الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الانسحاب» الروسي من سوريا.. أصداء وتداعيات

16 مارس 2016 22:37
يصر المسؤولون الأوروبيون على عدم وجود صلة بين العقوبات المفروضة على روسيا بسبب أوكرانيا، وتدخل الكرملين في سوريا، وخطوة روسيا الأخيرة بتخفيض دعمها العسكري للرئيس بشار الأسد، على وشك أن تختبر مدى هذا الإصرار. وتدفق ملايين اللاجئين السوريين، الذي يؤدي لتغذية الاضطراب السياسي في القارة الأوروبية، وتهديد نظام السفر من دون جوازات بين بلادها، وصياغة ملامح السجال الدائر حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أدت جميعها إلى جعل الحرب الأهلية في سوريا موضوعاً حيوياً بالنسبة للقادة الأوروبيين. يقول «سيرجيو فابريني»، مدير كلية الدراسات الحكومية في جامعة لويس جيدو كارلي في روما: «روسيا تلعب لعبة ذكية جداً.. وإيطاليا لن تكون الدولة الوحيدة المهتمة بدعم بوتين؛ فألمانيا بدورها سيكون لديها اهتمام أيضاً بسبب موضوع اللاجئين». وكانت الحكومات الأوروبية قد رحبت يوم الثلاثاء الماضي، بإعلان بوتين أن القوات الروسية ستبدأ الانسحاب من سوريا، ولكنها أحجمت عن تقييم تداعيات هذا الإعلان، لأن لا أحد يعرف على وجه الدقة المدى الذي يمكن أن يذهب إليه الرئيس الروسي، ولا تأثير هذه الخطوة على محادثات السلام التي بدأت في جنيف بشأن الأزمة الروسية. في حين فشلت دعوة رئيس الوزراء الإيطالي «ماتيو رينزي» للوفاق مع روسيا في كسب الكثير من الدعم، فإن احتمال التوصل لتسوية معها بشأن سوريا، قد يضيف المزيد من الوزن لحجته. وقال «فيليب هاموند» وزير الخارجية البريطاني في كلمة له أمام مجلس العموم في لندن يوم الثلاثاء: «إن أي خطوة حقيقية من جانب بوتين نحو إنهاء الصراع في سوريا ستكون مرحباً بها، وإن كان يتعين علينا القول إن الشيء المهم في جميع الأمور المتعلقة بروسيا هو الأفعال وليس الأقوال». وكانت أول مجموعة من الطائرات، بما في ذلك قاذفات سو-34 قد عادت بالفعل إلى قواعدها في روسيا، كما بدأ الجنود الروس في تحميل المعدات والمواد اللوجستية والمخزونة في طائرات نقل من قاعدة حميميم الجوية في سوريا، حسبما أفاد موقع وزارة الدفاع السورية على تويتر، الذي أكد أن القاعدة الجوية والتسهيلات البحرية الروسية في سوريا ستستمر في العمل، مع ذلك. وقال وزير الخارجية الألمانية فرانك- فالتر شتاينماير، إن الانسحاب الروسي سوف يزيد من الضغط المفروض على الأسد، من أجل التفاوض على خروج سلمي من سوريا. من جهته قال «رومان نادال» المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إنه إذا وفّى بوتين بوعده فإن ذلك «سيمثل تطوراً إيجابياً». وكان المسؤولون الألمان والفرنسيون، يصرون دوماً على أنه ليست هناك صلة بين العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا بشأن أوكرانيا، وغيرها من الموضوعات مثل الحرب في سوريا، والمفاوضات النووية مع إيران. ويقول هؤلاء المسؤولون أيضاً إن روسيا لم تسع قط إلى الربط بين هذه الموضوعات. يشار في هذا الصدد إلى أن العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا بسبب تدخلها في أوكرانيا، والتي تهدف للضغط عليها لكبح جماح المتمردين الانفصاليين في شرق أوكرانيا، قد جددت عدة مرات من قبل حكومات الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين. ونظراً لأن القيود الرئيسية على التجارة والاستثمار مع روسيا مقرر لها الاستمرار حتى 31 يوليو القادم، فإن القادة الأوروبيين ليسوا تحت ضغط مباشر يدفعهم لإعادة تقييم موقفهم تجاه الخطوة الروسية الأخيرة فوراً، بل سيكون لديهم فرصة لمناقشة تداعيات إعلان بوتين، في اجتماع القمة الذي سيبدأ الخميس المقبل في بروكسل. يضاف إلى ذلك أن ممثلي القوى الرئيسية في الكتلة الأوروبية، سيكون لديهم أيضاً فرصة لمناقشة هذا الأمر مع المسؤولين الأميركيين، عند اجتماع مجموعة الدول السبع الكبرى في اليابان، في شهر مايو القادم. وكانت العقوبات المفروضة بواسطة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قد فاقمت من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الروسي، الذي يحاول جاهدا تحمل تداعيات الانخفاض الكبير في أسعار النفط، في الوقت الذي يواجه فيه أطول فترة ركود خلال عقدين تقريباً. يُشار إلى أن بوتين وأوباما قد ناقشا خطة سحب القوات الروسية من سوريا هاتفياً يوم الإثنين الماضي. وقال أوباما بعد أن رحب بتخفيض مستوى العنف في سوريا، بعد أن ساعدت بلاده وروسيا على التوصل لهدنة في ذلك البلد الشهر الماضي: «إن استمرار الأعمال العدوانية بواسطة النظام السوري» يمكن أن يقوض الهدنة والجولة الجديدة من مباحثات السلام التي بدأت يوم الثلاثاء الماضي. ويقول «فابريني»: (إذا كانت روسيا قادرة على إقناع الأسد بأنه يتعين عليه الاستسلام، وخلق شروط للتغيير، فإنها ستكون القوة الفائزة في الأزمة السورية.. أتوقع بعض المناقشات بشأن روسيا وسوريا في قمة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، لأن أزمة اللاجئين ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالموقف السوري). *محررو الشؤون الخارجية بوكالة بلومبيرج نيوز ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©