الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«أزهار عباد الشمس العمياء» تضيء مرحلة قاتمة من تاريخ إسبانيا

«أزهار عباد الشمس العمياء» تضيء مرحلة قاتمة من تاريخ إسبانيا
19 نوفمبر 2011 11:56
صدر حديثاً في المغرب ترجمة رواية الكاتب الإسباني البيرتو مينديس «أزهار عباد الشمس العمياء» عن دار سعد الورزاري للنشر في الرباط، ونقلها إلى العربية المترجم المغربي عبد اللطيف البازي. تحتفي «أزهار عباد الشمس العمياء» بالتفاصيل البسيطة لتتخلص من ثقل موضوع حارق، وهي تستند أحياناً على صمت صاخب يعكس الانفعالات العميقة والعنيفة للشخصيات وصراعها المرير مع ماضيها، وتجاربها التي تحكي عنها بلوعة ورغبة أكيدة في الإيصال والاقتسام. وتتذكر هذه الشخصيات أحداثاً نجد أنفسنا معنيين ببعضها إذ نقرأ كيف تدخل بعض المغاربة الذين جندهم فرانكو، وكان يرأسهم ماريشال يدعى أمزيان، في تلك الحرب الأهلية، ونقرأ كذلك كيف أن بعض الإسبان كانوا يهاجرون سرا وبحرا، لدواعٍ سياسية، إلى الشواطئ المغربية. كما يقول المترجم في توطئته للرواية، مضيفاً «إن الكشف عن خطايا الماضي ونواقصه والابتعاد عن الأحكام القطعية والنهائية والتحلي بقدر لا بأس به من الشجاعة والحكمة قد تشكل بعض المداخل الممكنة لإنصاف نساء ورجال قتلوا أو هجروا أو حرموا من الحرية لأنهم جاهروا في ظروف صعبة واستثنائية، بقناعاتهم وبمناهضتهم للظلم والاستبداد والفاشية. وقد تشكل الكتابة الإبداعية أحد الوسائط الفعالة للتطهر من الألم ومضاعفاته، ولترميم الذاكرة الجماعية. ويضيف المترجم قائلا «الذاكرة والألم: موضوعتان مركزيتان في «أزهار عباد الشمس العمياء»، الرواية الوحيدة التي طبع منها تسع طبعات ما بين يناير 2004 وديسمبر 2005 ، والتي رحل كاتبها قبل أن يعيش مجده الأدبي هو الذي دافع دوما عن التواضع وعن ما يعادله من تقشف إبداعي، ودافع عن ضرورة كتابة ما هو جوهري فحسب. أربعة فصول وأربع هزائم: جندي من أتباع فرانكو أعلن استسلامه في ظروف يصعب فهمها، و شاعر لجأ رفقة زوجته الحامل إلى ربوة قريبة من السماء لأن قصائده تزعج، وسجين جمهوري يجد نفسه في مواجهة والدي مجرم حرب، وراهب مفتون بسحر أنثى يسكن زوجها دولاباً لأن أفكاره لا تروق للعسكر. هي حكايات متداخلة ومأهولة بشخصيات عدة تواجه في معركة غير متكافئة، كما كان حال الدون كيشوطي، طواحين هواء ممثلة في عسف آلة جهنمية وظالمة. وينتقل بعض هذه الشخصيات من حكاية إلى أخرى لنكتشف أن الهزيمة، في نسخها المتعددة، هي ما يبقى، وأنها أيضاً وحدة للتأريخ ولقياس زمن مضطرب وعاصف. وتضيء الرواية بشكل باهر مرحلة قاتمة من تاريخ إسبانيا، بأهوالها وفظاعاتها، بدناءة البعض ورفعة البعض الأخلاقية، وتتداخل الوقائع والتفاصيل لتقدم لنا معرفة رفيعة عن الحرب الأهلية في أبعادها الإنسانية، وفي تأثيرها على المصائر الفردية، ولتنبهنا إلى أن الجحيم قد يكون هو إمكانية أن نتذكر كل شيء، وأن الحب يظل في جميع السياقات بمثابة سند يمنحنا عنفوانا نحتاجه دوما على الرغم من كل الفجائع والخرائب، مما يجعل هذه الأسئلة المتناسلة تفرض نفسها: لماذا وقع ما وقع؟ وهل يمكن ألا يقع من جديد؟ وهل القارئ نفسه سيشعر بالانهزام أم أنه سيبحث عن دواعي أمل مرغوب فيه؟ هي مرحلة فضل المجتمع الإسباني لمدة طويلة ألا يتأملها أو يسائلها، والحديث هنا هو عن الحرب الأهلية المذكورة، وعن مرحلة الاستبداد الفرانكاوي كذلك، لذا ساد ما يشبه البياض وتشنجت الذاكرة الجمعية، وتوافق الإسبان، مع بداية فترة انتقالهم الديمقراطي على طي الصفحة من دون قراءتها بشكل كامل. وعلى الرغم من الأجواء القاتمة التي تهيمن على الرواية فالمترجم يقول «إن هناك احتفاء بالإبداع والمبدعين، وهنالك شاعر ينشد أشعارا بين الرصاص، ومترجم لا يغادر منزله بل، وحتى جندي فاشي يزجي وقته برسم أعلام ملونة، بالإضافة إلى الإشارة أو الاستشهاد بموزارت وسالييري ورامون إي كاخال وماتشادو ولوركا و»ألف ليلة وليلة». مبدعون يضيئون ليل الهزيمة وإبداعات تؤكد أن جوهر الإنسان يتمنع على الاستسلام».
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©