الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في مواجهة النداوة

في مواجهة النداوة
8 نوفمبر 2012
يحتل المكان عند الشاعر السعودي محمد خضر حيزاً كبيراً. فعالمه الشعري مرتكز على ذاكرة المكان، بما تحمله من هواجس وأحلام، وغربة، ونفي. هذا المكان غير المحدود بصورة الانتماء للوطن الواحد، بل يمتد ليشمل الأرض الإنسانية. الشاعر يبجل طفولته من خلال بعث الصور المنتقاة من ألبوم المكان. كيف لا وهو ابن الامتداد الأعزل إلا منه: “دون أن أكون أعزلا/ أواجه النداوة”. بالنسبة لشعوره، فهو يخمن أن حالته ليست من وهم فقط، بل هي شعور يقوى بالانتماء إلى الواقع. لم لا؟ فالوهم هو الحقيقة الأمثل للعبور المكاني إلى أرض الواقع: “المسافة وهم/ بينك وبين النافذة قليل/ من الخطوات/ لكن النافذة ليست مفتوحة”. كان من الممكن الانتظار قبل التمرغ بالشعر والتراب. المسافة لا ترحم. من الذي يسامح قبل الولوج في عدم الأمكنة؟ “تترجى ترجمة العالم وتفقد قدميك القارة”. الشاعر يتربص بالمكان، مكان السرد والحنين والمسافة: “ثم هناك ديوان اسمه حلاج المسافة. أعرف معنى أن يكتب الإنسان بالريح، أو أن يمشي في الريح على أرض من ريح. كل هذا العبور هو لتذكر معنى أن تكون أو لا تكون”. في ديوانه نزعة إنسانية تستبيح المحظور، فهو لا يكون إلا إذا استطاع المضي نحو المجهول بلغة فاتحة جديدة، لغة تستشرف المكان والوجود والعالم. إن الحركة والتوثب لا تترك للسكون مكاناً. ربما رغبته في زيارة الكون تتخطى حدود وجوده.. ولكن هل يستطيع أن يملك ما لا يملك. المكان الذي ينتمي إليه يشعره بخشية ماضية كأنه ملعون عندما ينتسب لعائلة الأمكنة: “ناعمة ولكنها تقتل”. لقد ذهل الشاعر محمد خضر في “تماماً كما كنت أظن” وذهوله يسمع من بعيد.. ربما لأنه نسي صوته في مكان من تلك الأمكنة التي ناجاها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©