الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«المركزي المصري» يسعى لكبح جماح السوق السوداء للعملة

«المركزي المصري» يسعى لكبح جماح السوق السوداء للعملة
4 فبراير 2014 21:53
القاهرة (رويترز) - اتخذ البنك المركزي المصري خطوات استثنائية لتعزيز الجنيه وكبح السوق السوداء للعملة الصعبة، لكن التعاملات غير القانونية تواصل الازدهار في الأزقة الخلفية ومكاتب الصرافة في أنحاء البلاد. ويظهر هذا الصمود حدود الانتعاش الاقتصادي منذ الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس المعزول محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في يوليو برغم تدفق مساعدات خليجية بمليارات الدولارات على البلاد. وتعاني مصر نقصاً في المعروض من العملات الأجنبية بسبب تراجع إيرادات السياحة والاستثمارات الأجنبية فضلاً على أن كثيراً من المغتربين يفضلون إرسال أموالهم إلى البلاد عبر السوق السوداء التي يحصلون فيها على أسعار أعلى. وينظم البنك المركزي عطاءات لبيع العملة الصعبة للعام الثاني من أجل تلبية الطلب. وطرح البنك الشهر الماضي أكبر عطاء له على الإطلاق باع خلاله 1.5 مليار دولار. وأغلق أيضاً بعض شركات الصرافة لتلاعبها في الأسعار. لكن السوق السوداء في القاهرة تشهد طلباً كبيراً على الدولارات، ويقول متعاملون في بعض البنوك إنهم عجزوا عن تلبية طلب عملائهم عبر القنوات الرسمية على مدى أشهر. وحافظت السلطات المصرية على سعر صرف الجنيه أمام الدولار في السوق الرسمية. وتوقف التراجع في احتياطات البنك المركزي من النقد الأجنبي، والتي اقتربت من مستويات حرجة رغم أنها لا تزال عند نصف مستوياتها قبل الانتفاضة في أوائل عام 2011. لكن يبدو أن البنك المركزي لا يزال عاجزاً عن توفير كل الدولارات، التي يحتاجها الاقتصاد في حين يرى كثير من المصريين خطر المزيد من التراجع للجنيه في المستقبل، ولذا فهم على استعداد لشراء الدولارات بعلاوة كبيرة من السوق السوداء. الفجوة في المعروض وقال محمد أبوباشا الخبير الاقتصادي لدى المجموعة المالية هيرميس والمقيم في القاهرة «دائماً ما يكون هناك نقص في السوق تتخلله أحياناً هذه العطاءات الكبيرة». وقدر أبوباشا الفجوة الشهرية بين الطلب على الدولار والمعروض منه في مصر بما يتراوح بين 500 مليون دولار و700 مليون بافتراض أن النمو الاقتصادي يتراوح بين اثنين وثلاثة بالمئة. وكانت السوق السوداء للعملة مزدهرة في مصر أثناء فترة الاضطراب الاقتصادي في عام 2003. واختفت هذه السوق إلى حد بعيد مع تحسن الاقتصاد، لكنها ظهرت مجدداً بعد انتفاضة عام 2011، التي تسببت في هروب كثير من السياح والمستثمرين الأجانب. ويبلغ السعر الرسمي للجنيه المصري بين البنوك 6.96 جنيه للدولار، وهو أضعف بنحو 11% مقارنة مع مستواه قرب نهاية عام 2012 حين بدأ البنك المركزي نظام العطاءات كسبيل لترشيد استخدام العملة الصعبة وحماية احتياطاته من النقد الأجنبي. ويتعين على البنوك تداول الدولارات في نطاقات محددة حول أقل سعر مقبول في عطاءات البنك المركزي، وذلك في المعاملات بين البنوك وتعاملات الشركات والأفراد مما يعطي السلطات سيطرة كبيرة على أسعار الصرف الرسمية. ولكن عملياً يجد الكثير من الشركات والأفراد المصريين صعوبة في الحصول على ما يحتاجونه من الدولارات من البنوك التجارية، ومن ثم يتجهون إلى تجار السوق السوداء، الذين حددوا سعر صرف العملة المصرية حالياً عند نحو 7.35 جنيه للدولار. وقد يكون تجار السوق السوداء باعة جائلين يرتدون معاطف جلدية أو رجالاً يرتدون سترات أنيقة، ويعملون في مكاتب صرافة فخمة. أما الزبائن فهم رجال أعمال أثرياء وطلاب يدرسون بالخارج ومتقاعدون يريدون حماية قيمة مدخراتهم من التضخم الذي يتجاوز 10%. تحويلات العاملين ويقول تاجر في أحد شوارع القاهرة إنه يستطيع جلب ما يصل إلى 100 ألف دولار لعملائه في غضون أسبوع. وأضاف والابتسامة مرسومة على شفتيه: «يمكنني أن أجلب لك مليوناً إذا أردت». هؤلاء التجار يحصلون على كثير من دولاراتهم من المصريين العاملين بالخارج. فتحويلات المغتربين تمثل مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة في مصر، لكن بعض العاملين يحولون أموالهم إلى أسرهم عبر السوق السوداء، التي يحصلون فيها على سعر بالجنيه أكبر مما يمكن أن يحصلوا عليه إذا أرسلوها عبر الحسابات المصرفية والسوق الرسمية. ويقول تاجر في مكتب صرافة مرخص قرب شارع عدلي التجاري في القاهرة إنه يعاني في تجارته نظراً لأنه يشتري الدولارات بسعر الصرف الرسمي على عكس بعض منافسيه ممن يعملون بالقرب منه. وأضاف: «يسألني الزبون عن سعر الدولار وعندما أقول لهم السعر الرسمي لا يعجبهم وينصرفون». واتخذت السلطات إجراءات قانونية ضد بعض شركات الصرافة إذ أغلقت 13 شركة مؤقتاً الشهر الماضي لكن الحملة لم تقترب من حد استئصال السوق السوداء وقد يرجع السبب في ذلك إلى إدراك المسؤولين أن إغلاق هذه القنوات بالكامل من شأنه أن يسبب المزيد من الصعوبات للأسر والشركات. تداول العملات وسعى البنك المركزي في ديسمبر لسد ثغرة بالسوق الرسمية بعدما نبه البنوك التجارية إلى أنها ملزمة بتداول جميع العملات الأجنبية وليس الدولار وحده بالأسعار الرسمية. غير أن بعض التجار قالوا إن ذلك قد يؤتي بنتائج عكسية بتشجيع البنوك التجارية - التي قد تجد صعوبة أكبر في جني مكاسب من مبيعات اليورو - على ادخار العملة الأجنبية، وهو ما من شأنه أن يدفع المزيد من الزبائن إلى السوق السوداء. ويرى كثير من التجار أن السبيل الوحيد المضمون للقضاء على السوق السوداء هو قيام البنك المركزي بزيادة المعروض من النقد الأجنبي. ودشن البنك في ديسمبر 2012 نظام العطاءات لوقف إقبال على شراء الدولار. وبدت السلطات قريبة من تحقيق النجاح في الأسابيع، التي تلت عزل مرسي حين تفجرت مشاعر تفاؤل بخصوص المستقبل السياسي في مصر أدت على ما يبدو لاجتذاب بعض الأموال إلى البلاد مجدداً، وهو ما خفف من حدة نقص الدولار. وقال أحد التجار إن الفجوة بين السعر الرسمي للعملة الأميركية وسعرها في السوق السوداء تقلصت إلى نحو خمسة أو عشرة قروش بعد مزاد كبير لبيع الدولار في سبتمبر. لكن الفجوة اتسعت مجدداً في الأشهر القليلة الماضية لتصل إلى نحو 40 قرشاً، ورغم أنها أصغر منها في عهد مرسي حين بلغت نحو 90 قرشا، لكنها كبيرة بما يكفي لتعكس اختلالاً كبيراً في التوازن بين العرض والطلب. وشهدت مصر عجزاً كبيراً في ميزان تجارة السلع والخدمات بلغ 24.9 مليار دولار في السنة التي انتهت في يونيو (حزيران) الماضي بينما يبلغ صافي الاستثمارات المباشرة، التي تضخ في البلاد نحو أربعة مليارات دولار سنوياً انخفاضاً من نحو ثمانية مليارات دولار قبل انتفاضة عام 2011. ويؤدي ذلك إلى استمرار الضغط على احتياطات البنك المركزي من النقد الأجنبي. فحتى مع المساعدات الخليجية ارتفعت الاحتياطات إلى نحو 17 مليار دولار من 13.4 مليار دولار في مارس 2013، لكنها تقل كثيراً عن مستواها قبل 2011 حين وصلت إلى نحو 36 مليار دولار. وزاد الوضع تعقيداً بسبب التوتر بين مصر وقطر. وقال مصدر بالبنك المركزي المصري لـ«رويترز» إن مصر ردت ودائع قطرية بقيمة ثلاثة مليارات دولار منذ سبتمبر، وتعتزم رد ثلاثة مليارات أخرى حين يحل أجل سندات بحلول نهاية العام الحالي. وقال تاجر عملة في بنك تجاري بالقاهرة: «كان هدف البنك المركزي القضاء على السوق السوداء من خلال طرح عدة عطاءات خاصة» مضيفا أنه ثبتت استحالة ذلك نظرا لرد الودائع القطرية». ورأى أبوباشا أن من المرجح أن يستمر نقص الدولار ما دامت مصر تعتمد بدرجة كبيرة على المساعدات الأجنبية لدعم ميزان المدفوعات. وأضاف: «في ظل مثل هذا الوضع الذي يشهده ميزان المدفوعات لن تختفي السوق السوداء قريباً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©