الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشقة من حق.. السينما

الشقة من حق.. السينما
16 نوفمبر 2011 23:00
يحمل الفيلم السينمائي المصري الجديد “بيبو وبشير” نكهة مختلفة ورؤية جديدة لمخرجة شابة تسجل اسمها لأول مرة على الشريط السينمائي هي مريم أبوعوف، التي استطاعت أن تقدم تجربتها الأولى في السينما الروائية بتلقائية من خلال حدوته بسيطة ومعالجة سينمائية ناعمة وراقية، تؤكد امتلاكها لأدواتها كمخرجة واعدة ومن دون الحاجة إلى استعراض العضلات الفنية، وهو الخطأ الشائع في معظم التجارب الأولى للمخرجين الشباب. قدمت مريم أبوعوف فيلما كوميديا راقيا وممتعا، رغم أن الفكرة ليست جديدة تماما ورغم تشابه بعض الأحداث مع مشاهد شهيرة محفورة في ذاكرتنا من أفلام قديمة مثل “غريب في بيتي” بطولة سعاد حسني ونور الشريف ومشاهد أخرى عن فيلم “الشقة من حق الزوجة” بطولة محمود عبدالعزيز ومعالي زايد. نجحت المخرجة في أن تجعل الفيلم مشوقا وممتعا من خلال سرعة الإيقاع وقيادة الممثلين؛ ليظهر كل منهم بشكل مختلف ومتميز، كذلك الحوار الرشيق لهشام ماجد وكريم فهمي الذي عكس رغبتهما في الابتعاد عن الأصل الأميركي المقتبس منه فكرة الفيلم وخلق جوا شرقيا رغم غياب المنطق في بعض المشاهد. تدور أحداث فيلم “بيبو وبشير” في إطار رومانسي كوميدي من خلال الفتاة “عبير أو بيبو” (منة شلبي) التي تعيش في القاهرة سعيا وراء النجاح والشهرة، بعد أن تركت منزل أسرتها في بورسعيد لتواصل عملها كعازفة “درامز” في فرقة موسيقية، وتعاني أزمة العثور على سكن مناسب، فهي تنتمي لأسرة ملتزمة بالأصول والعادات، ومتوسطة الحال وترفض والدتها (سلوى محمد علي) إقامتها في بنسيون، لذلك تبحث عن شقة، وبصعوبة تعثر عليها، أما والدها فهو المخرج محمد خان الذي قدم أول أدواره كممثل بارع. تقبل “بيبو” اقتراح أحد العاملين في مكتب المقاول صاحب الشقة أن تستأجرها من الباطن لنصف الوقت، وهي الفترة الصباحية، حيث تقضي الليل في عملها في حفلات وتسجيلات، وفي الوقت نفسه يؤجر الشاب (محمد ممدوح) الشقة لأحد أصدقائه المقربين وهو “بشير” المترجم للمدرب الأفريقي لفريق منتخب مصر لكرة السلة، وهو يبحث عن شقة مستقلة بعيدا عن رقابة والده عزت أبوعوف، والذي قرر الزواج من صديقة الأسرة “كاميليا” (صفية العمري). وأصبحت تفرض أشياء كثيرة لا يحبها مثل وجود كلب صغير في المنزل لا يحلو له النوم إلا في فراش “بشير”، بل وتطلق عليه “بشير”، مؤكدة أنها اختارت ذلك الاسم لحبها وتعلقها ببشير ابن زوجها. وتحت ضغط الظروف المادية يقبل “بشير” (آسر ياسين) استئجار الشقة لنصف الوقت، فهو يستيقظ مبكرا ويذهب للتمرين ولا يعود إلا في المساء، ويحذره صديقه من المبيت في الشقة مساء؛ بدعوى أنها مسكونة بالعفاريت الذين يتجولون بها، وهكذا يقطن “بشير” و”عبير” نفس الشقة من دون أن يعلم كل منهما بوجود الآخر، وهي فكرة فيلم “غريب في بيتي” المقتبسة عن مسرحية وفيلم أميركي، ولكن الصدفة تجعلهما يلتقيان خارج الشقة، حيث يتصادف لقاؤهما في القطار أثناء ذهاب فريق كرة السلة للعب مباراة في بورسعيد، بينما تكون “بيبو” (منة شلبي) في طريقها لزيارة أسرتها هناك، ويدعوها “بشير” لحضور المباراة وتذهب مع أسرتها، ونشاهد “بيبو” فتاة عصرية جريئة واثقة من نفسها لا تتصنع الدلع وملتزمة أخلاقيا، على غير الصورة النمطية التي تصدرها السينما عن النماذج المنفلته للفتيات اللاتي يعملن في المجال الفني، وتنشأ علاقة إعجاب سرعان ما تتحول الى حب بين “بيبو” و”بشير”. جاء أداء الأبطال ليعكس براعة نجمين قطع كل منهما خطوات ثابتة في طريق النجومية، فقدمت منة شلبي شخصية “بيبو” بتدفق وحيوية أضافت الكثير للفيلم، وجاء اداء آسر ياسين في أول أدواره الكوميدية ليؤكد حضوره القوي وبراعته في الأداء بلا مبالغة، وتألقت سلوى محمد علي كعادتها لتجعل من دورها الصغير بطولة، أما المخرج محمد خان فهو مفاجأة الفيلم بأدائه البسيط والمميز والمبهر، والذي يجعل المتابع للأحداث يتمنى أن تزداد مساحة وجوده على الشاشة. ورغم مشوار عزت أبوعوف وصفية العمري وأدوار كل منهما التي لا تنسى، فقد ظهر تجاهل السيناريو لرسم ملامح وأعماق للشخصيات الثانوية، واجتهد كل منهما في الأداء، رغم عدم وجود مشاهد تليق بهما وتوظف قدراتهما. وجاء أداء محمد ممدوح لينبئ بميلاد فنان كوميدي يتمتع بخفة ظل، فقد أجاد دوره رغم عدم العناية برسم خلفية درامية لائقة له. فيلم “بيبو وبشير” تجربة كوميدية بمذاق جديد تحمل إضافة حقيقية للسينما المصرية. سجلت اسم المخرجة الواعدة مريم أبو عوف كمبدعة تمسك بأدواتها وتجيد اختيار فريق العمل من فنيين وممثلين وتقودهم بفهم وحرفية. ورغم الصعوبات التي واجهتها في تجربتها السينمائية الأولى نجحت في تقديم سينما لها مذاق خاص وتحقق قدرا كبيرا من المتعة للمشاهد حتى في وجود بعض الهنات. وقدم الفيلم اثنين من المؤلفين الشباب هما كاتبا السيناريو والحوار كريم فهمي وهشام ماجد، وكل منهما له تجربتان أو ثلاث فقط في مجال الكتابة السينمائية، ويحسب لهما الموهبة والقدرة على بناء مواقف كوميدية ساخنة تفجر الضحك بتلقائية ولغة حوار قريبة من القلب، ولعل خطواتها المقبلة تحمل مزيدا من العناية بالأدوار الثانوية وتماسك البناء الدرامي وتسلسله المنطقي. وجاءت لمسات مهندس الديكور متناغمة مع طبيعة الاجواء التي ترصدها الأحداث ولعبت الموسيقى التصويرية لهاني عادل دورا متسقا مع الصورة السينمائية التي رصدتها كاميرا مدير التصوير فيكتور كريدي الذي منح الشريط السينمائي بعدا جماليا من خلال قدراته على توزيع الظلال والاضاءة في العديد من المشاهد، وحققت المونتيرة منى ربيع إيقاعا متلاحقا مواكبا للأحداث وربما كان لاهثا أحيانا، بحيث لا يجعل المشاهد يتأمل غياب المنطق في بعض الأحداث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©