الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قراءة بالأذن

13 نوفمبر 2015 22:38
مما قاله الشاعر العربي بشار بن برد: «يا قوم أذني لبعض الحيِّ عاشقةٌ/ والأذن تعشق قبل العين أحيانا». أبيات من قصيدة أذهلت الناس أراد بها أن يمدح محبوبته التي لم يقدَّر له أن يراها بعينه لأنه كان ضريراً، فاستعان بسمعه في قراءة صوتها الدال على مفاتنها. ونحن سمعنا وقرأنا قصيدته تلك بأعيننا، ولو قدر لبشار أن يعيش بيننا لكنا سمعناه ينشد القصيدة بصوته على صفحات الكتاب الصوتي. وفي أدبياتنا اليوم نقول إن فلاناً من الأصوات الأدبية الواعدة، بينما نرسم في أذهاننا صورة حية لمشهد أو أكثر مما يكتبه كما لو أننا نسمع صوته ونعيش معه اللحظة. اليوم وبفضل ما قدمته لنا التكنولوجيا أصبح الصوت أكثر قرباً من آذاننا، وصار بمقدور أي منا أن يقتني أو يحمل على جهاز الكمبيوتر رواية أو ديواناً شعرياً أو قصيدة أو مجموعة قصصية أو مسرحية أو قصصاً للأطفال وغيرها، ثم يستمع إلى هذا العمل ويستمتع بمعايشة تفاصيله مع الشخصيات ومشاعرها من حب وفرح وكآبة وقلق وخوف، تأتي كلها عبر وقع صوت الراوي (المؤلف) في أذنه، وتأتي مشيرة إلى أثر القراءة الجهرية في الدلالة على المعاني، وهو ما يفعله فن القراءة بالأذن. ويميل بعضنا إلى هذا النوع من القراءة المصاحبة للنص المكتوب، أو حتى مجرد الاستماع كما تعودنا أن نفعل أثناء قراءة القرآن الكريم، فنقرأ الكتاب بصوت مسموع يصل إلى آذاننا وأحياناً يأتينا مسجلاً بأصوات أمهر القراء. ومن منا لا يستمتع على سبيل التسلية بالاستماع إلى أغنيته المفضلة أو موسيقاه، والشيء ذاته ينطبق على ممارسة الإنسان الذي يعاني من الإعاقة البصرية حين يجد فائدة ومتعة في القراءة بالأذن. وفن القراءة بالأذن الذي تقدمه التكنولوجيا في الكتاب الصوتي، قدمه لنا رواة حكايات ما قبل النوم عبر أدائهم الصوتي، ففي هذا المشهد التقليدي كان بمقدور المستمع أن يرسم في ذهنه صورة حية لما يسرده الراوي وكأنما هو يقرأ بأذنه، والشيء ذاته يتكرر عندما تقوم بقراءة قصة لطفلك بصوتك فيتدرب على اللغة من خلال الاستماع ويتعلم مهارة القراءة. القراءة بالأذن فن جميل يعزز القدرة على الفهم، لكن هذا الأداء الصوتي يختلف من مؤدٍّ إلى آخر في قدرته على توصيل المعاني التي تجعل المستمع يعيش أجواء النص.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©