الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فيلا 69».. الفيلم هو البطل

«فيلا 69».. الفيلم هو البطل
13 نوفمبر 2013 20:47
ضمن منافسات مسابقة (آفاق جديدة) في إطار مهرجان أبوظبي السينمائي التي انعقدت دورته السابعة قبل أيام، عرض فيلم «فيلا 69» للمخرجة آيتن أمين وهو فيلمها الروائي الطويل الأول عن سيناريو للكاتب محمد الحاج والشاعر محمود عزت، عن فكرة أساسية لمخرجة الفيلم. والفيلم يعيد نجمة الستينيات (لبلبة) إلى سينما اليوم، وبخاصة السينما البديلة، التي تعمل مخرجة الفيلم تحت لوائها، وثانياً لموضوعه التحليلي الإنساني، فحكايته تدور حول حسين (يلعب دوره خالد أبو النجا) الذي يستمتع بوحدته في منزله، ولكن إقتحام مجموعة من الشخصيات للمكان، يفسد عليه متعته في العزلة والانطواء، ونمط حياته الأناني، لكن حياته تتغير بعد أن يلتقي بشقيقته وطفلها سيف، تحوّل إيجابي، من الجمود والسكينة إلى الحركة مع حياة جديدة. ثم إن هذا الفيلم هو فيلم مهرجانات، وقد فاز بجائزة ملتقى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعام 2010، وتم اختياره للمشاركة الرسمية في قسم سينما من العالم في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 2011. آيتن أمين، التي درست الفنون في الجامعة الأميركية بالقاهرة، هي مخرجة واعدة، ولها تطلعات كبيرة في مجال الفن السابع، وليست غريبة على عالم المهرجانات السينمائية، وقد نجحت في إنجاز ثلاثة أفلام روائية قصيرة، في وقت قياسي، وهي: أنا عارف مين هي، راجلها، ربيع 89، ويعالج الفيلم مشكلات الاضطراب عند المراهقين، كما شاركت في إخراج فيلم “تحرير 2011” (الطيب والشرس والسياسي)، وقد أختير هذا الفيلم للمشاركة الرسمية في مهرجان فينيسيا الدولي خارج المسابقة الرسمية، وحصلت به على جائزة خاصة مقدّمة من منظمة اليونسكو الدولية، كما أختير للمشاركة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي، والعديد من المهرجانات العالمية، وقد تمّ ترشيحه لجائزة أفضل فيلم وثائقي ضمن جوائز سينما من أجل السلام في برلين عام 2012. “فيللا 69” وكان إسمه سابقاً (69 شارع المساحة)، فيلم خاص جداً، عن الوحدة والاغتراب الداخلي، ويقترب في فكرته، من أعمال المسرح العبثي، الذي ساد في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.. فيلم يتحدث عن عزلة الإنسان المعاصر في مساحة ضيقة أو مكان واحد، وقد تم إنتاجه بميزانية محدودة، ويبدو من سياقاته أنه فيلم خفيف وممتع، ومختلف عن السينما السائدة، في لغته الشاعرية، ضمن إطار السينما البديلة، بمفهوم الأفلام الخارجة عن واقع السوق السينمائية المتعارف عليها. نحن إذن أمام جيل جديد من المخرجين السينمائيين، ومنهم آيتن أمين، ومعها نخبة من الممثلين والممثلات الشباب أيضاً: أروى جودة، عمر الغندور، يسرا الهواري، هند يسري، سامي عابد، أمجد رياض، صدقي صقر، عماد ماهر، ومعهما نجمة سينما الستينيات لبلبلة، بكل أفلامها وتجربتها وتاريخها الفني، إلى جانب خالد أبو النجا حيث يقدمون جميعاً للجمهور نموذجاً مختلفاً للواقع المصري، في ظل التطورات الأخيرة التي عصفت بالمجتمع المصري، بفعل حراك الشارع، وما رشح عنه من تحولات خطيرة في الظاهرة الاجتماعية والسياسية. ونعتقد أن مخرجة هذا الفيلم تقوم بمغامرة كبيرة،على الصعيد الجماهيري إذ أن فيلمها لا يعتمد على بطل من نجوم الشباك المعروفين، وإن كانت هي ترى في معظم تصريحاتها الصحفية أن بطل اي فيلم، ليس النجم، إنما البطل هو الفيلم نفسه، بموضوعه وجرأته وتقنياته وجماليته. نحن إذن أمام جيل جديد للسينما البديلة المناهضة على طول الخط للسينما التجارية، جيل يريد أن يقول شيئاً على طريقته، دون أن يتخلى عن رؤية الكبار في أعمالهم، ولهذا كان اختيار النجمة لبلبة للقيام بالدور النسائي الرئيس في الفيلم اختياراً موفقاً.. فهذه النجمة المولودة عام 1945، هي ممثلة واستعراضية من أصل أرمني، وإسمها الأصلي هو (نينوشكا مانوج كوبليان)، بدأت مشوارها الفني وهي طفلة، وكانت تجيد تقليد الفنانين، ثم اكتشفها الكاتب المسرحي ابو السعود الابياري، الذي قدمها في أول فيلم بعنوان “حبيبتي سوسو”، وكانت تتمتع بمواهب عديدة مثل التمثيل والتقليد والرقص والغناء في سن مبكرة، مما دفع بمكتشفها أن يطلق عليها اسم لبلبة. في رصيدها أكثر من مائة فيلم، وأكثرها أمام الممثل عادل إمام، ومن هذه الأفلام على سبيل المثال: قاضي الغرام، رحلة شهر العسل، خللي بالك من جيرانك، احترس من الخط، حكايتي مع الزمان، 24 ساعة حب، مولد يا دنيا، جنة الشياطين، جيران آخر زمن، ضد الحكومة، معالي الوزير، عريس من جهة أمنية، شيطان من عسل، نظرية عمّتي، أربع بنات وضابط (إخراج أنور وجدي)، ليلة ساخنة (إخراج عاطف الطيب)، وفيلم “الفيل الأزرق” وتلتقي فيه للمرة الثالثة مع الممثل خالد ابو النجا، للمخرج مروان حامد وغيرها من الأفلام التي أكدت من خلالها حضورها كممثلة من طراز خاص. لبلبة، وجه مألوف في مهرجانات السينما العربية والعالمية، وقد شاركت رئيساً للجنة تحكيم مهرجان بالمو السينمائي بالسويد، إلى جانب حضورها عديد المهرجان كممثلة وضيفة شرف، في كان، فينيسيا، تورنتو، برلين السينمائي، ومهرجان سلا لسينما المرأة في المغرب. وربما يكون الأهم في هذا السياق، هو احتفاء الدورة الحادية والعشرين من مهرجان مسارح في سينما، الفرنسي، بها، كضيفة شرف، على هامش الاحتفاء بأفلام المخرج المصري الراحل يوسف شاهين، والأفلام المعدة عن روايات النوبلي الراحل نجيب محفوظ. وأكدت لبلبة غير مرة: ليس من المفروض أن تكون هناك شخصية من شخصيات الأفلام تتطابق مع شخصية الممثل، إن الدور الجميل هو الذي يفرض نفسه، ويدفع الممثل إلى تجسيده، وتأدية دوره بشكل معمّق مميز، كما أنّه يبرز الامكانيات الفنية للممثل، لا وجود لشخصية من شخصيات الأفلام التي عملت بها تشبهني بأي قدر، أنا أجسد الشخصية التي تسند إليّ من قبل المخرج، وأؤديها بإحساسي الخاص، هذا الاحساس، وهذا الصدق في الأداء والمشاعر هو خلاصة الممثل المجتهد العاشق لحرفته وفنه. لبلبة وهي تجسد شخصية شقيقة حسين بطل فيلم “فيلا 69”، تضفي عليه بعداً درامياً، خصوصاً وأنه يحمل في طياته مضموناً إنسانياً رفيعاً يقترب في فكره إلى قصيدة الشعر التي تناولت فكرة الاغتراب في تعبيرات وصور فنية مختلفة، كما أن مخرجته آيت أمين تملك أدواتها ولغتها السينمائية، وربما يكفي أنها صنعت هذا الفيلم بميزانية محدودة جداً، من خلال شركات إنتاجية صغيرة، ما يجعله يستحق المشاهدة، لما يتمتع به من جماليات التصوير، والقيمة العالية لفن المونتاج، مضافاً إلى كل ذلك طابعه الاجتماعي الانساني مما جعل من هذا الفيلم (حالة فنية خاصة). وتبقى إشارة أخيرة تتعلق بمشاركة الممثلة أروى جوده (مواليد 1984) فيه، وهي في الواقع ممثلة محترفة بكل ما تعنيه هذه الكلمة. فقد قدمت للسينما مجموعة متميزة من الأفلام، منها: الحياة منتهى اللذة، مفيش غير كده (أمام نبيلة عبيد) وهو أيضاً تجربتها الثانية أمام خالد أبو النجا، للمخرج خالد الحجر، على جنب يا أسطى، العالمي، زي النهارده، الوتر، فيما يعتبر “فيلا 69”، نقلة نوعية في مسيرتها السينمائية، حيث إنها تلعب فيه دوراً مركباً، كما أن حضورها في العديد من المهرجانات العالمية وبخاصة مهرجان كان كممثلة وعارضة أزياء سابقة، أثمر في اهتمام النقاد بها وبأدائها العالي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©