الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المدمرة كول في لبنان··· بين الدلالة والكارثة

المدمرة كول في لبنان··· بين الدلالة والكارثة
6 مارس 2008 00:47
لقد أثار قرار واشنطن بإرسال المدمرة ''كول'' إلى السواحل اللبنانية، ذكريات نزاع مرير سابق شهده لبنان، مصحوباً بالمخاوف من نشوب حرب أهلية جديدة في بلادهم، وفي حين أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن إرسال هذه المدمرة إلى جانب عدد آخر من السفن الحربية إلى السواحل الشرقية من البحر الأبيض المتوسط، إنما يهدف إلى دعم الاستقرار الإقليمي للمنطقة، في وقت تتفاقم فيه الأزمة الرئاسية اللبنانية، غير الواضح أن هذه الخطوة الأميركية سببت حرجاً كبيراً لحكومة رئيس الوزراء الحالي ''فؤاد السنيورة'' المدعومة من قبل الغرب، إلى جانب توفيرها ما يكفي من الذرائع لتزايد اتهام المعارضة اللبنانية الموالية لسوريا بقيادة حزب الله، لحكومة السنيورة بأنها مجرد مخلب أميركي· وعلى حد قول ''أمل سعد'' -من مركز الشرق الأوسط التابع لمؤسسة كارنيجي الوقفية في بيروت- فإن نشر هذه المدمرة يعد خدمة كبيرة جداً لحزب الله، لكونه يشير إلى إفلاس سياسي من جانب الولايات المتحدة الأميركية، يدل على عجز واشنطن عن فعل أي شيء في لبنان، فكل الذي استطاعت الولايات المتحدة فعله هو إبراز عضلاتها العسكرية· أما المحللون السياسيون والعسكريون، فمنقسمون هنا حول ما إذا كان إرسال المدمرة يهدف إلى توجيه إنذار إلى حزب الله أو سوريا، على أن المؤكد هو ما أثاره نشر المدمرة ''كول'' من ذكريات المرة الأخيرة التي سعت فيها الولايات المتحدة للتدخل العسكري في لبنان، بكل ما ترتب عن ذلك التدخل من عواقب كارثية للغاية· في سبتمبر من عام ،1983 أي في منتصف مسار الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت لستة عشر عاماً، أقدمت السفن الحربية الأميركية المنتشرة حينها، على قصف جبال ''شوف'' الواقعة جنوبي العاصمة بيروت والتي تغلب فيها الطائفة الدرزية، في إطار دعمها للجيش اللبناني الذي كان يخوض حرباً ضد المليشيات الموالية لسوريا، وبالنتيجة فقد كانت تلك الخطوة العسكرية من جانب واشنطن، مقنعة بما يكفي لتلك الفصائل اللبنانية المعارضة لحكومة بلادهم المدعومة من قبل أميركا حينئذ، بأن هذه الأخيرة، أبعد من أن تكون طرفاً دولياً محايداً في عمليات حفظ السلام· وفي رد عسكري على ذلك التدخل، جرى تدمير ثكنات قوات المارينز المرابطة في ''بيروت''، بواسطة هجوم انتحاري جرى تنفيذه في أكتوبر من عام ،1983 بلغ حجم ضحاياه من بين الجنود الأميركيين 241 قتيلاً، وبعد شهرين لاحقين، ردت المقاتلة الحربية ''نيو جيرسي'' وهي من السفن الحربية المشاركة في الحرب العالمية الثانية، بإطلاق نيرانها على القوات السورية والمليشيات الموالية لها في المواقع التي كانت ترابط فيها هذه القوات، فيما يعد أقوى قصف بحري منذ نهاية الحرب الكورية، واستمر القصف لمدة قاربت الشهرين، راح ضحيته أكبر جنرال سوري في لبنان· لكن وفي وقت مبكر من شهر فبراير عام ،1984 تمكنت المليشيات اللبنانية الموالية لسوريا من احتلال الجزء الغربي من بيروت، مرغمة بذلك إدارة ''ريجان'' على إجلاء قوات المارينز التابعة لها من لبنان، وبالفعل غادرت تلك القوات لبنان بعد شهرين فحسب، واضعة بذلك حداً نهائياً لما أسماه وزير الخارجية الأميركي وقتئذ ''كاسبر واينبرجر'' بأنها ''العملية الأكثر سوءاً'' على الإطلاق· وكان قد اغتيل عماد مغنية -الذي يعتقد أنه مدبر الهجوم الانتحاري على ثكنات قوات المارينز- في دمشق الشهر الماضي في انفجار سيارة ملغومة، ما دعا ''حزب الله'' الذي اتهـــم إسرائيل بتدبير حادثة الاغتيال، لإعلان عزمه على الانتقام لـ''مغنية'' الذي اعترف الحزب لاحقاً بأنه كان القائد العسكري الأعلى له، وكما هو متوقع فقد أخذت إسرائيل ذلــك التهديد مأخـــذ الجد، ما دفعها إلى تحذير سفاراتها ونشر تعزيزات عسكرية إضافية على امتداد حدودها المشتركة مع لبنان، وعلى حد قول ''أمل سعد'' فإن نشر سفن حربية أميركية مجـــدداً في لبنـــان، له دلالته الرمزية الكبيرة، خاصــــة وأن عمـــاد مغنية هو المتهم بالهجوم الانتحاري المذكور في عام ·1983 ومن رأي محللين آخرين أنه وفي حال رد ''حزب الله'' الصاع صاعين لإسرائيل كما توعّد، فإن من المنطقي توقع أن تشن تل أبيب هجوماً جديداً عليه داخل الأراضي اللبنانية، على غرار ما فعلته في صيف عام ·2006 ولا تقتصر هذه الدلالة الرمزية لنشر السفينة ''كول'' على ما تشير إليه من ماضي التدخل العسكري الأميركي في الشأن اللبناني فحسب، وإنما لما لها من صلة بحرب واشنطن المعلنة على الإرهاب الدولي أيضاً، وكما نذكر فقد تعرضت السفينة ''كول'' نفسها لهجوم انتحاري من قبل عناصر موالية لتنظيم القاعدة في السواحل اليمنية في عام ،2000 وهو الهجوم الذي راح ضحيته 17 ملاحاً من ملاحي السفينة، ضمن سلسلة من الهجمات الانتحارية التي استهدفت القوات والأهداف الأميركية في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، وعلى الرغم من أن إعادة نشر هذه السفينة تارة أخرى في أحد السواحل الشرق أوسطية يعد الأول من نوعه منذ عام ،2000 إلا أن كثيراً من المحللين لا يعتقدون أنه سوف يكون له تأثير يذكر على مجرى الأحداث داخل لبنان، من جانبها أعلنت ''البنتاجون'' اعتزامها نشـــر تعزيزات حربية بحرية أخرى في سواحل لبنان، وهذا ما دعا بعض المحللين إلى الاعتقاد بأن واشنطن تعمل على ترتيب حملة جديدة تستهدف تغيير السلوك السوري في لبنــان· نيكولاس بلانفورد- بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©