دبي (الاتحاد) - يصدر قريباً عن دار الانتشار العربي اللبنانية بدعم من البرنامج الوطني لدعم الكتاب بالنادي الثقافي في مسقط النص الشعري الطويل لعبد الله حبيب والمعنون: “فَاطْمَه”؛ حيث يصر الكاتب على أن يُقرأ اسم الشخص/ عنوان النص بالدارجة العُمانيَّة حسب التشكيل الوارد (فَاطْمَهْ) وليس بالفصحى (فَاطِمَة).
وافتتح الكاتب نصه بمقطعين ملتاعين من «أغاني شيراز» لحافظ الشيرازي يقول أولهما: «أيها الغائب عن النظر: إني أستودعك الله وأودّعك/ وإذا أحرقتَ روحي فإني - من صميم قلبي- أحبك وأقرِّبك/ وقبلما أسحب أذيال أكفاني تحت أطباق الثرى/ لا تصدّق أني سأسحب يدي عن أذيالك وأُباعدك»، بينما يقول المقطع الثاني: «السائل في جادتك غني عن جنات الخلد/ وأسير عشقك متحرر من كلا العالمين».
ويتكون النص من مائة وتسعة وسبعين مقطعاً تتراوح بين الطول والقصر بحيث يبلغ بعضها كلمة واحدة أو كلمتين فقط، وتراوح بين التكثيف والاختزال والبساطة. ويقول عبد الله حبيب إن هذه «هي تجربته الشعرية الأولى وقد تكون الأخيرة المتألفة في مجموعة شعرية تتكون من نص واحد، وأنها قد تخمرت في وجداني على مر بضع من السنوات».
وأضاف: «أشعر بالرهبة الكبيرة أمامها لأن تجربتي الحياتية والوجودية فيها كانت مؤلمة وباهظة جداً». وتابع: أنجز العمل على مدار ثلاثة أيام وليال متواصلة وموجعة من دون إجراء أي تنقيحات أو تعديلات تقريباً، ولكن بإجراء مفاوضات ضمنية عسيرة مع الشكل الذي لم يكن للمضمون أن يتم التعبير الممكن عنه بغير تلك الطريقة، وإن كان قد ألغى بعض المقاطع بالكامل قبل تسليم المخطوطة للنشر، خاصة على اثر نصائح الصديق سماء عيسى.
وعلى الرغم من أن النص مكتوب بحساسية عاطفية شخصية مترنحة إلا أن فيها إحالات اقتباسية وتاريخية إلى شخصيات تاريخية وثقافية مثل كارل ماركس، وابن عربي، وريلكه، كما أن فيه إحالات إلى فنانين مثل: فيروز و طلال مداح، وكلاهما من المغنين الأثيرين لدى الكاتب.
ويضيف عبد الله حبيب قائلاً: «إن على القارئ المحتمل لنص (فَاطْمَهْ) أن يتعامل معه باعتباره تجربة حنانية، وحنينية، وفقدية، وليس أقل أو أكثر، وأن يحاول قدر الإمكان الصبر على ذلك، والتساهل معه، والصفح عنه، ثم سلوانه بالكامل، وذلك حسب المقدرات و(المقادير)». واستطرد: «يمكن اعتبار نص (فَاطْمَهْ) الجزء الثاني والاضطراري من مجموعة (فراق)»، متمنياً أن «لا يضطر لكتابة مجموعة شعرية بذات الحالة والوجدان مرة أخرى».
من مناخات نص حبيب نقتطف هذه المقاطع التي سبق لبعضها النشر في الصحافة بينما لم ينشر البعض الآخر:
«في السيارة الزرقاء الصغيرة/ وضعت رأسها على كتفي/ والليل يعود»، و«على نحرك/ ترتبك الخيول»، و«الماء في التفاسير/التفاسير في أعناق الوادي/ وأنتِ في حِلٍّ من القواميس»، و «أحبك/ شظايا زجاجة تلتئم في الصمت»، و«لا يتطلب الأمر أكثر من غرفة صغيرة/ فيها جهاز تكييف يعمل جيداً/ وبطّانية مزدوجة ثقيلة/ كي يحدث كل هذا الغياب».
يشار إلى أن (فَاطْمَه) هو الكتاب التاسع لعبد الله حبيب بعد «صورة معلقة على الليل: محاولات في الشعر والسينما والسرد» و«قشة البحر: في سرد بعض ما يتشبث»، و«ليلميات»، وترجمة كتاب «ملاحظات في السينماتوغرافيا» للمخرج السينمائي الفرنسي روبير بريسون، و«فراق بعده حتوف»، و«مساءلات سينمائية»، و«رحيل»، و«تشظيات أشكال ومضامين: عنوان مبدئي في أحسن الأحوال وأسوئها». كما أن له عدداً من الأفلام السينمائية القصيرة، منها «هذا ليس غليوناً» الذي فاز بالجائزة الفضية في مسابقة المجمع الثقافي (أبوظبي- 1992).
عدد اليوم
