الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

اتساع دائرة الاتهام في فضيحة فساد واحتيال «قطر - باركليز»

اتساع دائرة الاتهام في فضيحة فساد واحتيال «قطر - باركليز»
12 فبراير 2018 23:14
دينا محمود، شادي صلاح الدين (لندن) وجه مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا أمس اتهامات بالفساد إلى «باركليز بنك بي أل سي» في قضية جمع أموال بصورة طارئة من قطر خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، وذلك بعد أشهر من قرار مكتب «أس أف أو» في يونيو الماضي بتوجيه الاتهامات ذاتها إلى المجموعة الرئيسة «باركليز بي أل سي» المشرفة على وحدة «باركليز بنك بي أل سي» المصرفية. وأفاد بيان صادر عن المصرف أن «أس أف أو وجه اتهامات إلى باركليز بنك بي أل سي بارتكاب نفس الجريمة المتعلقة بالقرض التي اتهم فيها باركليز بي أل سي بتاريخ 20 يونيو 2017 المرتبطة بجمع الأموال من قطر، وبتقديم مساعدة مالية لا يجيزها القانون إلى مستثمرين قطريين. ويحظر على الشركات المدرجة في بريطانيا إقراض الأموال لشراء أسهمها وهي العملية المعروفة باسم المساعدة المالية. وقال مكتب مكافحة جرائم الاحتيال في بيان إن الاتهامات ترتبط بالمساعدة المالية التي قدمها بنك «باركليز» إلى شركة «قطر القابضة» في الفترة بين أول أكتوبر و30 نوفمبر 2008، وكانت على شكل قرض بـ2.3 مليار جنيه استرليني (3 مليارات دولار) بغرض مباشر أو غير مباشر يتمثل في شراء أسهم في «باركليز»، بما يخالف البند 151 فقرة (1) والفقرة (3) من قانون الشركات لعام 1985. وأضاف المكتب إن موعد أول جلسة محاكمة سيتحدد في الوقت المناسب. وستجري في يناير 2019 محاكمة «باركليز بي أل سي» وأربعة من مديريه السابقين. ووجهت تهم لكل من الرئيس التنفيذي السابق لـ»باركليز» جون فارلي والمدراء التنفيذيين السابقين روجر جنكينز وتوماس كالاريس وريتشارد بوث بالتآمر لارتكاب عمل احتيالي على خلفية محاولتهم الحصول على تمويل من قطر في يونيو عام 2008. ووجهت المحكمة اتهامات للمصرف ولكل من فارلي وجنكينز بتقديم مساعدة بالمخالفة للقانون على خلفية الاتهامات المتعلقة بجمع تمويل في أكتوبر. ويتعلق الاتهام بصفقة رفع رأسمال البنك عام 2008، بمبلغ 4.5 مليار جنيه استرليني، لتجاوز آثار الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالبنوك البريطانية آنذاك، حيث كان «باركليز» البنك الوحيد الذي لم يحصل على أموال من الحكومة لتجاوز الأزمة. ولتفادي خطة الإنقاذ الحكومية، حصل «باركليز» على قرض بـ 12 مليار جنيه استرليني من شركة «قطر القابضة» في عام 2008. وشارك في الاستثمار القطري بشكل رئيس صندوق قطر السيادي وشركة تشالنجر الاستثمارية التابعة لحمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الأسبق. وبموجب الصفقة، أعاد بنك باركليز قرضا بقيمة 2.3 مليار جنيه استرليني (3 مليارات دولار) إلى شركة قطر القابضة، وهذا هو الجزء الذي يواجه البنك الاتهامات بشأنه. وفي البيان، قال مكتب التحقيقات «إن قرضا بقيمة 2.3 مليار جنيه استرليني كان لغرض الحصول بشكل مباشر أو غير مباشر على أسهم في شركة باركليز العمومية المحدودة». ويعد هذا اتهاما خطيرا لأنه يعلق الترخيص المصرفي الذي يسمح للبنك بالعمل في بلدان مختلفة. وبالتالي، إذا ثبت إدانة بنك باركليز فإنه قد يفقد هذا الترخيص الهام. ومن النادر أن تواجه البنوك اتهامات جنائية في المملكة المتحدة، مما يجعل من الصعب التنبؤ بكيفية تأثر «باركليز» إذا ثبتت إدانته. وذكر البنك في بيان «ينوي بنك باركليز وشركة باركليز العمومية المحدودة استئناف التهم الموجهة لهما..لا يتوقع باركليز أن يكون هناك تأثير على قدرته على خدمة عملائه نتيجة للتهمة التي تم توجيهها ضده». تقويض الثقة إلى ذلك، أكد خبراء اقتصاديون في لندن أن قرار مكتب مكافحة جرائم الاحتيال توسيع دائرة الاتهامات التي تواجه بنك «باركليز» والشركة الأم المالكة له بسبب تعاملاتهما المشبوهة مع النظام القطري، سيقوض الثقة بشكلٍ أكبر في أي تعاونٍ اقتصادي أو مالي بين المؤسسات والمصارف البريطانية من جهة وحكومة قطر أو أيٍ من شركات هذا البلد من جهة أخرى، كما سيزيد الصعوبات التي تواجهها الدوحة في مساعيها لشراء أصولٍ جديدة في المملكة المتحدة. وفي تصريحات لـ«الاتحاد»، أكد الخبير الاقتصادي المقيم في لندن صادق الركابي خطورة التَبِعات التي ستترتب على قرار اتهامٍ «باركليز» بتقديم مساعدةٍ مالية لا يجيزها القانون إلى مستثمرين قطريين، في مقابل خطة إنقاذٍ مالي نجح مصرف «باركليز» بفضلها، في تجنب مواجهة سيناريو التأميم الذي طال منافسيْه «لويدز بانك جروب» و»رويال بانك أوف سكوتلاند»، في غمار الأزمة المالية العالمية 2008، وذلك بعدما رفضت الحكومة البريطانية مد يد العون له وقتذاك. وقد ينطوي تقديم هذا القرض إلى قطر على مخالفةٍ للقانون البريطاني، إذا تبين لمكتب مكافحة جرائم الاحتيال أن هناك ارتباطاً بين الأمرين، في ضوء أنه من المحظور على الشركات المُدرجة في المملكة المتحدة، إقراض أموال لجهاتٍ ستستخدم تلك الأموال في نهاية المطاف لشراء أسهمٍ في تلك الشركات نفسها. وأكد الركابي أن قرار توجيه اتهام ثانٍ لـ»باركليز» في القضية التي يجري النظر فيها منذ سنوات سيؤثر سلباً وبالتأكيد على العلاقات بين النظام القطري والمؤسسات المالية البريطانية، كما سيؤثر على الصفقات المستقبلية التي يمكن إبرامها بين الجانبين». وعزا الركابي ذلك إلى أن الاتهام الجديد الذي يأتي بعد نحو ثمانية شهور من اتهاماتٍ وُجهت للشركة القابضة للمصرف بشأن القضية ذاتها يخل بسمعة العلاقات بين الجانب القطري والمؤسسات المالية البريطانية، ويزعزع الثقة بينهما أيضاً. وأشار إلى أن اختلال تلك الثقة سيمتد كذلك لـ»المستثمرين»، مُحذراً من أن الاتهامات والشبهات المحيطة بالدور القطري في حزمة الإنقاذ المالي لـ« باركليز» وما يرتبط بها من تعاملات، قد تؤدي إلى فرض المزيد من الرقابة على الصفقات التي تشارك فيها قطر في المستقبل سواء في المملكة المتحدة أو مع مؤسساتٍ ومصارف بريطانية، وسيفضي إلى أن تشوب هذه الصفقات والتعاملات التجارية بعض التعقيدات القانونية. وشدد على أن مثل هذه التعقيدات ستجعل المستثمرين يعزفون بشكل أكبر عن الانخراط في صفقاتٍ مع الجهات القطرية، ما سيقلص من الزخم الذي كانت تحظى به مثل هذه التعاملات من قبل. ولم يغفل الإشارة إلى أن اتساع دائرة التحقيق بشأن التعاملات القطرية مع «باركليز» في الفترة التي كان يوشك فيها على الانهيار، قد تلحق أضراراً بالغة أيضاً باستثمارات الدوحة في المملكة المتحدة، والتي وصفها بـ «الاستثمارات الضخمة »، في ضوء أن قطر من أكثر الدول التي تستثمر في العاصمة البريطانية تحديداً. وقال الركابي إن الإنفاق القطري في بريطانيا، والذي يشمل استثماراتٍ في مؤسساتٍ مالية وعقارية يحتاج إلى ضماناتٍ من المصارف وحماية، لكن هذه الأزمة ستؤثر في قدرة قطر على شراء الأصول كما كان الحال في السابق عن طريق الاستعانة بالمؤسسات المالية البريطانية. وأشار إلى أن خسائر قطر جراء التحقيقات الجارية في قضية «باركليز» ستمتد كذلك إلى التأثير على أسهم قطر في المصارف البريطانية، خاصة وأن لهذا البلد أسهماً في مؤسساتٍ ومصارف بالمملكة المتحدة، مُشدداً على أن تلك التحقيقات ستفضي أيضاً إلى زعزعة الثقة وتراجع الأرباح» التي كانت تدرها هذه الأسهم على النظام القطري. وأشار إلى أن الصعوبات التي يواجهها هذا النظام ستتفاقم في ضوء أن بريطانيا تطمح في إطار تحضيراتها للخروج من الاتحاد الأوروبي إلى أن تكون بريطانيا عالمية، وبالتالي لا تريد أن تؤثر على سمعتها مثلاً في أسواق آسيوية وبين مستثمرين آسيويين تأمل في أن يضخوا أموالهم في أراضيها. وأكد أن السلطات في لندن حريصةٌ لهذا السبب على أن تمتاز السوق البريطانية بالصرامة والشفافية والقانونية في تعاملاتها، مُشيرا إلى أن ذلك سيجعلها تشدد الرقابة على المصارف والمؤسسات المالية، خاصة في تعاملاتها مع المصارف والدول الأخرى، لا سيما تلك التي لها تعاملاتٌ مالية كبرى. وقال إن مثل هذه الإجراءات المشددة من جانب السلطات البريطانية ستؤثر على أرباح الشركات والمحافظ المالية التي تتعامل مع المصارف في البلاد، لأن التعقيدات القانونية قد تزداد وبالتالي قد يتأخر إبرام الصفقات. وتفاقم التطورات الأخيرة على صعيد قضية «باركليز» من المشكلات المعقدة التي تواجهها الاستثمارات القطرية في بريطانيا، منذ مقاطعة الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) النظام الحاكم في الدوحة في يونيو الماضي. ولفت الركابي الانتباه إلى أنه بات من الملحوظ في الآونة الأخيرة أن قطر بدأت تتخلى عن بعض الأصول، حتى العقارية منها، في بريطانيا، وقد يعكس هذا أزمةً ماليةً معينة»، وذلك في ظل اضطرار النظام الحاكم في الدوحة لبيع أصولٍ مملوكة له في أوروبا وغيرها من قارات العالم، للحصول على أموالٍ يحتاج إلى ضخها في شرايين القطاعات الاقتصادية والمصرفية القطرية الموشكة على الانهيار. تداعيات سلبية وأكد الدكتور مصطفى البزركان الخبير في الشؤون المالية والطاقة والمقيم في لندن في تصريحاتٍ لـ«الاتحاد» أن قرار السلطات المُنظمة للقطاع المصرفي في بريطانيا توجيه تهمٍ جديدة متعلقة بفضيحة «قطر- باركليز» سيزيد «الطين بلة» على صعيد العلاقات المالية والاقتصادية، التي باتت معقدةً من الأصل بين المؤسسات البريطانية ونظيرتها القطرية. وأشار البزركان إلى أن القرار الأخير سيكون له بطبيعة الحال تأثيرٌ كبيرٌ على أي تعاملات مالية واقتصادية بين الجانبين في المستقبل، خاصةً وأنه يأتي بعد قراراتٍ أخرى اتخذتها المؤسسات المالية البريطانية - ماعدا باركليز - تقضي بتحويل أي عقدٍ خاصٍ بالصفقات التجارية التي يجري بحث إبرامها مع قطر، إلى قسمٍ خاص في تلك المؤسسات، للتحقق من عدم مخالفة العقد للتعليمات والقوانين، وذلك منذ فرض العزلة على النظام القطري قبل أكثر من ثمانية أشهر. وقال إن ذلك يجعل الصفقات القطرية من اختصاص «الأقسام المعنية بالدول التي تتعرض لعقوباتٍ أو مقاطعة، مثل كوبا وكوريا الشمالية». وأكد البزركان أن الشبهات واسعة النطاق التي تحوم حالياً حول مدى سلامة التعاون المالي بين القطريين ومصرف «باركليز» من الوجهة القانونية سيثير «مخاوف المصارف والمؤسسات المالية الدولية، سواء البريطانية منها أو أي مؤسساتٍ أو مصارف أخرى في العالم، لأنه سيؤكد أن لا أحد بعيداً عن طائلة القانون». وشدد على أن التطورات الأخيرة ستؤكد للجميع أن هناك «جهاتٍ تتابع مثل هذه العقود (التي تكون قطر طرفاً فيها)، خاصة بعدما وجهت تهمٌ مثل هذه إلى أحد المصارف الكبرى في المملكة المتحدة» مثل «باركليز» الذي أُسِسَ منذ أكثر من ثلاثة قرون، وبالتحديد في عام 1690. وحسب البزركان، لن تكون العلاقات الاستثمارية بين قطر وبريطانيا بمنأى عن التداعيات السلبية للغاية التي ستنجم عن التحقيق الجاري بشأن «باركليز»، قائلاً إن هذه العلاقات «ليست في قمتها في الوقت الحاضر»، وذلك في ضوء أن «الاستثمارات القطرية في بريطانيا تأثرت من الأصل بالعزلة المفروضة» على الدوحة. واستطرد بالقول: «لذلك نرى أنه بالإضافة إلى أن هناك توجهاً (لدى الدوحة) للتخلص من بعض الاستثمارات في بريطانيا، لم تعد هناك استثماراتٌ جديدة كبرى كما كان الحال في السنوات السابقة، والآن أصبح أي مشروع أو استثمار تكون قطر جزءاً منه تحت المجهر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©