الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصناعات الخزفية في اليمن.. بريق حضاري لا يخفت

الصناعات الخزفية في اليمن.. بريق حضاري لا يخفت
23 مارس 2009 01:00
الصناعات الخزفية والفخارية من أقدم الصناعات الشعبية في اليمن على الإطلاق، ولعل الحفريات والشواهد التاريخية هي الطريق إلى حقائق الأجداد والحضارات القديمة، فطبيعة المادة الفخارية تمنحها القدرة على البقاء لفترات طويلة جدا دون أن تؤثر عليها عوامل التعرية، علاوة على أن فيها انعكاسا للموروث الثقافي والحضاري والتاريخي، فهي التي تحدد الفترة الزمنية لحضارة ما ومن خلالها يتم التعرف على الثقافات التي كانت سائدة في تلك الحضارة البائدة، إذن أصبح من الواجب علينا جميعا رؤساء ومرؤوسين استشعار الأهمية التي تحتلها هذه الصناعات وتشجيعها ومد يد العون والمساعدة لمن يمارس مثل هذه الحرف بدلا من محاربتها في بعض الأحيان بقصد أو بغير قصد، وقديما قالوا: لا تعرف قيمة الشيء إلا بعد فقده. في هذا الصدد يوضح المختصون طرق العمل في إنتاج الصناعات الخزفية والتي مازالت تتألق في العديد من مناطق اليمن لكنها تشهد بعض التراجع لأسباب مختلفة.. التفاصيل في التحقيق التالي.. بداية يقول المختص في شؤون صناعة الخزف أشرف المنجشي إن الشباب يحضرون أولا الطينة الجبلية ويختبرونها بعرضها على النار، ويبدأون بالعمل كل حسب تخصصه، فاللبن الخزفي «الطوب» يحيط بهم من جميع الجهات، منه الأحمر الذي أصبح فخارا بعد حرقه بالنار ـ وتسمى هذه العملية بعملية الفخر ـ وبعض الطوب لازال منتظرا دوره، وحتى حين، يحرص العاملون على حفظه بعيدا عن الماء وخصوصا الأمطار المتوقعة لئلا يتلف. ويمتاز هذا اللبن الخزفي بالمتانة والقدرة على البقاء مئات بل آلاف السنين إذ لا تؤثر فيه عوامل التعرية، ويستخدم الآن في الأفران الخاصة. يضيف المنجشي: يتم تعلم الحرفة عن طريق الوراثة، وبذلك تنتقل الحرفة من جيل إلى جيل في الأسرة الواحدة، ويتم ذلك بأن يأتي الصانع بأحد أبنائه أو كلهم للعمل معه في الورشة، وتبدأ أول مرحلة في تعلم الحرفة عن طريق المشاهدة ، وتأخذ فترة المشاهدة هذه مدة من أسبوع إلى شهر، ثم بعد ذلك تأتي مرحلة المساعدة عن طريق أن يطلب الحرفي «الصانع» من ابنه أن يقوم بمساعدته في نقل الأواني الجاهزة لتوضع في مكان معين في الورشة لا تصله الشمس حتى تجف، وتبدأ أولى المحاولات من قبل الابن بأن يقوم بالتوليف والتشطيب، وخلال تلك الفترة يتدرب على صنع وعمل النماذج الصغيرة مثل الفنجان والكأس والصحن، وإذا أتقن العمل بـدأ التدرب على صنع النماذج الكبيرة. أما الشخص الذي يتم تدريبه من خارج أسرة الحرفي فإنه يأتي إلى الورشة ليتعلم المهنة وخلال فترة التدريب لا يحصل على أجر، إنما أجرته تعلم الحرفـة. ويصنع الفخار من التراب الأبيض والأسود والأحمر ويدخل قسم من الرمل فى صناعتها إذ يتم نخل التراب ونقعه فى أحواض بعدها يصول ويصفى ويجبل ليصبح عجينة جاهزة لصنع الأواني والأدوات الفخارية. الطبخ الصحي ويؤكد اختصاصيون فى الاغذية أن الطبخ في الأواني الفخارية صحي جدا، ولا يشكل خطرا كما هي الحال مع الأواني المتميزة بضغط البخار. وبحسب نجل التاجر أحمد علي الخولاني صاحب محل لبيع الأواني الفخارية والخزفية أن أبناء اليمن اشتهروا منذ القدم بصناعة الأدوات المنزلية من مادة الخزف ولا تزال أدواتها موجودة حتى اليوم في العديد من مناطق اليمن والتي تشمل: أولا: إنتاج الأزيار وهي «جرار» مختلفة الأحجام تستخدم لحفظ المياة وتبريدها وكذا لتخزين التمور وحفظها لفترات طويلة. ثانيا المحاميس: ومفردها محماس وفي العربية محماص وهي المقلاة الخزفية التي تستخدم لتحميص البن الذي اشتهرت به بلاد اليمن لصناعة القهوة. ثالثا المراعيض: ومفردها مرعاض وهو الميزاب الذي يستخدم لتصريف المياه من المراحيض أو أسطح المنازل عند هطول الأمطار. كما تشمل الصناعات الخزفية والفخارية انتاج الكعدة: وهي الإبريق وتستخدم لصناعة القهوة. وإضافة إلى ذلك فان إنتاج اليمن للبن الشهير، كما يقول ماهر الشرفي، فقد تمت صناعة فناجين القهوة من الخزف ولا يزال استخدامها إلى اليوم في مناطق البادية وهي صحيّة جدا خصوصا أن فناجين معاشر، وهي وعاء خاص يشبه الصحن، توضع فيه فناجين القهوة وإنتاجها قائم حتى الآن. المباخر والمداخن ويبين الشرفي أن الأنشطة تشمل أيضا المباخر والمداخن وهي المجامر التي تستخدم في أغراض البخور في الأفراح والأتراح على حد سواء، ولها أشكال متعددة وألوان مختلفة تتفنن النسوة في نقشها وزخرفتها. وقد تصنع من الخشب وتثبت في أعلاها قطعة حديدية حتى لا تحترق. ?كما تشمل هذه الأنشطة الحرفية إنتاج طويس الماء، كما يقول الشرفي، وهي كؤوس واسعة من الأعلى تضيق تدريجيا حتى تصير بحجم قبضة اليد، ويسهل إمساكها والشرب بواسطتها وكذا أوعية المصاحف المكتوبة باليد، وهي أشبه ما تكون الآن بالأدراج المخصصة في المكاتب لحفظ الكتب، ويصل طولها ـ كما يذكر السيد محمد العيدروس أحد المهتمين بالكتابة في الموروث الشعبي بمدينة تريم في كتابه المعد للطبع الحرف الوطنية ـ إلى حوالي 100 سم وعرضها 40 سم وتؤلف من 7 أدراج ثم توضع فيها الأجزاء حسب التسلسل المعروف. وهناك مصنوعات خزفية أخرى تم الاستغناء عنها تماما مثل الملخة والكعدة والمصب وألعاب التراث وكاسات الماء والخيش الخزفي الذي لا تزال بقاياه إلى اليوم على سطوح بعض المنازل وغير ذلك. اقتناء الإناء الفخاري الحرفي سعيد منصور يرى أنه ورغم تميز وصحية الطبخ بالأواني الفخارية نلاحظ أن الذين يقبلون على الطبخ بتلك الأواني قليل جدا خاصة بعد تطور الصناعة وظهور أصناف مختلفة ذات تقنية عالية. ويقول بعض الحرفيين في صناعة الفخار إن مواطنين لايزالون يحرصون على اقتناء الإناء الفخاري الخاص بالطبخ والشرب ويفضلونه على أغلب الأصناف المنتشرة في الأسواق. ويؤكد منصور أن هؤلاء يطالبون بضرورة دعم هذه الصناعة وتمويلها من خلال صناديق الإقراض الحكومية حتى تبقى قائمة ليتسنى تصنيعها بطرق أفضل وإدخال التحسينات عليها مع أنها لاتزال مصدر رزق للبعض.. مشيرين إلى أن هذه الصناعة تحتاج إلى تطوير وتنظيم لتكون وفق أسس تجارية مدروسة كونها خيارا مفضلا لدى الكثيرين من المواطنين
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©