الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إسرائيل انتهكت اتفاقاً سرّياً بعدم استخدام القنابل الانشطارية

6 ابريل 2007 00:50
الاتحاد- خاص: الشعار كان ''اقصف اليوم·· تقتل غداً''· الذي أطلقه هو رئيس الأركان الإسرائيلي اللفتنانت جنرال ''دان حالوتس'' الذي استقال تحت وطأة الفضائح التي رافقت الأداء الميداني خلال حرب الصيف الفائت ضد لبنان·· أكثر من مليون قنبلة انشطارية ألقيت على الجنوب اللبناني، ما يربو عن 350 ألفاً منها لم تنفجر، ويكاد لا ينقضي يوم إلا ويسقط ضحايا بفعل هذه القنابل· وثمّة جهاز رسمي أميركي يحقق، حالياً، في استخدام حكومة ''إيهود اولمرت'' لتلك القنابل، ولكن هل يصل التحقيق إلى نتيجة تدين إسرائيل أو توصي بفرض عقوبات ما؟ الصحف الغربية تشكك·· إنها تقتل الأشجار ''اقتلوا حتى عندما تديرون ظهوركم، حتى عندما··· تموتون''! هذا الأمر صدر عن ضابط نازي يدعى ''فرانز بوهلر'' إبان الحرب العالمية الثانية، وأشار إليه أكثر من مؤرخ كتب عن النواحي البربرية في تلك الحرب· الآن مَن يزور جنوب لبنان يكتشف أنّ ثمّة نوعاً هائلاً من البربرية مارسه الإسرائيليون في تلك المنطقة· أحد المصوّرين الأجانب التقط صورة لشجرة زيتون معمّرة تحطمت بفعل انفجار ثلاثة ألغام زُرِعت تحتها· الألغام تقتل الأشجار أيضاً، وليس البشر فقط· فالإسرائيليون، وخلال اجتياح لبنان في عام 1982 وبعده زرعوا أكثر من مليون لغم في منطقة محدودة جغرافياً، ولم يسلموا الخرائط إلى الأمم المتحدة كما كان يفترض لدى انسحابهم، وهذا إذ أدى إلى مقتل مئات الأفراد بانفجار تلك الألغام في الحقول، وعلى جوانب الطرق، فإنه حال دون آلاف العائلات واستثمار أراضيها، إلى أن قامت الامارات العربية المتحدة بذلك المشروع العملاق لنزع الألغام مما مكّن حتى الآن من إزالة مئات الآلاف منها· عناقيد الموت لكن الإسرائيليين الذين شنّوا حرب الصيف الماضي على لبنان والذين لم تساعدهم ''الظروف'' على زرع كميات أخرى من الألغام، استعاضوا عن ذلك وفي الساعات الأخيرة من الحرب، بإلقاء أكثر من مليون قنبلة عنقودية في مناطق الجنوب المختلفة، ودون أي مراعاة للقوانين الدولية، حتى أن نائب وزير الدفاع ''افرايم سنيه'' لم يتردّد في القول لإذاعة الجيش الإسرائيلي ''لندعهم يعيشون داخل··· المقبرة''· لا يكاد ينقضي يوم في الجنوب اللبناني إلا ويقع شخص أو أكثر ضحيّة تلك القنابل· كبار وصغار يسقطون بما دعاها خبير فرنسي بـ''عناقيد الموت''· وكان الإسرائيليون قد أطلقوا على عمليتهم العسكرية في ابريل 1996 والتي انتهت بمجزرة قانا تسمية ''عناقيد الغضب''، مستعيرين، وعلى نحو فظ، عنوان رواية الكاتب الأميركي الشهير ''جون شتاينبك''· عناقيد الموت الآن بدل عناقيد الغضب· حديقة الأغبياء ''اقصف اليوم·· تقتل غداً''· هذا هو الشعار الذي اعتمده رئيس هيئة الأركان اللفتنانت جنرال ''دان حالوتس'' الذي ما لبث أن استقال في سياق الفضائح التي ظهرت خلال حرب الصيف· ولم تتردّد صحيفة ''هاآرتس'' في استخدام تعبير ''حديقة الأغبياء'' حين نقلت عن ضباط قولهم إنّ نثر القنابل العنقودية كان يرمي إلى إقامة ''منطقة محرّمة'' تحول دون ''الإرهابيين'' وإطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل· وحتى إذا كان هذا صحيحاً، من الناحية التقنية، وهو ليس كذلك أبداً، فإنّ خبراء دوليين، بمن فيهم خبراء أميركيون، لاحظوا أنّ القنابل استهدفت، بالدرجة الأولى، الأماكن الآهلة· في إحدى القرى عُثِرَ على ثلاث قنابل في المكان الذي يوضع فيه العلف للأبقار· وفي قرية أخرى سقطت القنابل في آبار المياه· الذي حدث هو نوع من الهيستيريا الثأرية: القتل للقتل، وهذا ما أكده، ضمناً، في 19 سبتمبر الفائت ''ديفيد شيرير'' منسق المساعدات الإنسانية التي قدمتها الأمم المتحدة· لم يصدق أنّ هذا يمكن أن يحدث، مؤكداً أن القنابل ألقيت في الساعات الأخيرة من الحرب، أي أن الهدف لم يكن حماية الجنود وهم يقاتلون، وإنما تفخيخ المناطق الجنوبية لقتل أكبر عدد من الناس في أوقات لاحقة· السلاح الإجرامي وحسب صحيفة ''هاآرتس'' فإن 1,2 مليون قنبلة ألقيت من المدفعية الثقيلة (عيار 155 ملليمتراً) أو من راجمات الصواريخ الأميركية الصنع M-62 MLRS. وكل قنبلة من الراجمة تحتوي على 644 قنبلة صغيرة، أي أنها تغطي قطعة من الأرض بمساحة ملعب لكرة القدم، مما يعني، والحال هذه، أن كل الجنوب أضحى منطقة خطر، وكل شخص هناك بات جثة محتملة·· هذا النوع من السلاح يصنّف، دولياً، بالإجرامي، والذين أعطوا الأوامر يفترض أن يحاكَموا كمجرمي حرب· المثير أن هناك إسرائيليين قالوا هذا، ونشرت أقوالهم في الصحف، وإن كان على ''عاموس اوز''، الكاتب البارز الذي فاجأ الجميع بوقوفه إلى جانب الحرب، أن يستدرك، مستغرباً وسائلاً: ''هل كنا فقط مجرد قتلة في هذه الحرب؟''، وهو الذي دعا ليس فقط إلى طرد المسؤولين عن الفشل (وعن الأداء الهمجي) وإنما إلى محاكمتهم ووقوفهم وراء القضبان· ويقول الخبراء أن تلك القنابل ليست دقيقة، لهذا يقتضي على مَن يستخدمها أن يلقي كميات ضخمة منها، لاسيما وأنها تستمر في القتل لمدد طويلة· ففي لاوس، وبعد أكثر من ثلث قرن على الانسحاب الأميركي من الهند الصينية لا يزال الأطفال يموتون وهم يعبثون بتلك القنابل التي يعثرون عليها في الحقول وعلى ضفاف الأنهار· الساعات المجنونة ويعترف الجنرال الأميركي ''تشارلز دانلاب''، المسؤول عن الخدمات القانونية في سلاح الجو بأن استخدام القنابل العنقودية يتنافى كلياً مع القانون الدولي، ولكن في أرض المعركة ''ومع الأسف، فإن أحداً لا يستطيع السيطرة على تلك الساعات المجنونة''· ولكن عندما يحكم الجنون ذلك الوقت الساخن، وتتفلت الضوابط، فما هو الذي يمنع الدولة العبرية من اللجوء إلى الرؤوس النووية· وما نُشِرَ حتى الآن حول الخلفيات الفضائحية للحرب، يؤكد أن القيادات الإسرائيلية، السياسية والعسكرية على السواء كانت في حال من الضياع شبه الكامل· إن ''عاموس اوز'' أشار إلى ذلك أيضاً، متسائلاً ''ما إذا كنا على استعداد للانزلاق إلى الهاوية''· ليضيف: ''أيها السادة، انزعوا من رؤوسكم من الآن وصاعداً، قعقعة السلاح''· السبب هو ''ذلك الجنون'' الذي صدم حتى الرئيس ''رونالد ريجان'' الذي أوقف في عام 1982 تصدير القنابل العنقودية إلى إسرائيل بعدما تبين أنها تستخدمها ضد المدنيين، وإذا كان موقف واشنطن لا يزال ملتبساً حيال إدانة حكومة ''ايهود اولمرت'' باستعمال تلك القنابل، فإن مكتب مراقبة صادرات السلاح فتح تحقيقاً لمعرفة ما إذا كانت تل أبيب قد انتهكت اتفاقاً سرّياً يقضي بعدم استخدام تلك القذائف في المناطق الآهلة· الخبراء الأميركيون يعلمون جيداً ما جرى، لكنهم يستبعدون أن ينتهي التحقيق بفرض عقوبات على إسرائيل· وكان مجلس الشيوخ قد رفض في شهر سبتمبر الماضي، أي قبل الانتخابات النصفية، وبأغلبية 70 صوتاً مقابل 30 مشروعاً تقدم به الأعضاء الديمقراطيون بحصر استخدام تلك الأسلحة بالجيش الأميركي· إن ''موشي دايان'' هو الذي قال ذات يوم: ''في الحرب، حتى الحاخامات يرتدون المعاطف المرقطة''· البُعد الأخلاقي هراء·· أورينت برس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©