الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل بات العالم أكثر أمناً؟

7 نوفمبر 2012
هناك حقيقة من حقائق السياسة الخارجية لا يجرؤ أوباما ولا منافسه رومني على ذكرها في الموسم الانتخابي، كما لن يذكرها كذلك أي جنرال أميركي، ولن تقوم هي من تلقاء نفسها، بإزاحة أي موضوع من الموضوعات الساخنة التي تناقشها المراكز الفكرية الأميركية العديدة المتخصصة في السياسة الخارجية. هذه الحقيقة تتمثل في أن العالم، وبموجب مقاييس إحصائية مؤكدة، لم يكن في أي وقت أكثر أماناً مما هو عليه الآن. فأوباما مثلا يرى أن الشبكات الإرهابية، ما زالت تمثل أخطر تهديد يواجه الولايات المتحدة ،وحذر مؤخراً من أننا:" يجب أن نكون متيقظين على الدوام". على الرغم من ذلك فإن الحقيقة هي أن الإرهاب لم يمس تقريباً معظم الأميركيين منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر وأن الـ238 أميركياً الذين لقوا مصرعهم من ذلك الحين، قد قضوا في مناطق حرب وفقاً لتقارير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب. في الآن ذاته، وجدت لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية أن 293 أميركياً قد لقوا مصرعهم خلال الفترة نفسها بسبب سقوط قطع من الأثاث أو أجهزة تلفزيون عليهم. خارج الولايات المتحدة، تشير إحصائيات المؤسسات العالمية بشكل لا يمكن إنكاره، إلى حدوث تقدم في تحقيق قدر أكبر من السلام والاستقرار في مختلف مناطق العالم. فهناك في الوقت الراهن عدد أقل من الحروب مقارنة بما كان عليه الوضع منذ عقد من الزمان؛ كما انخفض عدد الأفراد الذين قتلوا جراء الصراعات المسلحة انخفاضاً كبيراً كذلك حيث لم يتجاوز 526,500 شخص عام 2011 مقارنة بـ740 ألفاً عام 2008 وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة. ولكن عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية، فإن الميول في مسار الحملات الانتخابية، تميل نحو إظهار أن الوضع أسوأ بكثير عما هو عليه في الواقع وهو ما يدفع الشخص الطامح في تولي منصباً عاماً إلى اللجوء في معظم الأحيان للإشادة بالقوات مع التحذير في الوقت نفسه من احتمال وقوع كوارث كبرى. وفي الواقع أن هذا الموقف يبدو مفهوماً في مرآة الحملات الانتخابية، لأن المرشح الذي يتحدث عن تقلص التهديدات الموجهة للأميركيين سيبدو أحمقاً في نظر الناخبين، أو ضعيفاً، أو بعيداً عن نبض الأحداث، خصوصاً إذا وقع هجوم على الأراضي الأميركية، أو تعرضت قواتها لانتكاسات في مناطق الحروب في الخارج. هناك سبب آخر، وهو أن كل مرشح من المرشحين في السباق الانتخابي الأميركي يطمح في أن يبدو في نظر الجمهور ممتلكاً لكافة المؤهلات المطلوبة كزعيم للعالم الحر، وهو ما يجعله يفرط في الحديث عن التهديدات، حتى يبدو في صورة المخلص المحتمل في عالم يزداد خطورة على الدوام؛ في حين أن إقدام أي منهما على القول بأن العالم قد بات أكثر أمناً لن يفيده، ولن يفيد مستقبله السياسي بشيء، كما يقول "ميكاه زينكو" زميل مجلس العلاقات الخارجية الأميركي الذي نشر إحصائيات الوفيات في مناطق الحروب وبسبب سقوط قطع الأثاث- التي تمت الإشارة إليها. من جانبهم يقول الخبراء العسكريون في معرض تعليقهم على موضوع الحديث الدائم عن التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، إن أمتهم بحكم وضعها العالمي معرضة لطائفة محتملة من الكوارث تفوق تلك التي يمكن أن تتعرض لها أي أمة أخرى في العالم، وأن هناك بالتالي منافع محسوسة لزيادة الإنفاق الدفاعي من أجل توفير الأمن، وأن ذلك الإنفاق الدفاعي الزائد في حد ذاته يعتبر سبباً مهماً من أسباب العهد الحالي من الاستقرار والأمن، وتقلص عدد قتلى الأميركيين لأسباب لها علاقة بالحروب أو الإرهاب. ولكن الاستثمار الكثيف في موضوع الأمن لها أكلافه أيضاً، وهو ما يبدو من خلال حقيقة أن الإنفاق الدفاعي الأميركي قد وصل في الوقت الراهن إلى مستوى قياسي مرتفع لم يسبق أن وصل إليه منذ الحرب العالمية الثانية، كما أنه من غير المحتمل أن يتقلص في المستقبل القريب بنسبة كبيرة. من ضمن تلك الأكلاف كذلك أن الدول المنافسة للولايات المتحدة يمكن أن تنظر إلى زيادة إنفاقها الدفاعي الأميركي على أنه يمثل تهديداً لأمنها، مما يجعلها تدخل في سباق تسلح، وهو ما يمكن أن يجعل العالم أقل أمناً بالتالي. بيد أن الملاحظ في الوقت الحالي من الحملة الانتخابية أن لا أحد من المرشحين يندفع لمناقشة المغزى الضمني لعالم أكثر أمناً. جريج جاف محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©