الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الأميركي.. أفق التعافي

11 نوفمبر 2015 21:35
يقدم تقرير الوظائف في شهر أكتوبر، الذي صدر أول من أمس، ضوءاً أخضر من الداخل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) كي يرفع أسعار الفائدة عندما تنعقد لجنة إقرار السياسات في 15 و16 ديسمبر المقبل. وبالطبع يتوقف قرار «المركزي» على أمرين: أن تبقى البيانات الأميركية خلال الأسابيع الستة المقبلة متسقة مع التقرير، وأتصور أن الأمر سيكون كذلك، وأن تظل الظروف الدولية هادئة أو أكثر هدوءاً مما هي عليه اليوم، وهو أمر محل شك، وإن كان يمكن للمركزي أن يضطلع بتأثير مفيد. وهناك ثلاث معلومات معلنة تؤيدان هذه الفرضية، واثنتان منهما بطريقة إيجابية جداً. الأولى: أن الاقتصاد الأميركي أضاف 271 ألف وظيفة في أكتوبر الماضي، متجاوزاً التوقعات كافة. وإلى جانب مراجعات مؤيدة للتقديرات السابقة، وتراجع معدلات البطالة إلى خمسة في المئة، فإن التقرير يؤكد أن آلية توفير فرص العمل في الولايات المتحدة لا تزال واحدة من بين أقوى الآليات عالمياً، إن لما تكن أقواها. والمعلومة الثانية: وهي على القدر نفسه من التشجيع ـ خصوصاً بعد فترة طويلة ومحبطة من تراجع الأجور ـ ارتفاع معدل متوسط الأجر في الساعة بـ 9 سنتات إلى 25.20 دولار، ليصل إجمالي معدل النمو خلال العام إلى 2.5 في المئة. والمعلومة الأخيرة: أن معدل المشاركة، الذي يشير إلى الأشخاص الباحثين عن العمل من دون جدوى، كان واحداً من أكبر مؤشرات التوظيف التي أخفقت في أن تدلل على قوة الأوضاع؛ إذ ظلت معدلات مشاركة قوة العمل المدنية ثابتة عند مستوياتها المنخفضة تاريخياً مسجلة 62.4 في المئة. ولأن الأشياء التي يعتبرها «المركزي الأميركي» جزءاً من تفويضه المزدوج بالحفاظ على الأسعار مستقرة، بينما يضمن أن صعود مستويات التوظيف إلى أقصى حد ممكن، فإن تقرير الوظيف الصادر يوم الجمعة يتسق مع رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى في غضون عشرة أعوام. ولكن لأن المسؤولين عن صنع السياسات في المركزي الأميركي لن يلتقوا قبل ستة أسابيع أخرى، فإن ما سيحدث خلال هذه الفترة سيكون مهماً جداً. وبالطبع، سيولي «المركزي» اهتماماً كبيراً بالأرقام الاقتصادية المرتقبة، بما في ذلك تقرير الوظائف الخاص بالشهر الجاري، الذي سيتم إصداره بعد شهر من الآن. وعلى الرغم من أن الأرقام من المستبعد أن تكون بقوة أرقام أكتوبر، لكن من المحتمل أن تعزز مفهوم أن الاقتصاد الأميركي يواصل التعافي. بيد أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع «المركزي» من رفع أسعار الفائدة في الوقت الراهن هو العودة إلى اضطرابات أغسطس في أسواق المال الدولية، لا سيما بسبب التطورات في الأسواق الناشئة وضعف السيولة. ويمثل ذلك خطراً بالتأكيد بالنظر إلى أن النمو في الأسواق الناشئة يواصل التراجع، ولأن التجاوزات المالية هناك لابد من التعامل معها بصورة جادة. كما أن وسطاء التداول مستمرون في تقليص انكشافهم على المخاطر، الأمر الذي يؤدي إلى نقص السيولة في السوق. وعلى الرغم من أن «المركزي الأميركي» ليس مؤثراً في الاقتصادات الناشئة بقدر تأثيره في السوق المحلية، لكنه ليس عاجزاً. وما يتعين عليه فعله هو أن يتسق مع تحدي التواصل الذي يواجهه محلياً، وذلك بأن يفعل ما فعلته «محافظ المركزي» جانيت يلين في بداية الأسبوع الجاري. وعلى المسؤولين الآخرين في «المركزي الأميركي» أن يضموا صوتهم إلى «يلي» في إعادة التأكيد على أن ما يهم الاقتصاد الأميركي والأسواق (وبالتبعة النظام العالمي بأسره) ليس توقيت رفع أسعار الفائدة، ولكن أين ستتوقف دورة الأسعار وكيف ستصل إلى ذلك. ولابد من تكرار رسالة أن الدورة المقبلة في رفع أسعار الفائدة ستكون هي الأقل تشدداً في تاريخ «المركزي» مراراً خلال الأسابيع الست المقبلة. ولابد من فعل ذلك ليس فقط لإعداد الأسواق والشركات، ومن ثم تقليل المخاطرة بالتذبذب المالي غير الملائم والأضرار الاقتصادية هنا، ولكن أيضاً لتقليص فرصة تأثير أي اضطراب دولي على الاقتصاد الأميركي. محمد العريان* *رئيس مجلس التنمية العالمية التابع للرئيس أوباما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©