الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

"جماليات السرد النسائي".. جديد الناقدة رشيدة بن مسعود

29 مارس 2007 02:25
المغرب - محمد نجيم: صدر للكاتبة والناقدة المغربية رشيدة بن مسعود مؤخرا وخلال معرض كتاب الدار البيضاء كتاب بعنوان ''جمالية السرد النسائي'' والذي كان الإقبال عليه شديدا نظرا لمحتواه العميق وما تحظى به المؤلفة من احترام وشهرة وسط عموم القراء والطلبة والباحثين والكتاب والمبدعين من مختلف الأجيال· تواصل الباحثة المغربية رشيدة بن مسعود مسيرتها النقدية السردية بهمة المنشغل بالهم المعرفي ونشاط العاشق للموضوع الذي تنشغل به، فتقدم لنا هذا الكتاب الذي يأتي ليكرس اسمها في مجال البحث العلمي، المنخرط في قضايا تمس المرأة (الوجود والوجدان)، ويؤكد دورها باحثة طليعية ورائدة في الآن نفسه· فبعد كتابها ''المرأة والكتابة: سؤال الخصوصية، بلاغة الاختلاف''، الذي كان حصيلة تجربة طويلة من البحث المتأني في علاقة المرأة بالكتابة تعبيرا عن الذات، وتأكيدا لوجود ظل مقصيا ومهمشا من دائرة الاهتمام في مختلف المجالات الحيوية، يأتي هذا الكتاب ليصب في المجرى نفسه، ويثبت أن قضية المرأة من خلال الإبداع قادرة أكثر عن التعبير عن هواجسها وآلامها وآمالها· في هذا الكتاب تختار النصوص السردية (روائية بالدرجة الأولى، وقصص قصيرة) من مختلف البلاد العربية، وخاصة من الإمارات والمغرب والجزائر وفلسطين ولبنان، وحين تقارب الباحثة النصوص التي اختارتها للمعالجة، فإنها تسلك الطريق الصعب لأنه المسلك الملائم للمقاربة والمعالجة· وتقول صاحبة الكتاب إن الغاية من مقاربة هذه النصوص الإبداعية النسائية لا تعني الرغبة في اجترار الأسئلة التقليدية، وإنتاج الخطاب السجالي الذي تأسس وساد منذ صدور الأعمال الروائية الأولى لليلى بعلبكي وكوليت خوري وغيرهما، بل هو عبارة عن محاولة للتوغل مسافة عميقة وهادفة في جغرافية السرد النسائي، لنقف من خلال التفكيك النقدي، عند مواصفات وتضاريس ما تبدعه المرأة من أنواع سردية (رواية وقصة وسيرة ذاتية) وذلك انطلاقا من عنصر التخييل الذي يعد جوهر العملية الإبداعية، ودور الذات باعتبارها مختبر فعل الكتابة، لمعرفة كيف تساهم الكاتبة العربية في تأسيس سرد نسائي له جماليته وحيزه في النسق الإبداعي العربي· تقرأ الباحثة بن مسعود نصوص مريم جمعة وفاطمة محمد كأنها غفل من توقيع كاتبيها، بسبب غياب التواصل الثقافي بين أطراف عالمنا العربي الإسلامي، لأسباب متعددة لا حاجة لذكرها -تقول المؤلفة- وجدت نفسي أمام نصوص لا أعرف عن قائلها معلومات تغريني وتوجهني أثناء عملية القراءة، الشيء الذي يجعلني أتعاطى معها اعتمادا وانطلاقا من سيرة كاتبها، أو سيرة كتاباتها السابقة، تحت ضغط هذا الوضع الاضطراري لم أجد أمامي من منهاج إلا الاحتكام إلى جمالية النصوص، والإنصات إلى نبضها الخاص قصد الكشف عن متعة الكتابة، وتحقيق لذة القراءة، بعيدا عن سلطة اسمية للكاتبة، قد تكون بمثابة حجاب يخلق بيني وبين النص مسافة قد تخذلني أثناء القراءة السليمة للنصوص· إن مدخلنا إلى هذه النصوص القصصية ''ماء'' لمريم جمعة و''آثار على نافذة'' لفاطمة محمد، سينطلق مما يسميه بعض النقاد ما قبل النص -حسب تعبير جيرار جنيت- الذي يشمل ما يلي: العنوان واسم الكاتب والناشر والعناوين الفرعية والمقدمة/التمهيد، والإهداء· أي كل العناصر الإخراجية التي تنتج خطاب النص الأدبي· إن الوظيفة المتداولة للعنوان -حسب الباحثة- هي الوظيفة الاسمية باعتباره اسم علم، إلا أنه علم من نوع خاص، إنه -حسب الناقد ميتا- دليل يحيل إلى النص ويعرف بموضوعه هذا التقديم النظري المركز تكمن أهميته في تحديد بعض المفاهيم النقدية التي سنعتمدها لمقاربة عناوين المجموعتين القصصيتين ''ماء'' و''آثار على النافذة''، بغية الوصول إلى إضاءات نسبية وليست مطلقة، تساعد على معرفة المخزون الثقافي الكامن/ والمحرك لعناوين المجموعتين التي ستكشف لنا عن الذاكرة الإبداعية، التي حددت أفق الكتابة بالنسبة للقاصتين فاطمة ومريم، فبالنسبة لعنوان مجموعة مريم جمعة ''ماء'' (مركب اسمي ونكرة ومفردة) إنه في الوقت نفسه عنوان القصة الثانية في المجموعة التي تشمل سبع قصص (أعداء في بيت واحد وماء وغابرييلا وصرمة وطلع وظهيرة وأحمد والغافة وأشياء صغيرة)· إن اختيار عنوان القصة الثانية ''ماء'' ليكون عنوانا أساسيا للمجموعة ككل، ليس اختيارا اعتباطيا في نظري، بل هو مؤشر على وجود تيمة محورية تلح على الذات الكاتبة، وتؤكد في الوقت نفسه العلاقة الحوارية التي تتمفصل عبر قصص المجموعة، من خلال حضور ''الماء'' الذي يتمظهر عبر دلالات مختلفة، داخل المسار السردي في المجموعة، الماء كشيء ضروري في الحياة، تزداد الحاجة إليه خلال زمن الحرب، والذي قد يكون أحيانا سببا في اندلاعها (أعداء في بيت وأحمد وماء)، والماء كرمز للطهارة والتطهير (أحمد والغافة)، ويدل كذلك على حركية دائرية وتعكس الروتين اليومي المعيش، الذي يغتال بتكراريته (أعداء في بيت واحد وظهيرة وأشياء صغيرة)· هذه التجليات المختلفة للماء كعنوان للمجموعة، يوحي بأن الكاتبة تريد التركيز على جانب معين، فعمدت من أجل ذلك إلى إثارة انتباه القارئ وشد اهتمامه إلى ''ماء'' المجموعة القصصية، وإلى توجيه وبرمجة سلوك القراءة عند المتلقى· في إطار التعريف، نجد أن العنوان ''ماء'' يقوم كذلك بوظيفة تحفيزية وتداولية، نظرا لما يلعبه من دور مزدوج في علاقته بالمتلقى، من خلال صيغة التنكير والإفراد للفظة ''ماء'' التي تبقى النص مفتوحا على المعاني المتعددة، والقراءة النشيطة· والكتاب من إصدارات شركة النشر والتوزيع، سلسلة المكتبة الأدبية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©