لم يتلق دراسة في فنون التصوير، وليست له أية خلفية أكاديمية في المجال، لكنه نجح في نسج خيوط قصة ترويها صوره، استهوته الطبيعة والمعمار، وشدته الصحراء بغموضها وقسوتها، وراح يبحث في دواخلها عن الجمال، رغم صعوبة إيجاده، يحرص على الصورة غير المتاحة للجميع، ينوي التفرد والتميز في طرحه، فاخترق الصحراء ليروضها ويطوعها صوراً وعبراً للمتلقي، هو سيف حميد الزري، مصور هاو يطمح إلى إقامة معرض خلال الشهور القليلة القادمة، ويطمح للعالمية من خلال الصورة الإماراتية·
يقول عن حكاية التصوير، والبيئة ملهمته، وطاقاته التصويرية، وطموحه المستقبلي: ''درست علوم الكمبيوتر في جامعة الشارقة، وأدرس اليوم ماجستير إدارة تقنية المعلومات في جامعة ولينجونج (وهي جامعة أسترالية)، بدأت اهتماماتي بمجال التصوير خلال الأعياد ومناسبات العائلية الصغيرة، وذلك عندما كان عمري لا يتجاوز 16 سنة ولم يكن ذلك بشكل مهني، ولم تتبلور هذه الهواية إلا سنة ،2001 بخوض تجارب أكبر وبتقنيات أعلى· بدأت أبحث عن الصواب في مجال التصوير، تلقيت الثناء والتقدير على بعض اللقطات التي صورتها مما شجعني على البحث عن لقطات أتفرد بها، خضت تجارب عدة، وجلت أبحث في كل الاتجاهات لصقل موهبتي، حضرت عدة معارض احتككت بكثير من المصورين، ومن هنا بدأت أعرف الطريق الصحيح من خلال توجيهي من ذوي الاختصاص·
حاليا أوجه نفسي بعد أن فزت في السنة الماضية خلال مسابقة الإمارات للتصوير الفتوغرافي، بالمركز الثالث، وكان ذلك في محور الصحراء، حيث جعلتني البيئة أتألق، وهذه الجائزة جعلتني أتطرق لموضوع الصحراء من خلال الصورة، من هنا بدأت أجوب الصحراء بحثاً عن لقطات لم يتطرق لها أحد غيري، أو على الأقل لم يتطرق لها أحد بالطريقة التي تناولتها لها أنا وفق منظوري الخاص·
معرض شخصي
يتطلع سيف حميد لإقامة معرض شخصي يحمل تجربة سنوات إبداعه، ويطرحها على بساط التقييم من طرف المتلقين والمبدعين والمختصين ويقول عن ذلك: ''سأقيم معرضاً شخصياً خلال الأشهر القادمة لطرح تجربتي في مجال التصوير في البيئة الصحراوية، كأعمال ناطقة، وإيحاءات مختلفة، فكل صورة تحمل في طياتها كثيرا من المعاني، وكل واحدة تعكس حالة من حالات المتلقي النفسية، وهي تفسح مجالات واسعة من التفسير والتأويل، فمثلا صورة الكثبان الرملية وما ينحدر عليها من خطوط رفيعة يتوه المرء في معرفة نقطة بدايتها، وهذا له معان كثيرة، بحيث لابد للمرء أن يجد له هدفا، انطلاقا من معرفة نقطة البداية، ومن نقطة معينة، وأن لا يترك نفسه يتوه بين كثير من البدايات والخطوط، وهناك لقطات تحمل خليطا من المشاعر، فيفسرها المتلقي حسب ما يشعر به في تلك اللحظة، فتعكس نفسيته من لحظات حزن وفرح، أو وحدة ورومانسية، وكل يفسرها بطريقته، فعندما ألتقط شجرة مترامية في تخوم الصحراء يحيطها الفراغ ولا شيء في كل الاتجاهات، توحي بالوحدة القاتلة''·
وعندما نجوب الصحراء قد نصادف أشياء غريبة ونادرة، صادفت مرة شلالا من الرمال، عندما يرى المرء هذه الصورة ينتابه الخوف ويتصور نفسه تحت هذا الشلال الذي قد ينهال عليه ويبتلعه إلى الأبد''·
جمال الصحراء الصعب
يبحث عن الجمال في الصحراء العصية، يبحث عن الصورة المتفردة التي يطمح من خلالها خلق التميز، ويقول عن تجربته: ''البحث عن الجمال في الصحراء صعب جدا، ومع ذلك يمكن أن نصادفه في مكان ما من تخومها، أبحث في ربوعها عن جمال الخالق الذي أودعه في حضنها العصي، أقدر من طبيعتها عظمة الله وجبروته·
كما أركز على تصوير الحرف اليدوية، والمباني القديمة، خاصة بمناطق الساحل الشرقي لما تحمله من عبق التاريخ تدل على رحلة ناس مروا منها، وفي نفس الإطار لي تجربة تصوير مبان قديمة بسويسرا، حيث أثارت انتباهي المباني القديمة ذات الطابع الريفي التي تحمل تاريخا وعبقا يعود لسنين خلت، وما أبهرني فعلا هو حمل هذه المباني لتاريخها، المؤرخ على جدرانها''·
تميز الطرح
يعتمد سيف حميد الزري على التميز في الطرح والتميز في الصورة، لذا هو يعتمد تقنيات عالية الجودة، كما يصفها: ''حاولت أن أبرز صوري بشكل مختلف، وفق تقنية مخالفة عن الكاميرات العادية، التي تصور ما تراه العين البشرية، بينما أستعمل تقنية الأشعة تحت الحمراء لالتقاط الصورة، وهي تعطي تبايناً بين الظل والضوء، هكذا تمنحننا فرصة رؤية ومن خلالها أحصل على صورة تفتقد إلى الألوان، لكنَّها تحمل ''تون'' قريباً من الأصفر، وهو لون الصحراء، برؤية مختلفة، يعطي لوحة غريبة الشكل والغريب يجذب دائما''·
طموح
يقول سيف حميد الزري إنه لم يدرس التصوير، لكن جمعية الإمارات للتصوير الضوئي أتاحت له فرصة الاحتكاك مع نخبة كبيرة من المصورين وذلك من خلال المعارض التي تقيمها ومن خلال الندوات والمحاضرات، والفعاليات التي تتيح تفاعلا كبيرا واستفادة للمصورين في سبيل تطوير فن التصوير، وصقل مهارات المصورين، وعن طموحاته يقول: ''أنوي اقتناص صور لم يصورها غيري، أعبر من خلالها عن لحظات وتاريخ بلاد، ولا أنوي الاقتصار على التصوير المحلي بل أحلم بالعالمية، وأن أبرز الإمارات من خلال الصورة''·
عدد اليوم
