الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صور وسطور تشهد على عصر ابن خلدون

صور وسطور تشهد على عصر ابن خلدون
6 مارس 2008 03:13
''مع ابن خلدون في رحلته'' هو اسم الكتاب الذي قام بإعداده الدكتور خالد عزب بمشاركة محمد السيد حمدي، وهو كما يقولان ''نمط جديد من أدب الرحلات'' حاولا من خلاله وضع القراء في أجواء العصر الذي عاش فيه العالم الشهير عبدالرحمن ابن خلدون وذلك عبر المزاوجة بين النص المكتوب والصور التي تجعل القارئ يعيش في نفس الأماكن التي درس بها ابن خلدون وعمل فيها وارتحل اليها فضلا عن التعريف بمعاصري ابن خلدون من السلاطين ورجال الدولة والعلماء والادباء وبروائع الفن الإسلامي في عصره· ويحتوي الكتاب على أربعة فصول رئيسية بكل واحد منها مجموعة من العناوين الفرعية الزاخرة بالصور سواء تلك التي رسمها رحالة اوروبيون جاءوا إلى الشرق العربي في القرن 19 أو التي سجلت بالتصوير الفوتوغرافي وهي تشمل معالم عمرانية من المدن التي شهدت سيرة ابن خلدون وهي تونس وفاس واشبيلية وتلمسان والقاهرة ودمشق والقدس ومكة والمدينة، إلى جانب بعض التحف التي انتجت في هذه الاماكن· ويتناول الفصل الاول رحلة ابن خلدون التي بدأت بمولده في غرة شهر رمضان سنة 732 هـ بمدينة تونس في دار مازالت باقية في احد شوارع المدينة القديمة وهو شارع ''تربة باي'' حيث كانت تشغلها مدرسة الإدارة العليا· وقد ولد ولي الدين عبدالرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن جابر بن محمد بن ابراهيم بن عبدالرحمن بن خلدون لأسرة عريقة عرفت بمكانتها في بلاط ملوك وأمراء المغرب والاندلس، وهي من قبائل حضرموت اليمنية التي جاءت إلى الاندلس عند افتتاحها، فجده الاكبر خالد بن عثمان الذي عُرف بخلدون نزل بأشبيلية عند افتتاحها وينتهي نسبه إلى وائل بن حجر· ولادة ابن خلدون ورغم الدور الذي لعبه بنوخلدون في معركة الزلاقة الشهيرة واسهامهم في انتصار جيوش يوسف بن ناشفين المرابطي، فقد اضطروا بعد تفكك وحدة الاندلس في أوائل القرن السابع الهجري واشتداد نشاط النصارى في حروب الاسترداد إلى مغادرة اشبيلية ونزلوا في مدينة سبتة ثم مدينة بوتة قرب تونس وتولوا العديد من المناصب الرسمية في دولة الحفصيين· وفي تونس ولد عبدالرحمن وتتلمذ على يد والده الذي توفي عام 749 هـ· في وباء الطاعون الذي اجتاح العالم بأسره وسماه ابن خلدون ''الطاعون الجارف''· ومع صعود دولة بني مرين في المغربين الاوسط والاقصى التحق عبدالرحمن بن خلدون ببلاط السلطان المريني أبي عنان المريني في فاس عام 755 هـ· وارتحل ابن خلدون في سنة 764 هـ إلى غرناطة ليعيش في بلاط بني الاحمر واستقبل هناك بحفاوة بالغة من السلطان محمد بن الاحمر الملقب بالغني بالله ووزيره لسان الدين ابن الخطيب وفي العام التالي أوفده السلطان سفيرا إلى بطرس القاسي ملك قشتالة وفي هذه السفارة عاين ابن خلدون آثار أجداده في مدينة اشبيلية وعاد بعد ذلك إلى مدينة بجاية في عام 766 هـ· ولكن تقلبات السياسة وتنازع الحكام اضطرت ابن خلدون إلى مغادرة بجاية إلى مدينة بسكرة ''شرق الجزائر'' ثم إلى تلمسان ثم فاس التي فر منها في عام 766 هـ إلى غرناطة بالاندلس حيث أجاره الغني بالله وأرسله إلى تلمسان وهناك كتب ابن خلدون كتابه الاشهر ''المقدمة'' وكان يومئذ في نحو الخامسة والاربعين من العمر· من تونس إلى القاهرة وتمضي الاحداث بابن خلدون فيعود إلى تونس ثم يغادرها فرارا من مؤامرات الوزير ابن عرفة في شعبان سنة 784 هـ بدعوى الذهاب إلى أداء فريضة الحج لكنه لم يعد إلى مسقط رأسه· ووصل ابن خلدون القاهرة وقد سبقته شهرته بعدما ذاع صيت كتابه ''المقدمة'' وعُين في نفس العام للتدريس بالجامع الأزهر ثم تولى التدريس بمدرستين للمذهب المالكي وهما المدرسة القمحية التي أقامها صلاح الدين الأيوبي بقرب جامع عمرو بن العاص والمدرسة الظاهرية التي شيدها السلطان المملوكي الظاهر برقوق· وبالقاهرة تقلب ابن خلدون في مناصب القضاء وتولى منصب قاضي قضاة المالكية بمصر ست مرات اولاها في جمادي الاخر سنة 786 هـ· وذهب ابن خلدون للحج في عام 789 هـ وعاد للتدريس بمدرسة ضرغتمش بالقاهرة وفي سنة 801 هـ سافر إلى القدس لتجنب الفتن التي صاحبت جلوس السلطان فرج بن برقوق على العرش اذ كان الرجل نتيجة لتطلعه لمناصب القضاء في خصومة شديدة مع العديد من فقهاء وقضاة المالكية فضلا عن عدد من أمراء المماليك وعاد للقاهرة بعد حوالي عام واحد وفي عام 803 هـ صحب السلطان فرج إلى حرب تيمورلنك بالشام وأدت مؤامرات المماليك إلى مغادرة السلطان لدمشق واضطر ابن خلدون ان يفاوض تيمورلنك لضمان تسليمه دمشق بلا قتال نظير تأمين الرعية على أرواحهم وممتلكاتهم ولكن تيمورلنك لم يف بعهده وعاد ابن خلدون إلى القاهرة بعد ان نهبه اللصوص في طريق عودته· وظل يتقلب في مناصب القضاء إلى ان توفى وهو بمنصب قاضي قضاة المالكية في 26 رمضان 808 هـ وقد بلغ من العمر الثامنة والسبعين ودفن بمقبرة الصوفية خارج باب النصر بالسور الشمالي للقاهرة وكانت آنذاك من مقابر العظماء والعلماء· چاء الفصل الثالث تحت عنوان ''روائع من عصر ابن خلدون'' وهو حافل بالصور الملونة التي تعرض لأشهر التحف الفنية التي يحتفظ بها متحف الفن الاسلامي بالقاهرة من انتاج الفترة التي عاش فيها ابن خدون بالقاهرة ومن أهمها صندوق مصحف من الخشب المصنع بالنحاس والمكفت بالذهب والفضة ومشكاة من الزجاج المموه بالمينا وبعض حشوات خشبية مزخرفة بالتفريغ ومطعمة بالعاج وثمة صور ايضا لدنانير ذهبية اصدرها كل من السلطان الظاهر برقوق وابنه السلطان الناصر فرج وعمل ابن خلدون في خدمة بلاط السلطانين· وينتهي الكتاب بالفصل الرابع ''اعلام معاصرون'' وبه عرض لتراجم مختصرة لأهم الاعلام الذين عاصروا ابن خلدون والتقوه في رحلته الطويلة واقتصر الكتاب على ابرز هؤلاء وهم المؤرخ المصري الشهير تقي الدين احمد بن علي المقريزي وابن الشجنة الحلبي العالم والقاضي الحلبي الاصل والذي عمل بالقاهرة في وظائف التدريس والقضاء ولسان الدين ابن الخطيب العالم الاندلسي والوزير في بلاط الغني بالله سلطان غرناطة وزميله ايضا في بلاط غرناطة ابن زمرك احد اكبر الشعراء والكتاب بالاندلس وهناك اشارات ايضا لحياة العالم والفقيه ابن حجر العسقلاني والرحالة المغربي ابن بطوطة والمؤرخ المصري القلقشندي· أما الحكام الذين عمل معهم ابن خدون او التقاهم فهم السلطان المملوكي الظاهر برقوق وابنه الناصر فرج والغازي الكبير تيمور لنك الذي التقاه ابن خلدون في دمشق واخيرا السلطان المريني ابو عنان فارس بن علي بن عثمان بن يعقوب والذي شهد بلاطه أولى خطوات ابن خلدون في عالم السياسة وهو بعد في الثانية والعشرين من العمر· ويقع كتاب ''مع ابن خلدون في رحلته'' في 217 صفحة من القطع الكبير وصدر عن مكتبة الإسكندرية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©