الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزيرة «توتي» سحر سوداني يطل على النيل

جزيرة «توتي» سحر سوداني يطل على النيل
23 مارس 2009 01:04
جزيرة واعدة منحتها الجغرافيا عبقرية المكان، عندما احتضنت النيل من جهة الغرب والنيل الأزرق من جهة الشرق وبينهما استلقت «توتي» لأكثر من ستمائة عام تداعب في كل صباح أصابع النيل، حيث ذكر المؤرخ أنتوني آركل في بحثه «الخرطوم القديمة» بأن توتي كانت أول مستوطنة في العاصمة الحديثة أنشئت في عام 1480 عندما جاءها سكانها من قبائل «المحس»، والذين كان لهم القدح المعلي في نشر الثقافة الإسلامية بالسودان ، وتعتبر توتي أقدم تاريخيا من العاصمة الخرطوم ويتميز أهلها بحبهم العميق لجزيرتهم وتمسكهم بالعادات والتقاليد التي تميزهم عن بقية المدن والأرياف السودانية . اشتهرت توتي في تاريخها القريب بمعاندة كل الأفكار الحكومية التي تنادي بتطور الجزيرة حيث يرى السكان المحليين بأن مشاريع التطور سوف تدفع بالغرباء للجزيرة التي تحافظ علي إطارها التقليدي ونسيجها السكاني الذي يجد سهولة ويسر في اكتشاف الوجوه الجديدة التي تطل على الجزيرة بين الحين والآخر. كما ظلت الجزيرة تقرر من داخلها مقاومة كل فيضانات النيل بسواعد شبابها ورفضت كل محاولات تهجير الجزيرة في أعتى الفيضانات والتي كان أخطرها عام 1946 وظل المنهج المألوف في كل عام هو صمود الجزيرة في وجه غضب النيل. بين الأمل والخوف باشرت الحكومة السودانية في تشييد جسر توتي الذي تبلغ تكلفته أكثر من ستة عشر مليون دولار على طول 838 مترا وعرض 20 مترا ويتسع لأربعة مسارات وترى الجهات الهندسية المسؤولة بأن الجسر الجديد سوف يحقق إنجازات هائلة على صعيد القطاع السياحي في المنطقة فيما يعتبر الجسر « المعلق « الثاني في قارة إفريقيا بعد جسر يوجد في دولة زيمبابوي. ويعتبر الإنجاز تحديا لشركة توتي التي حققت المشروع الذي ينتظر افتتاحه رسميا في نهاية مارس الجاري. وفي الوقت نفسه نجد أن هنالك العديد من الآراء المعارضة لقيام الجسر خاصة من التقليديين من أبناء المنطقة الذين يرون أن الجسر الجديد ربما يسهم في تغيير التركيبة السكانية والنسيج الاجتماعي في المنطقة، وبينما ترى مجموعة أخرى بأن الآثار الاقتصادية سوف تؤدي إلى ارتفاع الحياة المعيشية، من أسعار العقارات إلى أمور أخرى، والتي سوف تتضرر منها الطبقة الوسطي والفقيرة . مملكة القوارب التقليدية الزائر لمدينة توتي دائما يستشعر متعة الإبحار بالمراكب الشراعية التي سادت في الماضي عندما تتلاطم المشاعر ما بين الرغبة في الوصول والخوف من غضبة النيل المفاجئة. واليوم تبدل الحال عندما تغيرت المراكب الشراعية بأخري تديرها الماكينات وأصبح الاستثمار متاحا لشباب الجزيرة، الأكثر قدرة حاليا في قيادة المراكب الصغيرة، ومن المألوف الآن مشاهدة العشرات من تلك القوارب الصغيرة تتنافس بقوة في قلب النيل. السؤال الذي يظل حائراً كيف ستصبح توتي بعد بزوغ فجر الجسر الجديد وسط تفاؤل حكومي وتحفظ من الأهالي الذين يعتمدون على حرث الأرض وتزويد الخرطوم بالخضروات وثمار الليمون، فيما نشطت الحركة العمرانية في أطراف الجزيرة وباتت تنذر بضيوف قادمين لتجميل وجه الجزيرة التي يتفاخر بها أهلها، باعتبارها من أقدم الجزر السودانية وأكثرها دفئا وأصالة.
المصدر: الخرطوم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©