"الأسقف الخضراء" أحدث صيحة لحماية البيئة

إعداد - محمد عبدالرحيم: قبل أن تبدأ في عقد المقارنة بين تكلفة الإكساء بالطوب مقابل الطين في سقف المبنى ربما يتعين عليك دراسة الخيار الذي يتيح لك المساعدة في تسحين البيئة داخل المنزل والمنطقة المحيطة به· ولما كانت المنازل المحلية تسهم بحوالي 27 في المئة من غازات ثاني أكسيد الكربون وفقاً لاحصائيات وزارة البيئة البريطانية ومنظمة شؤون الريف والأغذية فقد أصبح من المنطقي أن يتجه جميعنا للنظر في الكيفية التي نتعامل بها مع مشكلة الاحتباس الحراري ليس فقط في نشاطاتنا بل أيضاً فيما يختص بالمواد التي نستخدمها في بناء المنازل التي نسكنها· وكما ورد في صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' مؤخراً فقد استمر المعماريون في جميع أنحاء العالم يغيرون من الصورة السائدة في أذهان الأجيال السابقة من المصممين بحيث تبدو أكثر صداقة للبيئة عبر انتاج المساكن العصرية الأنيقة التي تحتشد بالتكنولوجيات المتجددة والمرشدة لاستخدامات الطاقة· ولما كانت معظم التصاميم الحديثة تنطوي على وجود أكبر قدر ممكن من الهياكل الخضراء في المباني الجديدة الا أن بعض الأفكار ما زال بالامكان تطبيقه في المساكن الموجودة أصلاً من أعلى إلى أسفل عبر استخدام البدائل الصديقة للبيئة مثل الأسقف الخضراء أو تركيب توربينات الرياح أو ألواح انتاج الطاقة الشمسية· ولكن الأسقف المصنوعة من التربة والتي تكسوها الحشائش والأعشاب ظلت موجودة منذ قرون طويلة في الدول الاسكندنافية حيث يمكن رؤيتها وهي مكسوة بنباتات الصنوبر وتختلف أنواع الشجيرات التي تنمو أعلى المنازل· لكنها أصبحت الآن تمضي إلى انتشار في جميع أنحاء أوروبا وأميركا الشمالية وبخاصة في أعلى مباني المطارات مثل مطار سشيفول في امستردام وفي سلسلة مطاعم (بيتزا هت) وفي أعلى المصانع مثل مصنع شركة فورد في ديرفيلد بولاية ميتشجان بالاضافة إلى المستشفيات وعدد من المباني الجديدة التابعة لمجالس البلديات· وإلى ذلك فإن الاسقف الخضراء تتسم بسهولة التركيب وقلة تكاليف الصيانة مقارنة بالاسقف الموجودة حالياً· وطالما أن الهياكل الداعمة قوية بشكل يكفي لتحمل وزن التربة المشبعة بمياه الأمطار والثلوج فإن الشقق الخالية بات بالامكان ''تحضيرها'' عبر استخدام عدد قليل من طبقات المواد الخاصة وإذا كان لديك سقف مسطح من الخرسانة فيمكنك الآن تحويله بسهولة إلى حديقة علوية خضراء· وتتمثل النتيجة في مستوى عال من العزل الحراري الذي يحتفظ بالمنزل دافئاً في الشتاء وبارداً في الصيف لاسقف الخضراء تلعب دوراً جيداً كادوات عازلة في استبدال المحيط الطبيعي بحيث تساعد على تبريد الأجواء وازالة ''الجزر الحارة'' التي تسود المناخ في المناطق الحضرية وبخاصة إذا ما تم انشاؤها في سلسلة عديدة من المباني المتجاورة· وكذلك فإن الاحتفاظ بالمياه التي تتساقط على السطح وتحويلها للاستخدام في اغراض مختلفة في فترة لاحقة بات يعتبر وسيله أخرى لجعل منزلك أكثر صداقة للبيئة· وهو أمر لا يتعلق بإعادة التدوير برغم أن هذه المياه يمكن استخدامها في شتى الأغراض في داخل المنزل باستثناء شربها· كما يتعلق استخدامها أيضاً كما تشير المعمارية ديبور سونت في لندن التي صممت مركزاً للأطفال بسقف أخضر إلى امكانية العمل على ابطاء وتقليل كميات المياه المتدفقة على الشوارع والمصارف الصحية· ويمكن ببساطة الاستحواذ على مياه الأمطار عبر تركيب أنابيب توجه هذه المياه إلى خزانات في أسفل المبنى بحيث تستغل لاحقاً في تنظيف المراحيض أو ري الحدائق الأرضية أو حتى تزويد الغسالات الكهربائية بالمياه· ويبدو أن الخطوة المقبلة في اذهان ملاك المباني من اصدقاء البيئة لا تقتصر فقط على بناء السقف الذي يعمل على ادخار الطاقة فقط وانما أيضاً توليدها عبر تركيب الواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح· ومن المعلوم أن معظم الطاقة الشمسية بالامكان الحصول عليه في الأسقف العلوية أما عبر استغلال أشعة الشمس لتسخين المياه مباشرة في المبنى أو تجميع الطاقة من اللوحات الكهروضوئية· وعادة ما تتمثل الوسيلة المباشرة الموصى بها في الاقتران مع مصدر تقليدي للطاقة من أجل توفير المياه الساخنة في المنزل في موسم الصيف وبعض الكميات في موسم الشتاء· علماً بأن اللوحات الكهروضوئية تحتوي على خلايا تعمل على تجميع الطاقة الضوئية وتحويلها إلى كهرباء قبل أن يتم بيع الفائض منها إلى شركات توليد الكهرباء المحلية في العديد من البلدان حالياً· أما فيما يختص بطاقة الرياح فقد درجت العديد من الشركات في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية الآن على تسويق أنواع من التوربينات الصغيرة الحجم التي يمكن استخدامها في المنازل· وعلى الرغم من أن الموديلات الحالية ليست دائماً ذات جدوى في المناطق السكنية بسبب أن الرياح نادراً ما تصل إلى سرعات عالية تكفي لتوليد الطاقة بتكلفة مناسبة فإن الطلب المحلي على التوربينات ما زال متنامياً من العديد من الأشخاص وبخاصة في المناطق الريفية كمصدر يتسم بالمزيد من المصداقية لتوليد الطاقة· وفي ظل ارتفاع تكاليف الطاقة واتفاق العديد من الأشخاص على ضرورة الاستفادة من البدائل لانتاجها فإن الفوائد المالية ربما تشجع الملاك والسلطات على حد سواء على إنشاء الأسقف الخضراء المتكاملة في وقت أقرب مما كان متوقعاً·