الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

آلة الزمن

23 فبراير 2010 21:19
في العقدين الأخيرين تغير الزمن سريعا بدرجة لم يكن أحد يتوقعها، تغيرت أنماط الحياة والعمل والدراسة والخدمات، ودخل إلى مفردات حياتنا لفظ “الكتروني”..! البريد الالكتروني، والتعليم الالكتروني، والتسويق الالكتروني، والتجارة الالكترونية، والصحافة الالكترونية، بل الحكومة نفسها صارت الكترونية..لم يكن لهذه الكلمة أهمية أو معنى كبير قبل تلك الفترة، ولكنها الآن صارت جزءا مهما وأصيلا من حياتنا، صار علينا أن نستغني عن الورق لأول مرة منذ اختراعه قبل آلاف السنين، وصار علينا أن نترك الكتب الكبيرة المسماة بالأدلة والقواميس، ونبحث في لحظة عما نريد على جهاز الكمبيوتر أو شبكة الإنترنت..! هذا التغير الكبير جعل أشياء كثيرة تتغير، ومن أهمها صناعة السياحة، كنا نسافر قديما إلى دولة ما وكأننا ذاهبين إلى المجهول، كلمة من هنا وكلمة من هناك تحدد لك وجهة السفر والأماكن التي تزورها، بل والفندق الذي تقيم فيه..! وما يحدث لك في هذه الدول يعتمد على الحظ والظروف..! الآن تحجز تذكرتك وتشتريها على الإنترنت وتطبعها وانت جالس في غرفتك..! تحجز الفندق بعد أن ترى الغرف والخدمات وتعرف موقعه تماما، تحدد لنفسك الأماكن التي ستزورها وتخطط لرحلتك السياحية والمدن التي يمكن أن تزورها في الجوار، بل وتعرف تماما الحالة الأمنية والمحاذير السياحية، وطريقة التعامل مع الآخرين، والمطاعم التي تتناول بها الطعام وأسعار الوجبات..! كل هذا وانت جالس في الغرفة ودون أن تتحرك..! وهذه الأشياء التي ربما لو قلتها منذ عشرين عاما، لضرب الناس كفا بكف وقالوا أن عقلك خف، أصبحت من الممارسات العادية جدا في حياتنا، وربما يدعونا هذا للتفكير بشكل استباقي للأحداث، ماذا يمكن أن يحدث أيضا في المستقبل..؟! كيف نستعد لسياحة المستقبل التي ستتغير بشكل اكبر خلال السنوات العشر القادمة..؟ في عام 2020 سيكون الوضع أكثر اختلافا من الآن، سيتغير المشهد تماما، ربما تختفي شركات السياحة والسفر تماما من الوجود، وتصبح مجرد ذكريات، وربما تختفي معارض السياحة والسفر أيضا وتصبح مثل الدليل السياحي الضخم الذي لم يعد احد ينظر فيه أو يقلب في صفحاته..! ستصبح الأمور أكثر سهولة في التنقل بين دول العالم، وقد يختفي أيضا جواز السفر نفسه، وتصبح هويتك هي بصمة العين أو الأذن أو القدمين..! تدخل إلى المطار وتقف بقدميك على جهاز فيظهر اسمك وجنسيتك وتاريخك الأمني، وربما يأمرك الجهاز نفسه بالعودة من حيث أتيت..!! ومع هذا التقدم والتغير ربما تتغير أيضا خريطة العالم التي نعرفها، تدخل دول جديدة، وتخرج دول أخرى من التاريخ والزمن..! فلن يكون هناك مكان إلا لمن يستطيع أن يواكب العصر وتقنياته.. قد يبدو الأمر غريبا بعض الشيء، ولكن علينا أن نستعد ونستشرف المستقبل، حتى نظل على أجندة الزمن.. ونواكب آلة الزمن التي لا ترحم.. وحياكم الله.. إبراهيم الذهلي | رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©