الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صندوق النقد... ورأب الصدع «اللاتيني»

19 نوفمبر 2013 23:05
“كريستين لاجارد” مديرة صندوق النقد الدولي ذكرت لي في مقابلة أجريتها معها منذ أيام قليلة، أن الصندوق يعمل جاهداً كي لا يصبح الشرير المفضل لدى أميركا اللاتينية. وهناك أسباب وجيهة للقيام بذلك: فمن المقرر أن يعقد صندوق النقد اجتماعه السنوي الأول لعام 2015 في أميركا اللاتينية، حيث تحتضن ليما عاصمة بيرو في 2015 الاجتماع الأول للصندوق في دول أميركا اللاتينية منذ عام 1967، ويتوقع كثيرون حدوث احتجاجات عنيفة أثناء انعقاد الاجتماع. وإذا كان هناك شيء واحد يوحد بين اليسار ويسار الوسط، وحتى أجزاء من اليمين في معظم البلدان في المنطقة، فهو الاعتقاد أن صندوق النقد الدولي قد تسبب في فقر شعوبهم من خلال مطالبته بفرض إجراءات تقشفية أكثر من اللازم في مقابل منحهم قروضا. يعنى صندوق النقد الدولي، ومقره واشنطن، بإقراض المال للدول المثقلة بالديون، والتي تعاني أزمات مالية. ولكن قروض الإنقاذ العاجلة التي يقدمها غالباً ما تكون مصحوبة بشروط صارمة، مثل تخفيضات عميقة في الإنفاق العام، الأمر الذي أثار غضب البلدان المتلقية. سألت “لاجارد”: ألم يرتكب صندوق النقد الدولي أي أخطاء في دول أميركا اللاتينية من خلال المطالبة بالكثير من الإجراءات التقشفية؟ أجابت المسؤولة الدولية “لا أريد إعادة كتابة التاريخ، لكنني سأذكر شيئاً واحداً: أعتقد أننا الآن نعطي مزيداً من الاهتمام للسكان. كما تتضمن برامجنا المزيد من شبكات الأمان الاجتماعي، ونركز كذلك على الفئات التي لا تمتلك الكثير، والتي يجب حمايتها.” ورداً على سؤال مؤداه: هل هذا يعني أن صندوق النقد الدولي يطالب بتقليل الحد من الإنفاق، قالت “لاجارد” “إن الصندوق يطالب بنوع آخر من تقليل الإنفاق يهدف إلى حماية الفئات الأقل فقراً”. وتجنبت “لاجارد” استخدام كلمة “أخطاء” قائلة هناك سؤال مفتوح حول ما إذا كان يتعين على الدول التي تعاني أزمات أن تأخذ علاجها “بشدة وسرعة” أو أن تأخذ “علاجاً أكثر اعتدالًا على مدى فترة أطول من الزمن”. مؤخراً، كان هناك تأييد متزايد للخيار الثاني، بحسب ما قالت المسؤولة الدولية. كما أوضحت “لاجارد” أن صندوق النقد الدولي قام بتقديم، من بين أمور أخرى، “خطوط ائتمان مرنة” لمساعدة الدول على تعزيز احتياطاتها الأجنبية وتجنب الأزمات المالية، إلى جانب برامج مشروطة أكثر تركيزاً تسعى إلى تجنب إلحاق الضرر بالفقراء. وعلاوة على ذلك، فقد أصبح صندوق النقد أكثر مرونة فيما يتعلق بإجراءات دول أميركا اللاتينية للسيطرة على تحركات رأس المال، والتي كان يعارضها حتى وقت قريب، كما “يحرز تقدماً” في المحادثات الخاصة بمنح تمثيل أكبر للدول الناشئة في مجلس إدارته. وبسؤال “لاجارد” عما إذا كانت تشعر بالخوف من أن يقوم المحتجون بإلقاء البيض عليها عند ذهاب الصندوق للانعقاد في ليما، بيرو، في 2015؟ قالت: “فليكن ما يكون، أنا شخصياً أتطلع لاجتماع 2015 في ليما.” وأضافت أن صندوق النقد يعمل “بصورة وثيقة للغاية” مع بيرو التي سوف تستفيد إلى حد كبير من حضور ما يقرب من 15 ألف زائر أجنبي لحضور الاجتماع. وردا على سؤال حول التوقعات الاقتصادية لصندوق النقد الدولي بالنسبة للعام المقبل، قالت إن “عام 2014 سيكون أفضل قليلًا من 2013 في جميع المجالات، “حيث تحقق الدول الغنية انتعاشاً أسرع إلى حد ما من الدول النامية. وأضافت أن أميركا اللاتينية ستحقق نمواً بنسبة 3.1 بالمئة خلال العام القادم، مقارنة ب 2.7 بالمئة هذا العام. ورداً على سؤال عن أفضل أداء اقتصادي متوقع في أميركا اللاتينية، أشارت “لاجارد” إلى المكسيك وتشيلي وكولومبيا وبيرو. وحول النزاع الحالي بين صندوق النقد الدولي والأرجنتين فيما يتعلق بإحصاءات التضخم المشكوك فيها في هذه الدولة - حيث تدعي الحكومة أن نسبة التضخم تبلغ حوالي 10 بالمئة، في حين تتفق كل الاقتصاديات المستقلة تقريباً على أنها تقترب من 25 بالمئة- قالت “لاجارد” إن صندوق النقد يحرز “تقدماً إيجابياً” في محادثاته مع الأرجنتين لوضع إحصاءات موثوق بها. وفيما يتعلق بفنزويلا، قالت “لاجارد” إنه بينما لم يكن صندوق النقد قادراً على العمل في الدولة منذ 2003، استناداً على المعلومات المتاحة، “لا أعتقد أن الاقتصاد في حالة جيدة في الوقت الراهن، والاقتصاد سيتعين عليه أن يواجه قضايا سياسية صعبة، ربما قريبا.” كنت أتمنى أن تقدم “لاجارد” اعترافاً واضحاً بأخطاء صندوق النقد الدولي الماضية في أميركا اللاتينية، على الرغم من أنها كادت أن تفعل ذلك. صحيح أن الزعماء في هذه المنطقة استخدموا صندوق النقد الدولي ككبش فداء لسياساتهم غير المسؤولة، لكن الصندوق الدولي قد أخطأ أيضاً باستخدام نفس الصيغ التقشفية لكل البلدان، دون الأخذ في الاعتبار أن الكثير منها لا يمتلك شبكات أمان اجتماعي لحماية الفقراء. والأكثر ترجيحاً أن “لاجارد” تدخر اعتذاراً أوضح عند اجتماع صندوق النقد الدولي في ليما في 2015. أتمنى أن تعترف بأخطاء الصندوق في ذلك الوقت حتى يتسنى للصندوق ودول أميركا اللاتينية ترك الماضي وراءهم والتركيز على المستقبل. أندريس أوبنهايمر كاتب متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة “إم. سي.تي. انترناشونال”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©