الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الحرية الآن».. جديد أنجولا

20 نوفمبر 2015 22:04
من منزلها بعاصمة البرتغال، شاهدت «سيرينا مانشيني» الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة الذكرى الأربعين لاستقلال أنجولا. وعلى مدى عشرين عاماً الماضية، حاولت أن تتجاهل الفوارق الاقتصادية المتزايدة في ظل حكم الرئيس «جوزيه إدواردو دوس سانتوس»، واختارت، بدلاً من ذلك -مثل كثير من الشباب الأنجوليين- أن تحيا حياة متميزة في منفى اختياري. لكن في هذا العام، أجبرتها حركة من الشباب الأنجوليين على تحويل عينيها إلى الوطن والتفكير في أنجولا التي تريد رؤيتها في الأربعين سنة القادمة، وهي الحركة التي يتزعمها شقيقها «لواتي بيراو». تقول «مانشيني»: «كنت أقول له: لا يمكن لشخص واحد بمفرده أن يغير الأمور.. لكنه جعلني أغير رأيي». وقد أصبح «بيراو» الذي قام بإضراب عن الطعام لمدة 36 يوماً الشهر الماضي، الواجهة لدعوة بعيدة الاحتمال لإحداث تغيير سياسي في أنجولا التي تستحوذ على انتباه المجتمع الدولي بسبب الفروق الاقتصادية والكبت السياسي. كانت أنجولا واحدة من أقل البلدان نمواً لأكثر من 20 عاماً، وبالرغم من تضاعف معدل النمو الاقتصادي فيها نحو عشرة أضعاف منذ نهاية حربها الأهلية عام 2002، فإن اقتصاد هذه الدولة التي تعتمد على النفط تراجع بسبب انخفاض أسعار سوق الطاقة بنسبة 60%، ليضرب الأغنياء والفقراء على حد سواء، ويجبر الحكومة على خفض موازنتها لعام 2015 بنحو 25%. وفيما احتلت أنجولا، وهي الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، المركز رقم 161 من بين 175 دولة في مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، يتساءل الكثيرون عما إذا كانت فترة الأعوام ال36 الماضية تحت حكم دوس سانتوس، والـ40 عاماً في ظل حزب «مبلا» الحاكم، كافية. يقول «مانويل إينيس فيرييرا»، خبير الدراسات الأفريقية بكلية لشبونة للاقتصاد والإدارة، إن «الجميع الآن يشكون من الحياة في أنجولا. الطبقة المتوسطة تكافح وتلجأ لاستخدام بطاقات الائتمان. ورجال الأعمال غير قادرين على الحصول على الائتمانات اللازمة لهم، والفقراء يفقدون وظائفهم ولا يستطيعون شراء الطعام». وفي ظل هذه الأجواء من القلق، نجد «بيراو» وغيره من المثقفين والمتعلمين من أبناء النخبة الحاكمة والعائلات الثرية التي استفادت في ظل نظام سانتوس. والعديد منهم من الفنانين المشهورين في أنجولا الذين يستخدمون امتيازاتهم ومواردهم للتنديد علناً بانتهاكات حقوق الإنسان.يقول «أنطونيو توماس»، باحث أنجولي بجامعة ستيلينبوش بجنوب أفريقيا «إنهم يتحدثون لغات مختلفة ويحملون جوازات سفر مختلفة ويعرفون الكثير من الصحفيين في كل مكان، إنهم يخيفون النظام. إن حقيقة أن الأشخاص الذين هم وراء هذه الحملة يأتون من تنشئة متميزة هي أمر غير مسبوق». وحتى وإن كانوا يجلبون اهتماماً عالمياً عبر عمليات القمع الجماعي، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان السكان عموماً يرونهم كصناع للتغيير أم جزءاً من نفس النظام الذي دام أربعة عقود. وبالرغم من كونه نجل الراحل «جواو بييراو»، أحد أقرب أصدقاء الرئيس سانتوس، فإن «لواتي بييراو» كان لفترة طويلة منتقداً للفساد داخل النخبة السياسية في لواندا. ولأنه فنان راب مشهور، فإن أغنياته كثيراً ما تشكك في النظام وتدعو إلى إطاحة الرئيس، مما خلق توتراً مستمراً بينه وبين الحكومة خلال السنوات الخمس الأخيرة. وقد بلغت هذه التوترات ذروتها في يونيو الماضي، عندما ألقي القبض عليه مع 14 ناشطاً بسبب خطابهم المناهض للنظام. وقد دفعت فترة الاعتقال هذه، وما تلاها من إضراب عن الطعام دام 36 يوماً، بالسيدة مانشيني، جنباً إلى جنب مع عدد من الأصدقاء والمعارف من ذوي النفوذ، إلى تشكيل حركة «الحرية الآن» (فريدم ناو)، مطالبين بالإفراج عن الناشطين الـ15 وتنظيم احتجاجات في لشبونة وبروكسل وبرلين. لكن، بينما اضطلعت منظمات مثل «العفو الدولية» وغيرها، بمسؤولية القضية، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الأنجوليون سيستجيبون للدعوة التي أطلقها النشطاء والقيام ببعض الاحتجاجات. يقول أحد الباحثين: «قابلت بعض الأنجوليين من المناطق العشوائية الذين يعتقدون أن بيراو ما هو إلا شقي مدلل في نوبة من الغضب. بيد أن بعض المنظمات في المجتمع الأنجولي وبعض المنظمات غير الحكومية وبعض الفرق الفنية.. تعتقد أنه بطل». وفي الواقع، فإن نفس الأسباب التي تجعل النشطاء في طليعة التغطية الدولية هي التي تمنعهم من التواصل مع سكان أنجولا ككل، والذين يعيش نصفهم على أقلَّ من دولارين يومياً. *كاتارينا مارتينز* *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©