكلمة ''طفيف'' هنا بسبب ما تركه هذا التصحيح من انطباع لدى الأشخاص محدودي الخبرة في الأسواق من أنه سيكون بداية الصعود· ويجب أن ينظر تطورات الأحداث في السوق خلال الأسابيع القليلة الماضية باعتبارها إنذارا وما بدا جلياً في اقتصاد الولايات المتحدة من تضخم ونمو بطيء إلا أن رودس يعدها طريقاً نحو تصحيح جوهري في السوق العام المقبل· ويذكر أن عمليات التصحيح الكبيرة التي حدثت في عدد من الاقتصادات الآسيوية في تايلاند عام 1997 وكوريا الجنوبية وتبعتها روسيا عام 1998 والتي أدت إلى إنقاذ صندوق التحوط الأميركي لم يتواجد في حينها ذلك الكم من المضاربين الكبار في السوق مثل الوقت الحالي كما تلعب صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة وممن يعمل في مجال الائتمان دوراً حيوياً مهماً· الجدير بالذكر أن مصدر القلق الرئيسي ليس التضخم أو النمو أو أسعار الفائدة وإنما هو طبيعة التصحيح المقبل ومدى تأثير المضاربين الجدد إما بالسلب أو الإيجاب وفي كلا الحالتين فإن الوقت قد حان لبث المزيد من الوعي الاستثماري من وإلى مختلف الجهات· قلق من الركود ''عندما يقرر مديرو صناديق التحوط التقنية بيع كل شيء وتسييله يمكن القول إن هناك أمرا ما يلوح في الأفق وبالتأكيد فأنه ليس إيجابيا''·· هكذا بدأ جون أوثرز مقاله في صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' مشيراً إلى ما حدث في شهر مايو من العام الماضي عندما قام كودي ويلارد الذي يجمع بين إدارة أحد صناديق التحوط والظهور على شاشة تلفزيون CNBC الاقتصادية والكتابة لعدد من المطبوعات من بينها الطبعة الأميركية لصحيفة ''فاينانشيال تايمز''· كان ويلارد مضارباً كبيراً في البورصة وفي شهر مايو العام الماضي قرر بيع معظم ما لديه من أسهم شركات التقنية مع الاحتفاظ ببعض الأسهم التي تعود إلى شركات مايكروسوفت وأبل· وتبين هذه ''الشجاعة'' في اتخاذ مثل هذا القرار الذي تبين مدى حكمته ونظرته للأمور جعلت من ويلارد واحداً من الشخصيات الرائدة في ''وول ستريت'' حتى حذا حذوه الكثير من الأشخاص· وعانى قطاع التقنية من هبوط حاد في شهر مايو الماضي حيث هبط مؤشر ناسداك لشركات التقنية الكبرى لأكثر من 10 % وهذا ما انعكس على الأسواق الناشئة في أنحاء العالم· ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى القلق الذي بدا يساور المستثمرين حول انكماش قادم في السيولة يغذيه ما صدر من أقوال لبنك الاحتياط الفيدرالي عن مخاطر التضخم مع قيام بنك اليابان المركزي إلى رفع معدلات الفائدة فوق الصف· الجدير بالذكر أن بيانات الأسعار الاستهلاكية والإنتاجية في أميركا أظهرت أن معدلات التضخم لم تكن بتلك الخطورة التي كان يخشاه العديد من الجهات سواء شركات أو أفراد مما هدأ من روع النفوس اتجاه المخاوف من انكماش السيولة، وهذا الأمر قاد بشكل تلقائي أسواق المال العالمية الكبرى إلى موجه من الازدهار من خلال مستويات عالية استمرت ثلاثة شهور· والمفارقة العجيبة أن الأسواق سادتها حالة من التفاؤل فيما يتعلق بمستقبل معدلات الفائدة في حين أن كافة أنحاء العالم تقريباً تتوقع حدوث ركود اقتصادي نوعاً ما· وهذا ما أظهرته تقارير الدراسات الاقتصادية في تلك الفترة تلك التقارير التي عادة ما يعدها المحللون في الصباح الباكر للمتداولين قبل افتتاح الأسواق المالية ومثال على هذه العناوين ما تصدره النشرة الصباحية لشركة '' آر بي سي جرينويتش كابيتال'' والذي تقول فيه: إن السوق تتجه نحو التضخم وارتفاع معدلات البطالة والنمو المنخفض، والحال لم يكن بأفضل من سابقه في نشرة شركة ''هاي فريكونسي إيكونوميكس'' التي ذكرت في أحد عناوينها: على الرغم من أن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية توحي بالإيجابية إلا أن الأمور في حقيقتها لا تبدو كذلك·· إن الركود بشكل عام يشكل خبراً سيئاً لجميع الأسواق المالية حيثما كانت رغم أنه يبدو خبراً ساراً لمن يخشون من أن تقوم البنوك المركزية بامتصاص السيولة من النظام وصدرت مؤخراً دراسة ميدانية أجرتها جامعة ميتشيجان تشير فيه إلى وجهة نظر المستهلك الأميركي اتجاه اقتصاد الولايات المتحدة فتبين من خلال النتائج النظرة التشاؤمية التي تسود عامة الناس بسبب ما يتوقعونه من ارتفاع معدل التضخم·· وماذا عن ويلارد؟ إنه يفكر في العودة إلى السوق لكنه يبدو متشككاً في هذا، إذ يقول: إن الخوف سيد المواقف على اختلاف الحالات والإشارات''· أصداء الانهيار ونظرية ''المغفل الأكبر''! تبدو الأحداث غير المألوفة في أسواق المال العالمية، التي حدثت مؤخراً، أشبه بانفجار فقاعة الـ ''دوت كوم'' التي حدثت قبل سبعة أعوام، في حين أنها عند البعض الآخر تتخذ صورة مقارنة لما حدث في نهاية الثمانينيات عندما هبط مؤشر ''داو جونز'' 500 نقطة وهو ما يعادل اليوم 2500 نقطة· من يتنبأ بحدوث وضع مماثل سيتهم بالجنون إلا أن الكارثة لا تزال عالقة بالأذهان حتى هذه اللحظة ففي ذلك الحين كما هو الحال الآن ساد الناس قلق كبير من أن السوق ارتفع إلى مستوى أعلى من اللازم وبسرعة أكبر مما يجب فقد بلغ مؤشر ''داو جونز'' الذروة في شهر أغسطس ·1987 والسؤال هنا: لماذا انهارت السوق؟ لقد أظهر الاستطلاع الذي أجرته جامعة ييل على مجموعة من المستثمرين الأميركيين إلى أن السبب الذي تردد على لسان معظمهم هو أن السوق كانت ضمن إطار قيمة أعلى من سعره الحقيقي ومن هذا المنطلق طرح الاستطلاع سؤال آخر حول ما إذا كان يعتقد المستثمرون أن الانهيار نجم عن سبب معين كالأرباح أو سعر الفائدة أو الحالة النفسية للمستثمرين، والمفاجأة أن ثلاثة أرباع (75%) المستطلعين أشاروا إلى السبب الأخير، أي الحالة النفسية للمستثمرين· إذا لماذا استمروا في الشراء قبل الانهيار؟ الإجابة على هذا تكمن في نظرية ''المغفل الأكبر'' والتي تقول: مع إدراك الشخص بأن هذه السلع مغال في سعرها - الذهب مثلاً - فإنه يستمر في شرائها، لماذا؟ لأن سعره ما يزال يرتفع وعندما يحين الوقت سيأتي ''مغفل أكبر'' ليخلصك منها ويستمر الحال هكذا دواليك حتى تتوقف اللعبة ويتضح في النهاية أن ''المغفل الأكبر'' هو أنت! وظهرت عدة تفسيرات لانهيار سوق الأسهم في العام 1987 منها الذي يعود إلى تطبيق برنامج تداولات إلكتروني صمم خصيصا لتنفيذ عمليات البيع بشكل تلقائي عند بلوغ نقطة معينة إلا أن صعوبة توقع نقاط الدخول والخروج على مجموعة الأسهم وعدم وجود نظام ''ستوب لوز'' أدى إلى أن تواصل الكمبيوترات عمليات البيع لبعضها البعض ما أشاع الفوضى الذي جرى وراءه انهيار لم يكن في الحسبان· واليوم قد تبدو هذه البرامج البدائية مثار للسخرية في ظل وجود عمليات إلكترونية معقدة تحتاج إلى محللين مهرة· إن ما حدث من انهيار في ذلك الوقت لم يؤدِ مباشرة إلى انهيار أسواق المال العالمية الأخرى إلا بعد حين من الزمان مثلما حدث في سوق طوكيو الذي لم يكترث لانهيار ''داو جونز'' واستمر في الاتجاه الصاعد طوال عامين آخرين وفي نهاية 1989 وصل إلى مستوى أعلى بمعدل 50 % وحينها انهار انهياراً حقيقياً· والواقع أن الانهيار الذي حدث لـ ''داو جونز'' اتضح فيما بعد أنه كان بالفعل مجرد فرقعة في سوق استمرت في اتجاه صعودي لفترة طويلة دامت حتى عام 2000 وبالمقارنة كان مؤشر نيكاي في طوكيو مازال أقل من نصف مستوى الذروة التي بلغها في ·1989 إذن هل نحن اليوم أمام مزيد من الانهيارات الكبرى؟ هنا يتذكر الكاتب مقولة قالها أحدهم ولا تزال ترن في أذنه وهي باختصار: ''لو كنت أعلم ما سيحدث لأصبحت ثرياً لكنني أشك في ذلك وأشعر بالقلق حيال ما يمكن أن يحدث''· إن الأمر في الواقع لا يتوقف عند المبالغة في سعر الأسهم وفقط وإنما الأهم من ذلك الغلاء الذي بدأ يحيط بنا من جميع الجوانب فكل شيء بدأ في الصعود من نفط وذهب وغيرها من السلع· وفي المملكة المتحدة عام 1987 مر الانهيار بسرعة واستعادت الأسواق عافيتها واستمرت في طريقها نحو الصعود ثم بعد عامين تراجع التضخم وارتفعت أسعار الفائدة 15 % وحدث ركود في سوق العقارات وتجارة التجزئة ولكن وضع مثل هذا لا يمكن أن يحدث اليوم في ظل التسلح بالمعرفة والوعي الاستثماري بين أوساط صغار وكبار المستثمرين·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©