الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدعم الغربي... لتحجيم الجهاديين في سوريا

4 نوفمبر 2012
لا أحد يجادل بأن وزيرة الخارجية الأميركية ستتوجه إلى الدوحة في الأسبوع المقبل بأجندة محددة سلفاً ومدروسة جيداً، حيث ستدافع عن فكرة أساسية مفادها ضرورة إعادة هيكلة المعارضة السورية، فالانتفاضة الشعبية التي انطلقت في البداية بشكل سلمي وأسرت العالم الذي تابعها باهتمام بالغ تدهورت إلى خليط فوضوي من جرائم الحرب والتطرف الديني المتنامي، بالإضافة إلى غموض المستقبل السياسي. بل إن الانتفاضة السورية أصبحت رديفة لكل ما هو سيء في "الربيع العربي"، لذا يبدو أن تسليح الثوار هو الطريق الأمثل للخروج السريع من المستنقع السوري ولتشكيل معارضة تمتلك ما يكفي من أسباب القوة للإطاحة بنظام الأسد. لكن الولايات المتحدة ما زالت متخوفة من وقوع الأسلحة في يد الجهاديين الذين يقاتلون إلى جانب الثوار، لاسيما بعد إلقاء السلطات الأردنية القبض مؤخراً على 11 عنصراً ينتمون إلى جماعة جهادية سورية كانوا يعتزمون القيام بعمليات داخل الأراضي الأردنية وزعزعة استقرار المملكة الهاشمية. غير أن الخطر الذي يحذر منه الكثيرون والمتمثل بتصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة الناشطة في سوريا، ينطوي على بعض المبالغة، بالإضافة إلى أن وجود تلك الجماعات في سوريا يمكن الحد منه لو اتبعت السياسات المناسبة والصائبة. كما أن بعض الفظائع التي ارتبكت في سياق الصراع السوري ويستدل بها البعض على وجود حركات متشددة ضمن المعارضة السورية لا تقتصر على الجهاديين أو ذي التوجهات الإسلامية المتشددة، بل تمتد أيضاً إلى المعارضة المعتدلة التي تحمل السلاح، ليبقى المهم في النقاش الدائر حول تسليح المعارضة من عدمه ليس التجاوزات المسجلة حالياً، بل التصور الذي تطرحه المعارضة لمستقبل سوريا. فمن بين مائة ألف شخص منخرطين في القتال ضد النظام في سوريا، يوجد فقط بضعة مئات منهم يسعون إلى إقامة خلافة إسلامية في سوريا. وفي المقابل يدافع آلاف النشطاء عن أيديولوجية إسلامية معتدلة، وهو ما يعني أن الأغلبية الساحقة من المسلحين الذين يحاربون النظام لم يفعلوا ذلك من منطلق الترويج لفكرة الإسلام السياسي، بل فقط للدفاع عن أحيائهم وحمايتها من الآلة العسكرية للنظام. فبعد عقود من الحكم العلماني ما زالت أغلبية قوى المعارضة تصر على دولة مدنية تستلهم المبادئ العامة للشريعة الإسلامية، فيما الجماعات السلفية، تقتصر على أقلية من الشعب مقارنة بدول مجاورة. وفي الوقت نفسه لا يشكل الجهاديون المسلحون سوى جزء بسيط من المقاتلين الأجانب الذين يتدفقون على سوريا، حيث يواصل العديد من المقاتلين الأجانب دخول سوريا لدعم الثوار من منطلقات التعاطف العربي الذي أحيته انتفاضات "الربيع العربي". ومع الأسف يساهم عدم التدخل الغربي في صعود الإسلام السياسي والحركات الجهادية ضمن عناصر المعارضة، لاسيما في ظل الشعور السائد لدى السوريين بتخلي العالم عنهم وعدم اهتمامه بمعاناتهم، كما أن الأشخاص الذين قرروا إطالة لحاهم وتبني خطاب إسلامي متشدد إنما يقومون بذلك للحصول على الأموال والتبرعات القادمة من بعض الدول. لكن رغم تحول المعارضة نحو بعض الراديكالية في مواقفها، يجب أن نعرف بأن الاتجاه مازال يمكن وقفه والتحكم فيه، المهم أن يعترف صناع القرار في الغرب بالحقيقة التي يتهربون منها، وهي أن تأخر التدخل في سوريا من المرجح أن يفتح أبواب الجحيم وعدم الاستقرار في عموم المنطقة. ففي الوقت الذي تضطرب فيه سوريا، سيجد الجهاديون فرصتهم لاختراق الدول المجاورة. ولعل المثال الأخير في الأردن خير دليل على ذلك، وقد يمتد الخطر إلى دول أخرى مثل تركيا وإسرائيل. لذا، ومن أجل إسقاط الأسد وضمان انتقال ديمقراطي للسلطة، يتعين على الغرب تحجيم نفوذ الثوار الجهاديين، وبالإضافة إلى العمل على رصد القادة المعتدلين في صفوف المعارضة داخل حركة الثوار ومدهم بوسائل الاتصال. على الغرب تعزيز مكانة الميليشيات المعتدلة ودعم قدراتها القتالية من خلال مدها بالأسلحة المتطورة، ففي هذه الحالة سيميل الأفراد الجدد المنضمين إلى الثوار إلى حلق لحاهم والتخلي عن الأفكار الجهادية لو كان ذلك يعني الحصول على مزيد من الأسلحة مثل صواريخ "ستينجر" المحمولة على الكتف والقادرة على التصدي للغارات الجوية لطيران النظام. وفي هذا الإطار يتعين على وزيرة الخارجية الأميركية، وهي تتوجه إلى الدوحة في الأسبوع المقبل، ضمن محاولة أخيرة لتوحيد المعارضة السورية، طرح مقاربة جديدة ومتابعتها ليس بالكلمات فقط، بل بالفعل أيضاً، بحيث يتعين على الولايات المتحدة إثبات أنها بديل يمكن للثوار الاعتماد عليه بدل الارتماء في أحضان الجهاديين. هذا، ويتعين على واشنطن دعم حلفائها المتاخمين لسوريا ومساعدتهم على منع تدفق المقاتلين الأجانب، بما ذلك استخدام الطائرات بدون طيار لمراقبة الحدود والتعاون الاستخباراتي، كما أن القوات الأميركية الخاصة الموجودة في الأردن لمراقبة الأسلحة الكيميائية للنظام السوري، يتعين توظيفها أيضاً لمنع اختراق الجهاديين للحدود الأردنية. دانيال نيسمان محلل بارز في معهد ماكس للحلول الأمنية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©