الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهجرة.. وشيخوخة المجتمعات

14 نوفمبر 2015 01:00
ألقى القرار الأوروبي القاضي بقبول ملايين اللاجئين الجدد الضوء على معضلة الشيخوخة المجتمعية للدول الآسيوية التي تعاني هي أيضاً من الافتقار للقدرة على مواجهة الأعباء الاقتصادية لارتفاع أعمار سكانها، فهل يقتدي صناع القرار الآسيويون بهذه السابقة الأوروبية؟ وتفيد أحدث التوقعات الاقتصادية بأن المفوضية الأوروبية اتخذت قرارها النهائي بشأن قضية الهجرة، وتوقعت أن يؤدي التدفق الحالي للمهاجرين إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0,3 في المئة بحلول عام 2020 لأنه يرفع من إجمالي الإنفاق الحكومي ويرتقي بسوق العمالة. وخلال هذا العام (2015)، وصل أكثر من 710 آلاف مهاجر إلى دول الاتحاد الأوروبي. وهو رقم يزيد على ضعف عدد من وصلوا خلال عام 2014 الذي بلغ 282 ألفاً. ويتوقع خبراء المفوضيّة أن يبلغ مجموع المهاجرين الجدد إلى بلدان الاتحاد الأوروبي 3 ملايين بحلول عام 2017، ويأتي معظمهم من سوريا ودول أخرى تعاني من ويلات الحروب الأهلية. وقد جاء في بيان صادر عن المفوضية في 5 نوفمبر الماضي: «في الوقت الذي نتوقع فيه أن يؤدي الرفع من مجمل الإنفاق العام على المدى الزمني القصير إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي، فإننا نتوقع نتائج إيجابية إضافية للرفع من معدل النمو على المدى الزمني المتوسط بسبب وفرة اليد العاملة التي يمكنها أن تدعم السياسات المتوازنة المعمول بها الآن لإعادة تنشيط سوق العمل». وفي خطاب ألقاه رئيس المفوضية الأوروبية جان- كلود يونكر في سبتمبر الماضي حول وضع الأزمة، قال إنه من الضروري أن «يتغير أسلوب التعامل مع الهجرة، من اعتبارها مشكلة، إلى كونها إحدى الثروات التي ينبغي التعامل معها بطريقة حسنة». ومن الضروري الإشارة إلى أن زيادة الهجرة وحدها لا تكفي لحل كل المشاكل المتعلقة بشيخوخة المجتمعات في أوروبا. وقد واجهت البرتغال وإسبانيا تراجعاً في عدد سكانهما خلال السنوات القليلة الماضية، فيما سجلت ألمانيا أخفض معدل للمواليد في العالم، وسيؤدي ذلك إلى انخفاض عدد سكانها من 81 مليون نسمة الآن إلى 67 مليوناً في عام 2060. وعلى العكس من ذلك، ساعدت الهجرة على زيادة معدلات الإنجاب في كل من بريطانيا وفرنسا والدول الإسكندنافية. وتظهر عواقب الشيخوخة المجتمعية بوضوح في البرتغال حيث أغلقت المئات من رياض الأطفال ومخازن بيع الألعاب أبوابها، وتحوّلت الفنادق الصغيرة إلى ما يشبه العيادات العلاجية للمسنين. وهناك مشاكل مشابهة تعاني منها أيضاً الاقتصادات الآسيوية الكبرى حيث تواجه كل من الصين واليابان وكوريا الجنوبية مشكلة شيخوخة سكانها بأكثر مما يحدث في دول صاعدة «أكثر غنىً بسكانها» مثل الهند وإندونيسيا. وتتربع الصين على قمة الدول الأكثر سكاناً في العالم حيث يبلغ عدد سكانها 1,4 مليار نسمة إلا أن انخفاض عدد السكان ممن هم في سن العمل والإنتاج دفع البعض إلى إطلاق توقعات بأن تتحول هذه الدولة الشيوعية العملاقة إلى «دولة عجوز قبل أن تصبح دولة غنية». وفي عام 2012، انخفض عدد السكان العاملين لأول مرة خلال عقود. ومن المتوقع أن يتجاوز واحد من كل ثلاثة صينيين سنّ 60 عاماً في منتصف القرن الحالي، وهذا ما أجبر صنّاع القرار على التراجع عن الضوابط المتعلقة بالتنظيم الأسري. وخلال الشهر الماضي، أعلن الحزب الشيوعي الصيني عن وقف العمل بسياسة الطفل الوحيد التي بدأ تنفيذها في عقد السبعينيات، في مسعى منه لمعالجة مشكلة الزيادة السكانية. وخلافاً لهذا الوضع الذي يسود الصين، يبدو أن الهند وإندونيسيا وأستراليا تستفيد من ثروتها البشرية بسبب «شبابية قواها العاملة». ومن المتوقع أن تتفوق الهند على الصين من حيث عدد السكان في عام 2022 وسيبلغ عدد سكانها 1,7 مليار نسمة في عام 2060، وقد بدأت منذ الآن في التفوق على الصين باعتبارها تمتلك الاقتصاد الأسرع نمواً في آسيا. وقد حذر صندوق النقد الدولي من العواقب والأعباء المالية الناجمة عن شيخوخة المجتمعات وتراجع أعداد السكان ممن هم في سن العمل، ودعا خبراء الصندوق الدول إلى رفع سن الإحالة على التقاعد وتشجيع الهجرة. أنطوني فينسون* كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©