الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

يوم يجعل الأفق رهن الرؤية والحلم رهن الفعل والحقيقة

يوم يجعل الأفق رهن الرؤية والحلم رهن الفعل والحقيقة
30 نوفمبر 2014 23:24
تحتفظ الأمم والشعوب ـ عادة ـ في ذاكرتها بأيامها الوطنية، وتفرح بها وتسعد بزهو في الاحتفال بها، ذلك أن ذكرى اليوم الوطني لهذه الدولة أو تلك يختزل إشارات مهمة ينبغي لكل حصيف التوقف عند محطتها؛ لاستنطاق وقراءة ما مضى من زمن، ومراجعة ما تحمله تلك الأيام العزيزة من دلالات ومعانٍ ورسائل لهذا الجيل والأجيال اللاحقة، واستذكار مرحلة القادة العظام والبناة المخلصين، مستشعرين قول الحق تبارك وتعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث)، وقوله تعالى: (ولئن شكرتم لأزيدنكم). واستلهاما من هذه الروح المفعمة بعبق من التاريخ، فإن ذكرى اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تجعل المتابع والمحب لتلك البلاد الكريمة يقف أمام يوم تاريخي عظيم يفتخر فيه كل من يحمل لها صادق المحبة والوفاء، ويعيش على ترابها وتحت سمائها، ذلك لأنه يعيد ذكرى تاريخ ومنجزات الاتحاد التي قادها وبكل اقتدار وافتخار زايد الكرم والعطاء (طيب الله ثراه)، وتوقفنا مليًا على محطات نمو هذه الدولة الكريمة عبر العقود الماضية، وتبصرنا بالعمل المخلص الجاد لأبناء الإمارات من أجل بناء بلدهم، ونمو دولتهم، وتطور إماراتهم العزيزة، وكيف استطاعوا أن يبنوا جسورا من التواصل وتقوية العلاقات مع الدول، وأن يجسدوا أواصر المحبة والوفاء مع بلادنا الغالية، فضلا على أن معالم الاتحاد الذي صنعه الشيخ زايد (طيب الله ثراه) على تباينها تتقاطع بكثير من الحكمة والإعجاز والإنجاز وببعض أوجهها مع فكرة الوحدة التي خط أركانها الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه)، رغم إدراكنا لاختلاف المكان والمكانة والزمان. متعة الإنجاز لقد مر قرابة نصف قرن من الزمان على تأسيس الملحقية الثقافية السعودية في إمارة دبي، حيث حظيت منذ افتتاحها برعاية كريمة واهتمام طيب مشكور من أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة خصوصا من أصحاب السمو الشيوخ والمعالي وكبار المسؤولين والنخب المثقفة في هذه الدولة الفتية، وبخاصة من لدن وزارة التعليم العالي الإماراتي ووزارة الثقافة بكافة مسؤوليها وإدارتها المتعددة، وهو نفس الاحترام والتقدير الذي لقيه جميع من تشرف بالعمل في هذه الملحقية، أو عمل فيها خلال العقود الخمسة الماضية، ذلك أن هذا التعاون الرائع الذي نجده من هؤلاء وأولئك يجعل من العمل في هذه الدولة متعة لا تعادله سوى متعة الإنجاز الذي تضيفه الملحقية يوما بعد يوم في خدمة الأهداف التي أسست من أجلها بدعم لا يفتر وتوجيه لا يكل أو يمل من لدن معالي وزير التعليم العالي أ. د. خالد العنقري ومعالي نائبه الكريم أ. د. أحمد السيف، إلى جانب تعاون كريم لا ينقطع وتوجيه نير لا يتوقف من لدن سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين في الإمارات وسعادة القنصل العام في دبي والإمارات الشمالية وزملائهما في كلتا الجهتين الذين وبدون ــ توفيق الله وعونه ــ ومن ثم تعاونهما لا يمكن أن تحقق الملحقية ما حققته ولله الحمد والفضل من منجزات خالدة ونشاطات فاعلة يشهد بها القاصي والداني في الداخل والخارج. وحري بي أن أشير ومن باب الوفاء إلى أنه قد تعاقب على إدارة دفة العمل في الملحقية منذ تأسيسها في العام 1378هـ (1986م) عدد من الملاحق الأفاضل الذين بذلوا جهودًا كبيرة في سبيل أداء رسالتها وتحقيق الهدف من إنشائها، بصفتها إحدى ملحقيات البعثة الدبلوماسية التي تعمل تحت مظلة سفارة خادم الحرمين الشريفين في الإمارات، وتحظى بتوجيه سديد ودعم كريم من لدن وزارة التعليم العالي في بلادنا الغالية والتي تسعى إلى تنمية العلاقات الثقافية والأكاديمية والعلمية وتطويرها، ورعاية شؤون الطلبة السعوديين الدارسين في دولة الإمارات العربية المتحدة ومتابعتها، والمشاركة بفاعلية بمختلف المناشط المعنية بتلك الأبعاد الرئيسة، ذلك أن مما يسعدني وزملائي في الملحقية الثقافية السعودية في الإمارات كثيرا ويساعدنا في المشاركة بكل تفانٍ وحماس في هذا الحراك الثقافي الذي يشهده البلدان الشقيقان بأن مظاهر تميز الثقافة فيهما واحد، ذلك أنها قادرة على إقامة معادلة صحيحة تربط بين ماضيها، وبين ما نطالعه في حاضرها، وما نتطلع إليه في مستقبلها، وهذا يدل على عمق الثقافة في البلدين العزيزين، وسعتها وقدرتها على استيعاب كافة الروافد الثقافية، كما أنها تتسلح بما أتاحه لها الدين الإسلامي الحنيف، فضلا عن أن المشهد الثقافي في البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ينطلق من رؤية حكيمة يتبناها كل من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ـ يحفظهما الله تعالى ـ وهي رؤية سديدة تنطلق جذورها من الدين الإسلامي الحنيف وترتكز على بث روح ثقافة التسامح والحوار ونشر السلام والوئام عبر الإبداع والابتكار والتميز. مساحة تلاقي من هنا يأتي اليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة ليس مجرد يوم احتفال فحسب، بل هو مساحة كبيرة ليتلاقى الفرح بالأفراح، ويتواصل الجيل بالأجيال، ويلتقي المصير بالمصير، ويعانق الماضي المستقبل بصورة بهيجة، حيث يقف الحاضر يزهو متألقًا بإنجازاته مع الماضي الشامخ، ليبني جسورا متينة من الإخاء، والترابط والوفاء. وإن اللافت في الأمر لكل من يمعن النظر في مسيرة الاتحاد العريقة التي يختزلها هذا التاريخ العظيم لهذه الدولة الكريمة لسوف يجد أن التنمية وبناء الإنسان والتخطيط والتطوير هي الجهات الأربع التي نلمسها ونراها بوضوح في هذا البلد الشقيق الفريد في اتحاده، أما بوصلة التخطيط والبناء فإنها تشير لكل الاتجاهات وفي كل الإمارات، وها هي تواصل مسيرتها برؤية مستنيرة لقائد هذه البلاد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، الذي أراد لها أن تتجاوز الحاضر؛ ليصل أثرها عمق المستقبل بما يضمن توفير حياة مستقرة للأجيال القادمة تتناغم مع تحولات العصر وتطوراته، يشاركه في تنفيذ هذه الخطة الحكيمة حكام الإمارات السبع. فكيف لا! ونحن نبصر في كل زاوية من زوايا هذا البلد المتميز تنمية شاملة أسسها زايد الخير، وواصل تنميتها خليفة العطاء والوفاء، ويتابع تحقيقها وتنفيذها حكام كرام يسهرون ليلهم بالعمل ويواصلون نهارهم بالعطاء مخلصين من أجل إسعاد شعبهم، وتطور بلدهم. هكذا يتذكر الجميع اليوم الوطني لهذه الدولة الفتية، وهكذا يفتخر أبناؤها بتلك المنجزات التي تميزت بالشمولية والتكامل متحدين فيما بينهم، وهكذا نحن نتأمل صورة التطور والنماء التي تحققت على امتداد مساحة الزمن في هذه البلاد؛ لتظل هذه الدولة في كل شؤونها الداخلية والخارجية فاعلة متألقة بتألق أبنائها واتحادهم، وإخلاصهم وحبهم لبلدهم.. ولكم أن تتأملوا صورة التطور الحالي لهذه البلاد الكريمة التي تعكس رخاء الواقع وتنمية لاتتوقف أو تفتر، لكننا نقف أمامها عاجزين عن حصر ما تم إنجازه على خارطتها الممتدة، غير أننا مدركون جيدًا أن تلك المنجزات هي التي ستعبر منه الإمارات الحبيبة إلى المستقبل الذي تريد بإذن الله تعالى، وإن ذلكم هو الذي يدعو إلى التفكير جيدًا فيما تملكه لا فيما ينقصها فحسب. فالإمارات العربية السبع التي اتحدت كانت أشبه بالسحاب حين يلتقي فيشهق البرق، ويهمي مطر الخير، فاجتماعها كان اجتماعا للقلوب، ووحدتها كانت وحدة للحلم، فكان عطاؤها مسيرة لا تتوقف، فالبناء فيها لا يعرف حدا ولا زمنا، ولا مناسبة، فكل يوم في الإمارات هو يوم عمل، ويوم احتفال واحتفاء بما تنجزه، وبما تحققه. التقاء الرؤى هكذا التقت الرؤى، والتقت الأحلام، والتقت الجهود، واتسعت الطموحات، فشمخ البناء، وشمخ العطاء، وشمخ الإنسان والمكان، وكان للزمان دورته الخاصة بهذه الدولة الفتية، التي اتسعت أوسع من جغرافيتها، كل ذلك ينبع من حكمة التخطيط، وحكمة الإدارة والتنفيذ. إننا ونحن هنا على أرض هذه البلاد الطيبة (البلد الشقيق، ووطننا الثاني) الذي يكرمنا أهله الأكارم بحفاوتهم، وبنبل أخلاقهم، وكريم سجاياهم التي لم نستغربها منهم لحظة... فالشيء الأصيل من معدنه لا يستغرب، نجدها فرصة سانحة لي لأن أذكرهم ـ وإن كنت أدرك أنهم على بصيرة من أمرهم ـ بأن يواصلوا مسيرة العمل مخلصين لرفعة وطنهم، والارتقاء بعطائهم، مجسدين له الولاء، ومعززين لهذه الأرض الانتماء واضعين نصب أعينهم طموح قادتهم، ورؤية حكامهم النيرة، محافظين على ما تحقق من إنجازات، ومواصلين المسيرة نحو التألق والتميز. أخيرًا وليس آخرًا... من وطن الرسالة، ومن وطن الهداية والمحبة... وطن نبع من أرضه النور الذي أنار للبشرية دروبها، حلقت طيور المحبة والتآخي في سماء الفرح الإماراتي بابتسامة سعودية نابعة من قلب تعلم من قيادته الرشيدة الحب وبذل الجهد والتسامح والوئام مع القريب والبعيد... وبأحرف صاغها الحلم والضياء المشرق الذي صنعه لنا قادتنا العظام، ورتبتها يد المودة والإخاء، ونضدت معانيها روابط الوفاء... نهنئكم يا أبناء الإمارات الأعزاء... ونهنئك يا إمارات العز والتميز، فكل عام وأنت وطنًا متألقًا بعطائك.. شامخًا بتميزك، وتماسك أبنائك، واتحاد حكامك... بقي أن أقول: إن الاحتفاء بذكرى اليوم الوطني هو احتفال بإنجاز شعب التف حول قيادته، وصنع بإرادته وطنًا أصبح يشار إليه بالبنان... إنه باختصار احتفال بقيام دولة، وإرادة شعب وفي، ورفعة وطن، وتلاحم قادة برؤية حكيمة لقيادة رشيدة. هكذا يمكن للكلمة أن تستبصر يوم الاتحاد المجيد لدولة الإمارات العربية المتحدة الحبيبة، هذا اليوم الذي يحمل دائما ما يدهش الكلمات، ويجعل الأفق رهن الرؤية، والرؤية رهن الحلم، والحلم رهن الفعل، والفعل رهن الحقيقة، لأنه مناسبة تقول ذاتها كما لا يقولها أي كلام، أو يستطيع أن يعبر عنها أي لسان، وتفصح عن عظمتها، كما لا يفصح أي معنى، وتشهق بأسرارها، كما لا يستطيع أي راع أن يستبصرها بسهولة؛ لأن العين تراها، لكن القلم يعجز عن التعبير عنها... غير أنه يتسع لنا أن نقول وبكل الحب: دمت يا إمارات الخير كما أنت بخير... * الملحق الثقافي السعودي في الإمارات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©