الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خبراء: اكتساب الأطفال «الإنجليزية» لا يعطل تعلم اللغة «الأم»

خبراء: اكتساب الأطفال «الإنجليزية» لا يعطل تعلم اللغة «الأم»
16 نوفمبر 2013 20:48
بدأت وزارة التربية والتعليم، مع بداية العام الدراسي الحالي، في تطبيق مشروع تعليم اللغة الإنجليزية في 17 من رياض الأطفال الحكومية، في مختلف المناطق التعليمية في الدولة، في إطار مشروع يحتاج إلى أربع سنوات، حيث يتم إضافة أعداد جديدة من رياض الأطفال لضمها إلى المشروع، قبل بداية كل عام دراسي. هذه المبادرة جاءت نتيجة لعدد من الدراسات التي تذهب إلى أن تعليم اللغة الإنجليزية للأطفال في سن مبكرة يساهم في تسهيل انخراطهم في صفوف المرحلة الأساسية، كما يجعلهم قادرين على تحقيق المستوى الدراسي المتوقع منهم. هذا التوجه يطرح العديد من التساؤلات المهمة حول قضية تعلم الطفل لأكثر من لغة في سن مبكرة، وجدواها تربوياً وتعليمياً، وانعكاساتها على مسار الطفل التعليمي، ونموه اللغوي للغته الأم « اللغة العربية». لقد تعددت وتباينت النظريات التربوية العلمية حول جدوى وانعكاسات تعلم الطفل أكثر من لغة في عمر مبكر، وحيث تستند كل منها إلى أسانيد وحجج تعزز توجهها وفلسفتها، وتقدم كل منها النتائج والبراهين التي تضعف وجهات النظر المتناقضة معها، وما بين هذا وذاك يبقى الحقل التعليمي في حالة ترقب وانتظار لما تسفر عنه التجربة العملية من إيجابيات وسلبيات. لقد شهدت تسعينات القرن المنصرم تفسير أصحاب النظرية الاجتماعية الثقافية التي ترى أن اكتساب الطفل لأي لغة ثانية يرتكن أولاً إلى البيئة الاجتماعية للمُتعلم. بينما يذهب أصحاب نظرية « التفاعلية الاجتماعية » إلى أن تطور اللغة يحدث في سياق تفاعل اجتماعي بين الطفل والكبار من حوله، حيث يقومون بنمذجة استخدام اللغة وتسهيل محاولات الطفل إتقانها والتعلم بالاستماع والترديد والمحاكاة والتقليد. لكن إلى أي حد تساهم عملية تعليم الطفل أكثر من لغة في وقت واحد في تنمية مهاراته اللغوية؟ وما علاقة ذلك بآلية التطور والنمو اللغوي عند الطفل؟ تطور طبيعي تقول الاختصاصية النفسية هالة الزيني:« من المعروف أن الطفل الطبيعي يمر بمراحل نمو لغوي متدرجة وطبيعية نتيجة سماعه لمن حوله ويكتسبها سماعياً أولاً من البيئة من حوله، ومن ثم نجد أن معظم الأطفال يستجيبون للطلبات الشفهية البسيطة عندما يكملون السنة الأولى من أعمارهم، ويمكن للطفل قول « ماما » و«بابا» أو « دادا »، وقد يتمكن أيضاً من استخدام الإشارات والإيماءات البسيطة بالتقليد، ويمكن أن نراه يهز رأسه كأنه يقول « نعم » أو «لا»، أو الإشارة والتلويح باليد عند الرفض أو الوداع، وعندما يبلغ سنةً ونصف السنة من عمره، تكون قدراته اللغوية في حالة نمو مستمر، وعندما يبلغ الطفل سنتين نجده يتمكن من تغيير نبرة صوته عندما يريد إصدار أصوات معينة أو عندما يقلد أصوات الطيور والحيوانات من حوله، وتصبح الأصوات التي يُصدرها أكثر شبهاً بالكلام عند هذه المرحلة. وقد ينطق أيضاً بعض الأصوات ذات الدلالة والمعنى، وذلك من قبيل «آه أو أوه». ويحاول أيضاً نطق وترديد الكلمات التي يسمعونها من أهلهم، وقد يستطيع معظم الأطفال الذين أتموا سنتين أن ينفذوا أوامر بسيطة نتيجة فهمهم لدلالات ما يطلب منهم، ويبدأ الطفل نطق جمل كاملة مؤلَّفة من كلمتين أو أربع كلمات، إضافة إلى تكرار نطق الكلمات التي يسمعها. وقد يصبح الطفل في هذه السن قادراً على معرفة أسماء الأشخاص المألوفين لديه، وأسماء بعض أجزاء الجسم أيضاً، بل يتمكن من الإشارة إلى صورة في الكتاب عندما يسمع اسمها، وعندما يبلغ الطفل ثلاث سنوات، يجب أن يتمكن من تنفيذ تعليمات مؤلفة من خطوتين أو ثلاث خطوات، كما يستطيع إجراء محادثة يستخدم فيها جملتين أو ثلاث جمل، ويتمكن معظمُ الأطفال من ذكر أسمائهم وأعمارهم وجنسهم عندما يبلغ الواحد منهم ثلاث سنوات. وفي هذه السن، يستطيع الطفل ذكر أسماء معظم الأشياء المألوفة، بما في ذلك أسماء بعض الأصدقاء، بل ويتمكن من الكلام بشكل مقبول عند بلوغه السنة الثالثة، بحيث يفهم أي شخص ما يقوله الطفل معظم الوقت. وقد يبدأ الطفل في هذه السن استخدامَ الضمائر وبعض صيغ الجمع، كأن يقول «سيارات» أو «قطط» ويصبح معظمُ الأطفال في هذه السن قادرين أيضاً على فهم معنى حروف الجر عند استخدامها في الكلام». التعلم بالاكتساب يذهب الخبير التربوي الدكتور موسى رشيد حتاملة، إلى أن فرضية «التعلم بالاكتساب» من أهم فرضيات تعلم واكتساب اللغة وأوسعها انتشاراً بين اللغويين ومتدربي اللغة، حيث يوجد نظامان مستقلان بخصوص اكتساب اللغة الثانية، النظام المكتسب، ونظام التعلم. فالاكتساب هو نتاج ما وراء الوعي، وهو كثير الشبه بعملية اكتساب الأطفال لغتهم الأولى التي تتطلّب تفاعلاً ذا مغزى باللغة الأم بالتخاطب الذي ينساب طبيعياً، حيث يركز المتكلمون على التواصل لا على شكل النطق. أما بالنسبة لنظام « التعلّم»» فهو نتاج التعليم الرسمي، حيث يجري ضمن نطاق الوعي، ونتيجته تتعلق بمعرفة اللغة والوعي بها، كمعرفة قواعد اللغة على سبيل المثال». ويضيف الدكتور حتاملة: «إن أهمية اكتساب اللغة ضرورة يفرضها الأمر الواقع، وقد أخذت به معظم الأمم المتقدمة، منها والنّامية لمواكبة التطور، وتوسيع المدارك والاطلاع على تجارب الآخرين، وصدر بيان عالمي عن الأمم المتحدة عام 2001 يبين أهمية تعلم اللغات في عالم اليوم، وتدريس اللغة الثانية لا يعني امتياز هذه اللغة أو تفوّقها على اللغة العربية، لكن ينصح بتدريسها في مرحلة متأخّرة، وذلك بعد أن يكون التلميذ قد استوعب أساسيات لغته الأم، وأتقن فعالياتها وتشبع بثقافته الوطنية، ويكون ذلك في صالح اللغتين«الأم والثانية». ويكمل حتاملة:« إن تدريس اللغة الثانية يساعد في تطوير لغتنا العربية، سواء كان تدريسها كلغة أولى أو كلغة ثانية، ومعلوم أنّ هناك ملايين المسلمين من غير العرب لا يتقنون العربية، وهي لغة القرآن الكريم، وهم بأمّس الحاجة لتبسيطها وتسهيل انتشارها، لذلك أصبحت الحاجة ماسّة للاستفادة من تجارب الآخرين، الذين سهلوا استيعاب وانتشار لغتهم حتى أصبحت اللغة الأولى في العالم. ولقد سجل علماؤنا سبقاً بعيداً في هذا المضمار، فالإمام الشافعي قال: «أرى ألا يجري عقد زواج بين مسلم لا يتقن العربية، ومسلمة تتقنها إلا إذا عرف من اللغة ما يعنيه عقد الزواج». طرقٌ حديثة ويشير الدكتور حتاملة إلى أن الاطلاع على نظريات اكتساب اللغة الثانية يساعدنا في إعادة النظر في لغتنا، ومفهومها ووظيفتها، حيث طرأت ظروف وأهداف جديدة وكذلك طرق حديثة لتعلمها وتعليمها. فدراسة نظريات اكتساب اللغة الثانية، ستجعل المدرسين قادرين على أن يحددوا فرضياتهم حول تعليم جيد، ويتمكنوا من تطوير أفكارهم الخاصة فيما يتعلق بالمتعلمين الذين يدرسونها وكيف يكتسبون اللغة الثانية. كما أن هذه النظريات تزود المسؤولين والقائمين على إعداد المناهج وتطويرها بالمعلومات ووجهات النظر المختلفة التي تمكنهم من استخدامها عند اتخاذ قراراتهم التربوية، وتساعدهم في تكوين فرضياتهم الخاصة بهم، كذلك تقدّم بعض المؤشرات والمعلومات التي تساعد على تكوين مشروعات تفيد في صياغة تعليم اللغة الأجنبية، وذلك على أسس علمية سليمة. ومن المعلوم أن الأطفال أسرع في تعلم اللغات وإتقان ألفاظها مقارنة بالكبار، لكنهم أبطأ من الكبار في تعلم النحو والبنى اللغوية على الأقل في المراحل المبكرة من التعلّم، وأن هناك عوامل عدة تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في اكتساب اللغة، مثل العوامل الاجتماعية والعمر والجنس والعوامل الشخصية الأخرى كالذكاء والدوافع والاتجاهات». مقارنة ويوضح الدكتور حتاملة أن اللغة ليست وسيلة للتخاطب فقط، بل هي النظام الأساسي الذي يستخدمه الإنسان في التفكير، حيث إن للغة دوراً في صياغة التفكير، والمساهمة في التشكيل الثقافي والارتباط بالجذور، وتحقيق النقلة الثقافية المناسبة. فالطلاب في البرامج ثنائية اللغة عندما يقارنون بطلاب أحاديي اللغة، تكون نتائجهم أفضل بشكل خاص في القراءة، والرياضيات والإنجليزية، بالإضافة إلى جوانب تحصيل ذات دلالة في مهارات الاستماع والقراءة والكتابة والاتجاهات نحو المدرسة. كما يجب الاستفادة من خبرات وتجارب المعلمين في البرامج ثنائية اللغة، وذلك لاستعمالهم الكثير من المهارات الفعالة في تدريس اللغة، نظراً لتطور الوسائل المصاحبة لتدريس هذه اللغة، والتي خضعت لملايين البحوث من قبل أصحاب هذه اللغة أوغيرهم، بخلاف واقع اللغة العربية التي أهملها أبناؤها، ولا توجد نظرية واحدة يمكن الاعتماد عليها في مجال اكتساب اللغة، ويمكن الاستفادة من مبادئ وفعاليات المنهاج التكاملي في التعليم». «التعلم في الصغر.. كالنقش على الحجر» تشير خبيرة علم اللغات الدكتورة ريما سعد الجرف، إلى أنها أجرت دراسة ميدانية حول تعليم اللغة الثانية «الإنجليزية» للأطفال، وقد تبين أن 70% من الآباء يعتقدون أن السن المناسب للبدء في تعليم «الإنجليزية» للأطفال هي مرحلة الروضة، في حين يرى 10% من الآباء أن السن المناسبة لذلك هي الصف الأول الابتدائي، ويرى 15% أن السن المناسبة هي الصف الرابع الابتدائي. كما يرى 77% من الآباء أن تعلم الأطفال للغة الإنجليزية قبل سن السادسة ليس له أي آثار سلبية على تعلمهم للغة العربية، لأن الناس في البيئة والمجتمع حوله يتحدثون اللغة العربية. ولن يخلط الطفل بين اللغتين، ويعتقدون أنه إذا لم يتعلم الطفل الإنجليزية منذ الصغر سيصعب تعلمها في الكبر، لذا يجب أن يعتادوا استخدامها منذ الصغر، ويستشهدون بالقول الشائع «التعلم في الصغر كالنقش على الحجر». وتشير الدكتورة الجرف إلى أنها وجدت أن اللغة القوية لدى الجميع هي اللغة الإنجليزية، واللغة العربية هي اللغة الضعيفة، خاصة في القراءة والكتابة بدرجات متفاوتة. ويستخدم 35% اللغة الإنجليزية فقط، و25% يخلطون اللغتين العربية والإنجليزية أثناء الحديث، ووجدت أن 35% لا يستطيعون كتابة اللغة العربية على الإطلاق، و65% يستطيعون القراءة والكتابة باللغة العربية ولكنهم إما بطيئون، أو يخطئون في الإملاء، ويجدون صعوبة في التعبير، وقدرتهم على التعبير باللغة الإنجليزية أفضل. وتذهب الدكتورة الجرف، إلى أن العوامل التي تؤثر في النجاح في تعلم اللغة الإنجليزية، تتمثل في: الاستعداد العقلي، النضج العقلي، دور الوالدين والمعلمين، الحاجة إلى التواصل داخل الفصل وخارجه، شخصية المعلم، طبيعة المنهج، طريقة التدريس، استخدام الألعاب الحركية، التعلم البصري، التحفيز، والاتجاهات الإيجابية للطفل.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©