الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس والدعم الأميركي المنتظر

16 نوفمبر 2015 21:38
في تونس، تلك الدولة العربية التي خطت على طريق بناء الديمقراطية من بين كل الدول التي شهدت أحداث ما سمي «الربيع العربي»، تعرّض حزب الرئيس الباجي قائد السبسي إلى حركة انشقاقات. وفي يوم الأحد الماضي، تقدم أكثر من ثلث نواب المجلس التشريعي للاستقالة من عضوية حزب «نداء تونس» في إطار حملة انشقاق على المستوى القيادي احتجاجاً على ما قيل عن محاباة الأقارب والفساد، وقد زادت هذه الانشقاقات الشكوك السياسية التي تحوّم حول مستقبل حكومة السبسي. وتأتي هذه الخلافات لتؤكد الحاجة إلى موقف للولايات المتحدة في تونس، حيث إن للاستقرار والديمقراطية دوراً أساسياً في خدمة مصالحها في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. والآن، وبعد خمس سنوات من إقدام بائع الخضار التونسي محمد البوعزيزي على حرق نفسه وإذكاء الشعلة الأولى لما سمي «الربيع العربي»، كان تقدم تونس في اتجاه الديمقراطية معقولاً على رغم الشكوك التي كانت تحوم حول إمكان نجاحها في تحقيق هذا الهدف. وتصطدم قدرة تونس على تدعيم الأسس التي تقوم عليها ديمقراطيتها، بانهيار أملها في التخلّص من حالة ركود اقتصادي تحاكي تلك التي أدت إلى اندلاع ثورة عام 2011، والتي عصفت بالنظام الاستبدادي البائد، وقد وصل معدل البطالة في عموم تونس إلى أكثر من 15 في المئة، فيما ارتفعت نسبة «الشبان الخاملين»، وهم الذين تركوا الدراسة ولم يحظوا بفرص عمل، على نحو خطير، أي من 23 في المئة في المدن ليصل إلى 48 في المئة في الولايات الجنوبية والغربية الفقيرة. ولذا فليس من المستغرب أن يكون معظم الشبّان المغرر بهم للانضمام إلى تنظيم «داعش» الإرهابي هم من التونسيين. وقد بلغ عدد من التحق منهم بالتنظيم العام الماضي للحرب في سوريا أكثر من 3 آلاف. ومن أجل إعادة تنشيط اقتصادها وقطع الطريق أمام التنظيمات الإرهابية التي تهدد استقرارها، تحتاج تونس إلى مساعدات خارجية متواصلة وسلطة سياسية داخلية تمتلك من القوة ما يؤهلها لإطلاق برامج إصلاحية شاملة تترافق مع حملة تطهير للبلاد من الفساد. ولابد لمهمة إعادة تفعيل الدور الأميركي في تونس أن تتركز على زيادة كبيرة في المعونات الاقتصادية، ودعم الجهود الرامية إلى تنفيذ البرامج الإصلاحية بما في ذلك ممارسة الضغوط على الحكومة للعمل في هذا الاتجاه. وقد لاحت الفرصة السانحة لاستعادة هذا الدور يوم الجمعة الماضي عندما ترأس وزير الخارجية الأميركي جون كيري وفداً إلى تونس لحضور الجلسة السنوية الثانية لمؤتمر الحوار الأميركي- التونسي. وجاء افتتاح جلسة الحوار الأولى العام الماضي، ومشاركة جون كيري في جلسة هذا العام، لتقدم إشارات قوية على وجود نيّة أميركية حقيقية لدعم تونس، وهي الخطوة التي ينبغي على واشنطن مواصلتها بكل جدّ. ويتحتم على المسؤولين الأميركيين أن يرسلوا إشارة واضحة تفيد بأن على تونس أن تقضي على نظام الفساد الذي نما واستشرى خلال العقود الأخيرة، وقد تحدث تقرير صدر عن البنك الدولي العام الماضي عن الإجراءات والتشريعات التي تتعلق بتسيير وإدارة القطاعات الاقتصادية التونسية الرئيسية، والتي شجعت سابقاً على احتكار النخب السياسية للصفقات الدسمة، وخاصة منها تلك التي كانت تحيط بعائلة الرئيس السابق بن علي، وكان هذا النظام الاحتكاري هو ما فاقم مشاعر الإحباط لدى ملايين التونسيين الذين ثاروا في 2011، وفيما اختارت الولايات المتحدة سياسة غضّ النظر عن فساد بن علي، فإن من واجبها الآن أن تقود عملية دعم دولية للجهود الهادفة إلى تحويل تونس باتجاه تبني نظام اقتصادي أكثر انفتاحاً وشفافية، وينبغي أن يشتمل هذا الدعم على تقديم المساعدة من البنك الدولي وبقية المؤسسات متعددة الأطراف من أجل تخفيض التكاليف الاجتماعية لجهود رفع المستوى المعيشي لفقراء التونسيين. ومع الحرائق التي تشهدها كل من سوريا والعراق وليبيا، ينبغي على الولايات المتحدة أن تعير اهتماماً خاصاً لتونس، لأنها قد أظهرت ميلاً نحو الإصلاح الاقتصادي، وأيضاً لأن التحول الذي تشهده نحو الديمقراطية والانفتاح الاقتصادي يمكن أن يقدم نموذجاً يحتذى به. كيم هولمز* وويليام تايلور** * أستاذ زميل في «معهد التراث للدراسات القيادية»- واشنطن ** نائب المدير التنفيذي لـ«المعهد الأميركي للسلام»- واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©