الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب أفغانستان وتراجع الاهتمام الأميركي

29 يناير 2011 21:45
على الرغم من أن أفغانستان تشق طريقها ببطء نحو النجاح، فإن العديد من الأميركيين يعتقدون أن الحرب غير قابلة للفوز – ومعظمهم يريدون الانسحاب. وربما يشك الكثير منهم في أن رئيس الولايات المتحدة يشاطرهم رأيهم، لأنه لم يقم بالكثير من أجل تخليصهم من هذه الفكرة. والواقع أن الاستياء الشعبي من الحرب عام وشائع، ولاسيما أن الأمر يتعلق بحرب طويلة مستمرة منذ عقد من الزمن من أجل تأمين أفغانستان؛ ولكن الأفق في أفغانستان قد تحسن: فالأفغان أو الحلفاء يسيطرون على قطاعات واسعة من الأراضي؛ ولئن كان كرزاي قد أثبت أنه يفتقر إلى بعض الصفات الجفرسونية (نسبة إلى توماس جفرسون)، فالأكيد أنه ليس أسوأ من العديد من حلفاء الولايات المتحدة من حيث الحكامة والموثوقية والولاء العام لأصدقائه الأميركيين. لكن عدداً متزايداً من الأميركيين باتوا يعتقدون أن الحرب في أفغانستان لا تستحق أن تخاض؛ حيث وجدت استطلاعات رأي في ديسمبر ويناير الماضيين أن الدعم الشعبي للحرب هو دون الـ50 في المئة، كما أظهرت الاستطلاعات أن قرابة 60 في المئة من المستجوَبين يعتقدون أنه يجدر بنا ألا نكون هناك. وبالفعل، ففي أحدث استطلاع للرأي أجرته "واشنطن بوست" و"إي. بي. سي. نيوز"، تساوت مستويات الاستياء لأول مرة مع مستويات الاستياء من حرب العراق حين كانت في أدنى مستويات شعبيتها. استياء الجمهور من نواح كثيرة غامض ومبهم، فهو لا يعزى إلى السياسة لأن أوباما خاض حملته الانتخابية مجادلاً بأن أفغانستان وليس العراق هي الحرب التي ينبغي الفوز فيها. وكرئيس، قام أوباما بإرسال مزيد من الجنود لمحاربة المتطرفين الإسلاميين وقاوم دعوات للاستسلام. وعلى الجانب الآخر من الطيف السياسي، فإن "الجمهوريين" يفوقون "الديمقراطيين" من حيث عدد من يعتقدون بأن الحرب تستحق أن تخاض بـ2 مقابل 1 في بعض استطلاعات الرأي، وإن كان دعمها قد بدأ يتراجع بشكل سريع حتى بين رموز الحزب "الجمهوري". ربما لأن الحرب غير مفهومة بشكل جيد: فالأكيد أن حرب أفغانستان لا تحظى بحيز كبير في نشرات الأخبار، ولاسيما مقارنة مع حرب العراق. وفي هذا الإطار، يلاحظ "مركز بيو للبحوث" أن التغطية الإعلامية لأفغانستان في 2010 – وهي السنة التي قمنا فيها بزيادة الجنود وبدأنا نحارب بشكل مكثف - قلما تجاوزت 5 في المئة من كل القصص الإخبارية الأميركية، باستثناء مرتين ارتفع خلالهما المعدل إلى 20 في المئة في تلك السنة. وبالمقارنة مع 2007، وهي السنة التي عرفت الزيادة العسكرية في العراق، أفاد "مركز بيو" أن العراق كان هو "القصة المهيمنة" من يناير، عندما تم الإعلان عن الزيادة، إلى مايو. وقد تراجعت تغطية الموضوع بعد ذلك؛ إلا أنها ظلت عند معدل 10 في المئة من القصص الإخبارية في العام. أو لأن الجمهور الاميركي تعب وضاق ذرعاً بالحرب الطويلة أو بكلفة الحرب في وقت تعرف فيه البلاد أوقاتاً اقتصادية عصيبة، وإن كان هذا العامل لا يردع، تاريخياً، الشعب الأميركي. كل هذه عوامل ممكنة، ولكن ثمة عاملاً أكيداً: أوباما لم يقم بما يكفي من الجهود لدعم الحرب. فكقائد أعلى للقوات المسلحة، أكمل أوباما الحرب في أفغانستان على نحو جدي، وأبان عن قدر كبير من الالتزام والتروي. غير أنه لم يكن فعالاً بخصوص المنبر المتاح له كرئيس للبلاد. فمنذ وصوله للسلطة، ظل أوباما وفياً لما قطعه على نفسه من وعود خلال حملة 2008 الانتخابية من أن "الأمر الأول الذي سيصدره كقائد أعلى للقوات المسلحة سيكون هو إنهاء الحرب في العراق وإعادة تركيز جهودنا على أفغانستان". وبعد مراجعة طويلة في 2009، أمر الرئيس بزيادة 30 ألف جندي في أفغانستان؛ وحدد الحادي والثلاثين من يوليو 2011 موعداً للشروع في خفض عديد الجنود مما سبب التوتر والقلق للأفغان والباكستانيين والحلفاء عبر العالم والكثيرين في الولايات المتحدة، ولكن حتى ذلك التاريخ تم التخلي عنه لاحقاً في قمة "الناتو" بلشبونة العام الماضي. وللإنصاف، فإن أوباما رفض - على ما يقال - توصيات لنائب الرئيس ومستشاره للأمن القومي، وعدد كبير من المساعدين بزيادة عدد أقل من الجنود، أو الانتقال إلى استراتيجية محاربة التمرد، أو صنع سلام متفاوض بشأنه مع "طالبان"، وكلها خطوات خاطئة. لكنه في العلن، يلزم صمتاً مطبقاً بخصوص الحرب. فخطابه الأسبوع الماضي حول "حالة الاتحاد" اشتمل على إشارة واحدة عابرة إلى أفغانستان. كما أنه ألقى نحو اثني عشر خطاباً مهماً يركز على الأمن القومي، وخطاباً رئيسياً واحداً فقط حول أفغانستان؛ هذا في حين ألقى بوش الابن أكثر من 30 خطاباً مماثلًا خلال عاميه الأخيرين في السلطة. واللافت أن لا التقدم في الحرب، ولا مهمة جنودنا، ولا ساحات الحرب المتعددة، ولا غير ذلك من تفاصيل ما وصفه المرشح أوباما بـ"الجبهة المركزية" كانت جزءاً من خطابات زعامته اليومية. ثم إن الرئيس لم يلزم الهدوء فحسب، بل أسكت أيضاً قادته في أفغانستان، ومنع بشكل خاص الجنرال بترايوس من التحدث حول الحملة العسكرية هناك. وبالطبع، فإن "بترايوس" هو الذي قام فعلياً بوضع الاستراتيجية، ونفذ قرار بوش بالزيادة العسكرية في العراق. من الواضح أن الرئيس محارب متردد، وسبب ذلك التردد - الخوف من تهييج قاعدته "اليسارية"؛ تخوفات بشأن تشكيل ملامح تركته؛ غياب الاهتمام بسياسة الأمن القومي؟ - لا يهمنا هنا. ولكن الأكيد أن رئيس الولايات المتحدة مطالَب بأن يفسر للأميركيين الرهانات والتحديات التي تواجه بلدهم، ولماذا نحارب، وما هي الأمور التي مازال يتعين علينا القيام بها. دانييل بليكا نائبة رئيس دراسات سياسة الدفاع والخارجية بمعهد "أميركان إنتربراز" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©