الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والثورة التونسية

29 يناير 2011 21:45
بسرعة تحوّل ما بدأ في تونس كعمل يائس قام به فرد قبل أربعة أسابيع إلى حملة إعلام اجتماعي، وانتهى بثورة أطاحت بنظام بن علي من السلطة بعد حوالي 23 سنة في الحكم. وقد أطلقت الثورة، وهي حركة على مستوى الجذور، عملية انتحار خريج جامعي عاطل عن العمل يبلغ من العمر 26 سنة، أضرم النار في نفسه بعد أن صادرت قوات الشرطة عربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه. وبينما يحاول التونسيون الآن أن يقرروا أفضل سبيل للتوجه قدماً، من الحاسم للولايات المتحدة أن تفكر كيف يمكن أن تقدم العون على أفضل وجه دون نزع الشرعية عما يُعتَبر حركة تونسية بحتة. وقد نتج عن أحداث الشهر الماضي تغيير واسع ووفق وتيرة متسارعة. فقد شهدت تونس ثلاثة زعماء خلال ثلاثة أيام، وعمل المسؤولون على إيجاد أنجع السبل لتوجيه البلاد على طريق الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة. إلا أن كثيرين شعروا بإمكانية عودة حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم السابق إلى السلطة بعد الانتخابات. ويتأسس هذا التشاؤم على تجربتهم مع الحكومات السلطوية التي أظهرت قدرة كبيرة على البقاء في الحكم على رغم عدم رضا الناس. ورغم أن بعض المحللين توقعوا أنه يمكن أن يكون للثورة التونسية أثر مثل أثر واسع في المنطقة، إلا أن مواطني العديد من الدول المجاورة يتوقعون أن تقوم حكوماتهم بتدابير مناسبة للحيلولة دون حدوث ثورة على نسق الثورة التونسية. ومفهومٌ أن الظروف المحيطة بالثورة التونسية فريدة بطبيعتها، إذ أنها مدفوعة من الداخل وعلمانية، وهي ثورة على مستوى الجذور أنجزها التونسيون بشكل كامل، وليس بالضرورة أي حزب أو جماعة دينية. وعلى رغم ذلك، أوجد هذا الوضع في تونس فرصة لإدارة أوباما ليس فقط لأن تدعم تونس في خضمّ نوبة انفعال هذا التحول الديمقراطي، وإنما كذلك لتعزيز صورة الولايات المتحدة عبر المنطقة كلها. ولأجل ذلك يتعين على الإدارة الأميركية أن تركّز على توفير الدعم والموارد للنمو الاقتصادي، بدلاً من الاصطفاف مع فصيل أو طرف أو توفير الموارد فقط للتنمية السياسية. ويتعين على أوباما أيضاً الإعلان عن دعم اقتصادي متزايد وأكثر تركيزاً يستهدف خلق فرص العمل والنمو المستدام لدول مثل تونس. ولن يساعد توفير المزيد من الدعم، وهو دفع إضافي للديمقراطية على محاربة بعض مشاكل البلاد الاقتصادية فحسب، وإنما سيشكّل أيضاً مؤشراً قويّاً لسكان المنطقة بأن الولايات المتحدة تدعم تطلعاتهم الاقتصادية والسياسية. وسيشكل التركيز على المعونة الاقتصادية مقارنة بالتحالفات السياسية أسلوباً للإدارة لتوفير الدعم لحركة ديمقراطية، وفي الوقت نفسه تمكين هذه الحركات من الحفاظ على استقلاليتها من التأثيرات الخارجية وبالتالي شرعيتها. وينبغي أيضاً للولايات المتحدة أن تعمل مع الحكومة التونسية الجديدة لإرساء قواعد سياسات تحارب الفساد وتشجع الاستثمار والإبداع في العمل. وسيُسمَع صدى التقدم في مجال فرص العمل والاستثمار بقوة في المنطقة، التي تحتاج لمئة مليون فرصة عمل بحلول عام 2020 لوقف تزايد معدل البطالة الهائل، وهو الأعلى في العالم حاليّاً. ومن المعروف أن مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (MEPI)، وهي برنامج مصمم لإشراك شعوب الشرق الأوسط، حاضرة في تونس، إلا أن برامجها منقسمة بين دعم التنمية السياسية والاقتصادية. وحتى يتسنى مساعدة تونس على مساعدة نفسها بشكل فاعل ينبغي التركيز على جوانب التنمية الاقتصادية خاصة. ومن خلال دعم التنمية بالمعونة الاقتصادية، ستساعد الولايات المتحدة ليس فقط على إدامة قوة اندفاع أية عملية إصلاح فحسب، وإنما كذلك على تحسين وجهات النظر الشعبية تجاهها، وهو أمر ضروري للأمن القومي الأميركي. ومن حسن الحظ أن الظروف ملائمة الآن لتكريس صورة أميركا باعتبارها دولة داعمة للقيم الديمقراطية، على نحو يحقق وعد أوباما الذي قطعه في خطاب القاهرة عام 2009 بدعم "العدالة والازدهار". رباب فياض كاتبة ومحللة سياسية ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©