الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صراع جنوب تايلند··· الإدماج الإجباري للمالاي

صراع جنوب تايلند··· الإدماج الإجباري للمالاي
22 مارس 2009 03:16
يتصوّر هؤلاء الذين يعيشون خارج تايلند أحياناً أن هذه الدولة عبارة عن مجتمع متناغم، لكن نظرة عن قرب تكشف عن الكثير من التنوع فيها· ورغم أن غالبية التايلنديين يعتنقون البوذية، وهي الديانة الرسمية للدولة، فإن هناك أقليات صغيرة، لكنها معتبرة، من المسيحيين والكونفوشيوسيين والهندوس واليهود والسيخ والتاويين· ويقدر البعض أن حوالي 10 في المئة من سكان تايلند، البالغ عددهم 64 مليون نسمة، هم من المسلمين· ويشكل المسلمون ثاني أكبر الأقليات الدينية في تايلند، بعد السكان من أصول عرقية صينية· ورغم أن بعض المسلمين التايلنديين من أصول فارسية، ومن المسلمين الكمبوديين والبنغال والهنود والباكستانيين والصينيين، إلا أن معظمهم من المالاي، وهي مجموعة عرقية مسلمة في معظمها تعيش في شبه جزيرة مالاي وأجزاء من سومطرة وبورنيو وماليزيا· ورغم أن مسلمي تايلند يعيشون في أجزاء مختلفة من الدولة، يعيش مسلمو مالاي بشكل رئيسي في المقاطعات التايلندية الجنوبية؛ في باتاني ويالا ناراتيوات وسونجكلا وساتون المحاذية لماليزيا· واجه مسلمو مالاي، خلافاً لبني ديانتهم من غير المالاي الذين ينزعون لأن ينخرطوا أكثر في المجتمع، صعوبة في أن يصبحوا جزءاً متكاملا من الثقافة التايلندية· وقد برز عدد لا يستهان به من الحركات الانفصالية نتيجة لذلك، ونتجت عن محاولات الحكومة التايلندية قمعها، عقود من النزاع الدموي والعنيف· وقد أوجد العنف الذي وقع مؤخراً إلحاحاً متجدداً لإيجاد حلول بديلة للنزاع· أحد هذه التوجهات مراجعة سياسات الاستيعاب والتكامل التي حاولت الحكومة التايلندية تطبيقها في الجنوب منذ عقود عديدة· لقد توطن مسلمو المالاي فيما يسمى اليوم تايلند قبل قيام مملكة تايلند، وجرى ضمهم إلى المملكة خلال الجزء الثاني من القرن الثامن عشر· عارض السكان المسلمون المالاي هذا الضم لأنهم كانوا يعيشون تحت حكم سلطنة إسلامية مستقلة، وكانوا بالتالي يفضلون أن يجري ضمهم إلى دولة من المالاي أو أن يحكموا أنفسهم· أوجدت سياسات الانخراط الضخمة التي أطلقها حزب سونجكرام الوطني في أربعينيات القرن الماضي مزيداً من الحقد ضد مسلمي مالاي· حاولت الحكومة إكراه شعب المالاي على التخلي عن هويته القومية والدينية· وقد مُنعوا من لبس الثوب وغطاء الرأس التقليديين، ومن التحدث بلغة المالاي، وأجبروا على تبني أسماء تايلندية· كذلك منعوا من ممارسة شعائر دين الإسلام على أساس أن البوذية هي الدين السائد في تايلند· قامت الحكومة بإلغاء المحاكم الإسلامية التي كانت قد تأسست للفصل في الشؤون الأسرية الإسلامية، وفرضت على الطلبة من مالاي إظهار الاحترام لصور وتماثيل بوذا المتواجدة في المدارس الحكومية· وقد تم اعتقال هؤلاء الذين رفضوا الانصياع لهذه السياسات، بل وجرى تعذيب بعضهم· وكان لهذه السياسة نتائج مدمرة على العلاقة بين الحكومة التايلندية وسكان الجنوب· ورغم أن هذه السياسات ألغيت فيما بعد، فإن شيئاً بدا وكأنه لم يتغير عبر العقود، وهو ''عدم استعداد الحكومة للاعتراف بطبيعة النزاع على أنه ناتج عن قضايا اجتماعية وثقافية متأصلة''، حسب قول مايكل فاتيكيوتيس، وهو خبير بشؤون جنوب شرق آسيا ويقيم في سنغافورة· ورغم أن الحكومة بذلت جهوداً للانخراط في مبادرات بنّاءة إلا أن الحساسية الثقافية للعديد من السياسات تبرز هذا الانعدام المتواصل للتفهّم· فقد قامت حكومة رئيس الوزراء السابق ثاكسين سيناواترا على سبيل المثال بتخصيص بعثة لبعض الطلاب من الجنوب، تعطى لهم بالقرعة، وهو أمر يُعتبر مقامرة يرفضها مسلمو مالاي· تميل حكومة بانكوك، بدلا من ذلك، إلى أن ترى النزاع على أنه نتيجة لنشاطات إجرامية من قبل متشددين متدينين في الجنوب· لذلك تشكّل العمليات العسكرية دائماً عصب السياسات الحكومية· كذلك ما زال المسؤولون الحكوميون في أقاليم المالاي المسلمة من التايلنديين العرقيين بشكل واسع، وهم بوذيون متدينون، الأمر الذي ينتج عنه انعدام التمثيل بالنسبة لغالبية السكان المالاي المسلمين في المنطقة وبالأحرى على المستوى الوطني· تحتاج الحكومة لأن تعيد النظر في سياساتها التكاملية· ومن الأسباب التي يمكن من خلالها تحقيق الاندماج الطوعي لمسلمي المالاي في تايلند، أن تقوم الحكومة بإعطائهم حكماً ذاتياً ليحكموا أنفسهم· فالحكم الذاتي من شأنه أن يمكّن المالاي المسلمين من تحسين مستوى معيشتهم والارتقاء بمجتمعهم المحلي· كذلك يمكن لمزيد من التفهّم للواقع الثقافي والاجتماعي أن يولّد سياسات أقل تركيزاً على العمل العسكري وأن يؤدي إلى إشراك سكان الجنوب بأساليب ثقافية تتمتع بالاحترام· وعموماً فإن سياسة الانخراط والتكامل الإجباري هو جوهر النزاع المزمن في جنوب تايلند· وسوف يستمر النزاع في الثوران ما لم يتعامل أطراف الصراع بشكل إيجابي وديمقراطي· فيسون داو محاضر في العلوم السياسية بجامعة شونجكلا بتايلند ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©