الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كلنا فداك هتاف يطلق الوعي السياسي

كلنا فداك هتاف يطلق الوعي السياسي
6 مارس 2008 03:13
ينطلق الكاتب والباحث البحريني خالد البسام في كتابه المهم ''كلنا فداك·· البحرين والقضية الفلسطينية 1917 ـ 1948م'' من إيمان حقيقي بهذه القضية التي شكلت الوعي العربي عبر كل الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية· منطلقاً من ذاكرة طفولته، حين أخذته المصادفات إلى زيارة المسجد الأقصى مع أبيه· من طيف هذه الذاكرة يحول الباحث هذه اللحظات لطفل لم يبلغ الثامنة، إلى كتاب مهم عن تاريخ تضامن البحرين ودعمها للقضية الفلسطينية منذ وعد بلفور وحتى النكبة، معزز بالوثائق والصور الفوتوغرافية النادرة· ويذكر الباحث في تقديمه لهذا الكتاب أن الشروع في هذا الكتاب قد بدأ مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في العام 1986م، إلا أن توقيع معاهدة السلام المزعومة عطل إنجاز الكتاب، حتى جاءت الانتفاضة الثانية وأشعلت الحماس مرة أخر· في هذا السياق ينتظم كتاب البسام من خلال الانكباب على تقديم رؤية جديدة يكشفها للعامة، ولم تكن معروفة بهذا الشكل من قبل· ففي الفصل الأول يتناول بالدرس وتحليل الوثائق التي وضعت المفارقة الأولى بين البحرين وفلسطين، حتى قبل وعد بلفور· ففي الثاني من سبتمبر من العام 1917م يتقدم طبيب يهودي روسي مقيم في باريس بفرنسا باقتراح مثير إلى وزارة الخارجية البريطانية، يطلب فيه إنشاء دولة يهودية في البحرين والإحساء! وإذ يشرح الطبيب اقتراحه بتجميع قوة يهودية مقاتلة تتألف من 120 ألف رجل، على ان تتضاعف هذه القوة فيما بعد، وأن تصبح هذه المقاطعة التركية (الإحساء) قرب الخليج ''الفارسي'' على أن يتم تمركزهم في جزيرة البحرين، وأن تدفع تكاليف هذه العملية من قبل بريطانيا أو الحلفاء· ومن خلال هذه المفارقة التي يضعها الباحث في أول فصول كتابه، يسعى إلى قراءة مرجعيات ووثائق بريطانية حول هذا المقترح الذي كان رد الخارجية البريطانية عليه في الخامس من أكتوبر 1917م: ''بصرف النظر عن الاعتراض العام لإدخال عنصر جديد في الجزيرة العربية، وبصرف النظر عن المشكلة التي هي مثار الجدل حول الرغبة في إقامة دولة يهودية في أي مكان، هناك أسباب خاصة لاعتبار المواقع المختارة لكل من تمركز الفرق اليهودية وللإقامة النهائية للدولة اليهودية المقترحة غير ملائم تماماً · التبرعات الأولى هكذا يضعنا الباحث في سياق تصاعد الاحتلال، مع وعد بلفور ومعه ظهور بوادر الوعي القومي على مستوى البلدان العربية بالقضية الفلسطينية يأخذ في الانتشار، وكيف استجابت البحرين في أول امتحان للتبرع من أجل ترميم عمارة الحرم القدسي الشريف، وكيف احتلت البحرين المركز الخامس بعد أهالي فلسطين والهند والحجاز والعراق في قائمة المتبرعين حيث بلغت تبرعات أهلها مبلغ 2681 جنيهاً مصرياً· وهكذا يتواصل أهل البحرين مع هذا الجزء المهم من الخريطة العربية، خاصة بعد انتشار التعليم في البحرين واكتشاف النفط وبروز الطبقة العمالية التي بها بدأ الوعي العمالي يأخذ في التوسع والانتشار، وبروز المثقفين والمتعلمين وتأسيس الأندية المهمة كالعروبة والأهلي في المنامة، والبحرين في المحرق، كما أن انتشار أجهزة الراديو ساهم في خلق اهتمام متزايد بالأحداث الخارجية، وبخاصة عن طريق إذاعة الملك غازي في بغداد، حتى ان الإضراب العام في فلسطين في العام 1936م وجد صداه في البحرين، وكيف ساهم الشاعر الفلسطيني والخبير الفني بمطبعة البحرين ''نوح أفندي إبراهيم'' في المساهمة الفعالة في تنوير البحرينيين بحقائق عن تلك الانتفاضة والأوضاع في فلسطين، حتى عودته إلى فلسطين في العام نفسه للالتحاق بالانتفاضة، واستشهاده في أكتوبر من العام 1938م· وهكذا اندفع شعب البحرين في التبرع لهذه القضية، وتحولت الأقلام للكتابة والتعبير عن الحب من خلال الشعر، كما فعل الشاعر عبدالرحمن المعاودة· كما نجحت لجنة دعم فلسطين بالحصول على دعم نساء البحرين· ويتتبع الباحث في هذا الفصل المعاناة البحرينية في توصيل التبرعات إلى الجهات المختصة، مثل النائب البرلماني المصري عبدالحميد سعيد وهو رئيس لجنة إغاثة منكوبي فلسطين· البعثات التعليمية الفلسطينية في سياق التواصل بين الشعب الفلسطيني والبحريني يكشف الباحث خالد البسام عن تطور هذه العلاقة وفتح مجال التدريس في البحرين لأساتذة من فلسطين، ففي العام 1940م تلقى مجلس المعارف في البحرين التقارير الكويتية عن نجاح تجربة استقدام مدرسين فلسطينيين للعمل في مدارس الكويت، والتي قام باختيارهم وترتيب بعثتهم مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني· هذه التقارير شجعت البحرين على تكرار التجربة نفسها، وبالفعل قام مجلس المعارف بالاتصال بالحاج أمين الحسيني وترتيب الأمور معه· تظاهرات وسلاح ومع عام 1947 قام أهل البحرين بتنفيذ حملات أخرى لإنقاذ أولى القبلتين، حيث يذكر الباحث كيف قام شباب من لجنة إعانة فلسطين وهم عبدالعزيز الشملان، ومحمد قاسم الشيراوي، وعبدالله الوزان باستخدام سيارة مكشوفة وداروا بها على الأسواق في المنامة ونادوا عبر مكبرات للصوت بحضور اجتماع فلسطين والاكتتاب بالمال لنصرة فلسطين· ولقد شارك الفنان يوسف قاسم بدعم هذه الحملة من خلال رسمه صورة شخصية للزعيم الفلسطيني أمين الحسيني لبيعها في مزاد علني على أن يعود ريعها لفلسطين· وما ان أعلنت الأمم المتحدة في29 من شهر نوفمبر من العام 1947 تقسيم فلسطين وإنشاء دولتين الأولى لليهود والثانية للعرب، حتى تفجر الوضع في البحرين وخرجوا معلنين رفضهم لهذا القرار· وفي ديسمبر من العام نفسه أعلن الإضراب العام في البحرين وأغلقت المحال التجارية احتجاجاً على قرار الأمم المتحدة· وتطور الأمر بالاعتداء على اليهود في البحرين، مما دفع الجالية اليهودية بالخروج ببيان في 12 ديسمبر من العام نفسه تعلن فيه تضامنها مع الفلسطينيين ورفضها للصهيونية· وهكذا يتابع الباحث سعيه في كشف تقاطعات هذه العلاقة وتلازمها بشكل قوي حتى اطلالة العام 1948 حين استقبلت البحرين الزعيم الفلسطيني جمال الحسيني رئيس اللجنة العليا في فلسطين في أول زيارة يقوم بها زعيم فلسطيني للبحرين وربما للمنطقة فعقدت الندوات وحشدت التبرعات· وينهي الباحث كتابه بالإشارة إلى دور أهل البحرين في الحرب مع إخوانهم العرب والفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية وذلك حين فتح باب التطوع والجهاد فسافرت مجموعة لها صلة بالإخوان المسلمين في البحرين، كما يسرد سيرة المحارب البحريني ''محمد السيسي'' الذي دخل فلسطين عن طريق الأردن وحارب هناك·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©