الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميدان الرولة بالشارقة موطن الأسرار والحكايات وحلقات التشاور

ميدان الرولة بالشارقة موطن الأسرار والحكايات وحلقات التشاور
18 نوفمبر 2011 01:39
تطالعك الشارقة بشعارها على مدخل المدينة «ابتسم أنت في الشارقة»، حيث تحتضن على أرضها شجرة الرولة التي سمي الميدان على اسمها بعد ذلك، وأصبح ملتقى للتجمعات في الأعياد والمناسبات حيث الأسرار والحكايات وحلقات التشاور،ويعد من أبرز المعالم التاريخية في الإمارة. وكتب فيها الكثير من الشعراء قصائد عشق، منها: يارولة في ذراها النفس سارحة مني عليك سلام المدنف الشاكي لا زلت في خاطري والشوق يلعب بي وبين عيني لن ينفك مرآك هذه قصيدة قيلت في شجرة الرولة بالشارقة، تلك الشجرة التي تمثل صفحة من صفحات الذكريات التى على الرغم من مرور عشرات السنين على موتها واندثارها، إلا أنها لا تزال تعيش في قلوب وعقول المئات من سكان الشارقة، تلك الأغصان الكثيفة التي كانت في يوم من الأيام، بمثابة الأعمدة التي تنصب عليها حبال أرجوحات الأطفال أثناء تجمعهم في الأعياد والمناسبات، وهي شاهدة على أفراحهم ففيها تبادلوا التهاني وأحاديث السمر، وتعالت قهقهات وضحكات الصغار على الأراجيح التي كانت تزيد على »20 أرجوحة«، فرحين بظلالها الكثيفة، كالأم الحنونة التي تحتضن كل أبنائها الصغار والكبار بلهفة وشوق ومحبة، لم تبخل عليهم أن تحميهم من لفحات الشمس الحارقة، أو من هبوب الريح. معلم تاريخي يحتل الميدان مسطحا مستطيلا تتجاوز مساحته الكلية 240 ألفا و993 مترا مربعا، مزينا بأشجار الرول والمسطحات الخضراء التي تقع بين شارعين رئيسيين من أهم شوارع مدينة الشارقة هما: الزهراء والعروبة، وقد أنشأت البلدية الميدان في منطقة الساحة الشعبية التي كان يطلق عليها في الماضي ساحة الرولة، نسبة إلى شجرة عتيقة كانت تقف في شارع العروبة تعرف بهذا الاسم. وتمت زراعة الميدان بالمسطحات الخضراء على جانبيه مع تزيينه بأشجار الرول والنخيل وبعض الشجيرات المزهرة في تنسيق جمالي بديع. وتعتبر شجرة الرولة من أبرز المعالم التاريخية والاجتماعية في حياة سكان مدينة الشارقة القديمة، حيث كانت فيما مضى وعلى امتداد حوالي مائتي عام وحتى سقطت تلقائيا في شهر أغسطس عام 1978، تغطي بأغصانها ساحة فسيحة يتخذها السكان منتدى أدبيا لهم، ومكانا تقام تحت ظلاله الفنون والمهرجانات الشعبية خاصة في الأعياد حيث يقدم الشباب خلالها عروض الألعاب الشعبية.وقد استهدفت البلدية بإنشاء هذه الساحة استمرار الوظيفة الاجتماعية والترفيهية التي كانت تؤديها من قبل ساحة شجرة الرولة القديمة، وهي أن تظل مكانا للاحتفالات والمهرجانات الشعبية ومتنفسا ترويحيا يؤمه الجميع في أي وقت من ساعات الأصائل والأمسيات للاستمتاع باللهو البريء والاستجمام النفسي المريح. الأسرار والحكايات إلى ذلك يقول عبيد راشد بن صندل باحث في مجال التراث إن شجرة الرولة لم تكن في يوم مجرد شجرة كبيرة، يلتقي تحت ظلها القريب والبعيد ،بل كانت موطن الأسرار والحكايات، وملتقى حلقات التشاور، ومكانا لعقد الصفقات التجارية بين التجار، ومصدرا لالهام الكثير من الشعراء، ومفتاحا للذاكرة، فقد كانت ملتقا لأهل الشارقة والإمارات في الأعياد وسباق الخيول. ولفت إلى أن شجرة الرولة التي تمتد جذورها في وجدان الناس، فكم من مسافر أنهكته الرحلة وتمني الوصول إليها ليلتقط أنفاسه تحت ظلالها، وكم من شاعر كتب فيها قصائد حب، وكم من شخص جلس على رملها وتسامر فيها الى منتصف الليل . وأضاف: كثيرا ما احتوت هذه الشجرة تحت ظلالها الكثيفة الألعاب الشعبية والأهازيج، وكم قدم إليها الكثير من الأسر التي تأتي مصطحبة أطفالها من جميع مدن الدولة للالتقاء تحتها، التي كانت ظلالها تفترش مساحة تقرب من الأربعمائة قدم، تزدان “بالحبيبات الحمراء” التي تظهر من بعيد وكأنها ثريات جميلة تزين الشجرة. ذكرى الشجرة لذلك تخليد لذكرى شجرة الرولة كما يوضح صندل أن حكومة الشارقة، قامت بتطوير الميدان الذي كانت توجد فيه شجرة الرولة وتسميته باسمها، حيث بدأ العمل في رصف الميدان الجديد عام (1976) أي بعد قيام اتحاد دولة الإمارات بست سنوات، وأقيم نصب الرولة التذكاري الذي هو عبارة عن مجسم نحاسي تم تصميمه على شكل الرولة كرمز لها، وقد شيد بأمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حيث وجه سموه بأن يكون على شكل مستطيل وتبلغ مساحته، ويقع بين شارعي العروبة والزهراء، وتم تزويده بأعمدة إنارة، وغرست على جانبية (30 من أشجار الرولة)، وانتهى العمل عام (1982) ليكون بعدها مكانا سياحيا للقادم إلى هذه المنطقة. أحداث مهمة وشهد الميدان العديد من الأحداث من أهمها كما يؤكد صندل منها أول مهرجان للطفولة، كما كان مكانا لعروض المهارات البدنية الذين يشدون السيارات، وعرض المصارعة وقوة العضلات، أما الصقارين فكانوا يتجمعون في الميدان مع صقورهم المدربة، ويقدمون بعض العروض من خلال رمي بنادقهم في الهواء والتقاطها بعد ذلك في أجواء كرنفالية. كما أصبح الميدان خلال السنوات الماضية مقصد المتسوقين من مهرجان رمضان الشارقة، ونظراً لأهميته فقد كتب بها الشاعر خلف حمد ثاني قصيدته: دمعة على الرولة بدمع سال أزمانا أنا أبكيك يارولة الأغصان نشوانا وأبكي رقصة العصفور وأحبابا وخلانا وأبكي فيك أصحابا أهازيجا وريحانا. الرولة في القاموس تعني الرولة في القاموس، الحديقة الغناء أو مجموعة الأشجار المتقاربة التي تشكل ظلا دائما لكثافة أغصانها، ويقال إن قطر جذع هذه الشجرة »الرولة« قد فاق المترين ويصعب تحديد هوية زارعها، فقد عاشت هذه الشجرة أكثر من مائه عام.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©