السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النظم الديمقراطية... الأفضل في مواجهة الكوارث

16 نوفمبر 2013 22:49
تكلمت في موضوع سابق عن مدى تأثير الظروف الاقتصادية على جسامة الدمار الذي تسبب فيه الإعصار “هايان” في الفلبين، لكن ماذا عن تأثير السياسة في التصدي للكارثة؟ منظمة “فريدم هاوس” تصنف الفلبين باعتبارها بلداً “حراً جزئياً”، ولديها مشكلات في الفساد والمحسوبية. لكن هذا البلد الآسيوي يتمتع بنظام ديمقراطي انتخابي، وتتزايد فيه العملية السياسية انفتاحاً وحقق تقدماً خلال الآونة الأخيرة في التوصل إلى اتفاق سلام مع جبهة تحرير”مورو” الإسلامية وفي مكافحة الفساد. لكن هل لتحسين الظروف الديمقراطية في البلاد أي تأثير في جهود الإغاثة في الكوارث؟ نعم، يمكن أن يكون لها تأثير. فكوارث الطبيعة مثل الزلازل والأعاصير والجفاف من عند الله وهي محايدة سياسياً. (ودعنا ننحي جانباً تغير المناخ الآن). لكن مستوى التنمية في البلاد يحدد غالباً مدى الدمار. فعلى سبيل المثال، تعرضت شيلي لزلزال أكثر شدة بمقياس ريختر مما تعرضت له “هايتي” عام 2010، لكن حصيلة القتلى فيها كانت أقل كثيراً. وتشير بعض الأبحاث إلى أن النظم الديمقراطية أفضل استعداداً لمواجهة الكوارث والاستجابة لها من النظم الاستبدادية. ولتأخذ على سبيل المثال عرقلة ميانمار للمساعدات الدولية بعد الإعصار “نرجس”، أو حملة الصين الأمنية المشددة على الذين أشاروا إلى عدم استيفاء المواصفات الضرورية في الأبنية باعتباره سبباً في زيادة حصيلة القتلى في زلزال سيشوان عام 2008. ويشتهر عن الاقتصادي “أمارتيا سن” الحائز جائزة نوبل حجة بشأن أن المجاعات لا تحدث في النظم الديمقراطية جيدة الإدارة، لأن الديمقراطيات “يتعين عليها أن تفوز بالانتخابات وتواجه النقد العلني ويكون لديها حوافز قوية لاتخاذ الإجراءات التي تتفادى وقوع مجاعات وكوارث أخرى”. وفي ورقة بحثية لعام 2002، طور الاقتصاديان “تيموثي بيسلي” و”روبن بورجس” في مدرسة لندن للاقتصاد هذه الحجة في دراسة تتعلق بكيفية استجابة المناطق الهندية على النقص في إنتاج الغذاء وتدمير الفيضانات للمحاصيل. ووجد الباحثان أن الولايات الهندية “التي يكون فيها توزيع الصحف أعلى والمحاسبة الانتخابية أعلى”، أكثر استعداداً بكثير في الاستجابة على حاجات الشعب عند وقوع كوارث. وفي عام 2010، طور “إليخاندرو كويروث فلوريس” و”ألستير سميث” الفكرة بشكل أكبر وجادلا أن الدول الديمقراطية لديها حوافز أكبر في الاستعداد لمواجهة الكوارث وإعداد أنظمة للاستجابة أفضل من النظم الشمولية. ويقول سميث “إن فرص المرء في النجاة من كارثة في نظام ديمقراطي ولو فقير أفضل من تلك الفرص التي يحظى بها في نظام شمولي ولو غني”. ففي النظم الديمقراطية، يتضرر السياسيون عندما ترتفع حصيلة الخسائر ويٌنظر إلى رد السلطات باعتباره غير ملائم. (وتذكروا ما لحق بالرئيس جورج بوش من ضرر بعد عاصفة كاترينا بسبب الأداء السيئ لإدارته في الاستجابة للكارثة). وإذا قلت الخسائر واعتبرت استجابة السلطات جيدة، فإن الزعيم يستفيد سياسياً (مثلما حدث مع أوباما بعد إعصار ساندي مثلا). لكن في النظم الاستبدادية، للحوافز شكل مختلف ومسار آخر تسلكه. فلا يعتمد الزعماء على الدعم الشعبي، لكن على ولاء أقرب المقربين منهم. ولذا فإن الأموال التي كان من الممكن أن تنفق على تحسين البنية التحتية، أو وضع أنظمة للاستجابة على الكوارث، تذهب إلى جيوب المقربين من الزعماء. وتضر الكوارث بحكومات الأنظمة الاستبدادية إذا تمخضت جهودها في الاستجابة عن تكديس المتضررين من الكوارث في مناطق صغيرة، فتعطي لزعماء المعارضة نقطة ارتكاز لحشد الدعم حولهم. وجادلت ورقة “سميث وفلوريس” أن الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تلت الزلزال الذي وقع في مكسيكو سيتي عام 1985 قد ساعد المدينة على تطوير مجتمع مدني أكثر قوة، مما أدى في نهاية المطاف إلى انتخابات مباشرة لرئيس بلدية المدينة والتخلص من احتكار الحزب الثوري المؤسسي للسلطة. ويقول “باتريك ميير” من منظمة “آي ريفوليوشن” الناشطة إن تنظيم حركة الحشد الشعبي على الإنترنت في عشية وقوع كوارث يمكن أن يلعب دوراً مشابهاً. وكان الإعصار “هايان”، وهو من أقوى الأعاصير المسجلة قد اجتاح وسط الفلبين ودك مدينة تاكلوبان عاصمة إقليم “ليتي”، ويخشى مسؤولون أن يبلغ عدد الضحايا هناك عشرة آلاف، غرق كثير منهم عندما طغا الماء على اليابسة فيما يشبه أمواج المد الزلزالية. لكن الرئيس “بنينو أكينو” قد قال يوم الثلاثاء الماضي إن قتلى الإعصار “هايان” قد يتراوح عددهم بين 2000 و2500 وليس عشرة آلاف. وأعلنت الحكومة أن العدد الرسمي لمن قضوا في الإعصار 1773 قتيلاً. فها هي الأخبار السيئة جاءت من الفلبين وهي أرخبيل يزيد على سبعة آلاف جزيرة ويتعرض لقرابة 20 إعصارا في السنة. فالبنية التحتية للبلاد متهالكة بعد سنوات من ضعف الاستثمار، وهناك رئيس أدين في الآونة الأخيرة بالفساد واتهم آخر بتزوير الانتخابات، وهذا يفسر إحساس الفلبين بالريبة تجاه زعمائهم. وفي الواقع، تدور أحداث لعبة تبادل الاتهامات بين الرئيس بنينو أكينو والسلطات المحلية في مدينة تاكلوبان التي أصابها الإعصار بدمار شديد. ولحسن الحظ، سيضع هذا الجدل، بعض الضغوط على السلطات لاتخاذ إجراءات لتفادي ألا تحصد العاصفة التالية عدداً كبيراً من الأرواح. جوشوا كيتنج صحفي متخصص في الشؤون الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة “واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©