السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كينيا... الأزمة السياسية تنتظر «المُنقذ»!

كينيا... الأزمة السياسية تنتظر «المُنقذ»!
22 فبراير 2010 21:59
خلال الانتخابات الكينية الماضية خرج شباب البلاد إلى الشوارع في الحملة الانتخابية لتأييد المرشحين الذين وعدوهم بتحسين ظروف حياتهم. بل إن بعضهم ذهبوا إلى حد تنفيذ أعمال عنف عرقي فظيعة بإيعاز من زعمائهم السياسيين. أما اليوم، فها هي الغالبية من الشباب الكيني تشعر بالاستياء، ويتوعد كثيرون منهم بأنهم لن يُخدعوا مرة أخرى، في أي استحقاق مقبل. ويقول جوشوا نياموري، زعيم "ائتلاف شباب نيانزا" في كيسومو: "لقد كان الشباب بمثابة (ناقل الحركة) بالنسبة للسياسيين حتى يصلوا للسلطة؛ ولكن الشبان في نهاية المطاف شعروا بأنهم مبعَدون ولا مكان لهم في منطق السلطة السياسية. ولذلك، فقد بدأنا الآن حواراً فيما بيننا، وقررنا تنظيم أنفسنا للعمل على مواضيع شأن عام، وليس لمناصرة السياسيين الأفراد"، مضيفاً: "إن المسؤولين خائفون، لهذا السبب، لأنهم لا يعرفون كيف يتعاملون معنا". على أن الأجواء مشحونة أصلاً منذ أسبوع تقريباً، في وقت تهدد فيه فضيحة فساد بالقضاء على الائتلاف الحكومي الهش، خاصة بعد أن أعلن حلفاء رئيس الوزراء رايلا أودينجا أنهم سيقاطعون اجتماعات الحكومة. ولذا ينتاب الكينيين، بصفة عامة، القلق مجدداً خشية أن تتحول الأزمة السياسية مرة أخرى إلى عنف إثني خطير. غير أن التقاء الكثير من المنظمات الشبابية -عشرات المنظمات عبر البلاد التي تضم عشرات الآلاف من الأعضاء- المنحدرة من مجموعات دينية وإثنية مختلفة يعد، في نظر المراقبين، من المؤشرات القليلة التي ربما تبعث على الأمل في المشهد السياسي الكيني المشحون في الوقت الراهن. وفي هذه الأثناء يتحرك العديد من الناخبين الكينيين الشباب، الذين كانوا في يوم من الأيام وسيلة في أيدي السياسيين الطموحين أو الوصوليين -حيث كانوا يُستغلون من قبل كتاب الخطابات ومنظمي الحملات الانتخابية، أو كمجرمين، حيث قتلوا أكثر من ألف مدني بعد الانتخابات العامة الأخيرة في ديسمبر 2007- ويكثفون جهودهم الخاصة مع المواطنين من مختلف الإثنيات بهدف التحدث حول مواضيع تهم المواطن العادي مثل البطالة والتعليم والصحة. وفي هذا السياق، يقول جون جيثونجو، الناشط ضد الفساد ورئيس "صندوق زيندينكو"، الذي يمول بعضاً من أكبر منظمات المجتمع المدني في كينيا: "في الانتخابات الماضية، كان العنف يأتي من الدولة، حيث كان رجال الحكومة هم الذين يمولونه ويديرونه". ويعترف جيثونجو بأن الطبقة السياسية الكينية تجيد الدفاع عن مصالحها، ولكنه يرى أن ثمة سبباً للاعتقاد بأن الشباب الكيني يستطيع أن يفوقها ذكاءً، وذلك بالنظر إلى حقيقة أن الزعماء الشباب يجوبون البلاد طولا وعرضاً ولا يترددون في الذهاب إلى المناطق الريفية والنائية للتحدث مع الشباب حول حقوقهم ومسؤولياتهم كناخبين، متفوقين في ذلك على المثقفين المتعالين في نيروبي، هذا إضافة إلى حقيقة أن الشباب بشكل خاص يقتسمون مشاعر الاستياء التي يشعر بها الكينيون. والجدير بالذكر هنا أن "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" تمول عدداً من هذه المنتديات في إطار هدفها المتمثل في بناء الديمقراطية والتوعية بالمواطنة، حيث نُظمت هذه المنتديات خلال العام الماضي مرة كل أسبوعين تقريباً، في المدن الكبيرة مثلما في البلدات الصغيرة، وفي المدارس والكنائس وغيرها. ويقول جيثونجو: "إن التحدي الذي يواجهونه اليوم هو القيام بهذا في غضون وقت كافٍ حتى يكون هنالك تأثير ما على الانتخابات المقبلة". ويرى بعض المحللين أن المزاج السياسي المؤيد للتغيير في كينيا شبيه من بعض النواحي بمشاعر السخط والاستياء التي كانت سائدة في الولايات المتحدة في حملة 2008 الانتخابية. فمثلما تغلب أوباما على مرشحين من العيار الثقيل عبر تقربه من الناخبين الشباب -حيث أمن 66 في المئة من أصوات الناخبين ممن تقل أعمارهم عن 30 عاماً- فإن مرشحاً مغموراً في كينيا يمكنه أيضاً أن يتقرب من الشباب هنا، ويعد بعملية سياسية تكافئ العمل الجاد والمتفاني، وليس المكانة الاجتماعية أو الاتصالات الشخصية. والواقع أن ناخبي كينيا الشباب، كمجموعة، يجدون أنفسهم الآن، بكل تأكيد، في وضع يسمح لهم باستعمال وزنهم لترجيح كفة ما، ولكنهم ربما يفتقرون فقط للفرص. فحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن 50 في المئة فقط من الشباب الكيني يُتوقع أن يجدوا وظائف مناسبة خلال حياتهم. والواقع أن هذا الفقر واليأس كانا الوسيلة التي تستغلها الأحزاب السياسية الكينية في الماضي، ولكن الزعماء الشباب الكينيين يعملون اليوم بجد -عبر مجموعات النقاش حول جهود كينيا الحالية لإعادة كتابة الدستور، وكذلك من خلال الرسائل النصية القصيرة، بل وحتى في غرف الدردشة في موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي -للوصول إلى الشباب المحبَط والمستاء قبل الأحزاب السياسية، ومنح هذه الشريحة طريقة ما للمشاركة. وقد يبدو من المستبعد أن يدردش الشباب الكيني حول الدستور، وليس حول نجوم السينما مثلا، إلا أن الكينيين، بصفة عامة، يدركون الآن مدى أهمية خلق نظام عادل بالنسبة للجميع، وليس بالنسبة للنخبة فحسب، حيث يتابع بعض الشباب الكيني جهود إعادة كتابة الدستور باهتمام لا يقل عن الاهتمام الذي يتابع به بعض الشباب أيضاً فريق "ريد سوكس" الأميركي للبيسبول، إذ تباع أحدث مسودات الدستور في الأكشاك إلى جانب مجلات حول كرة القدم و"الهيب هوب" والموضة. وفي هذا الإطار، تقطع كاريوكي سوزان زعيمة منظمة "أجندة الشباب-نيروبي" بقولها: "إن ما نريده هو نظام غير أناني، فالأمر لا يتعلق بمساحات من الأراضي ستؤخذ، بل بخدمة الشعب، وليس خدمة مصالح الأفراد- الساسة". ومن جانبه، يقول حسن أولي نادو، زعيم" تحالف الشباب المسلم" الكيني، إن الشباب الكيني شاهد العديد من أبطاله السابقين -ومعظمهم نشطاء في المجتمع المدني- يدخلون الحكومة واعدين بالإصلاحات، وكيف أنهم سرعان ما يتكيفون مع نظام الرشى واختلاس المال العام، معتبرا أن "المهم هو عدم السقوط في ذلك الفخ، ونحن نناقش هذا في منتدياتنا". ومن جهته يقول بونسون ميسوري، رئيس "منتدى كريا الشبابي من أجل الديمقراطية" إن الفقر يجعل عملهم أكثر صعوبة لأنه يخلق ما يسميه "ثقافة العطايا والهبات... ذلك أنه حالما تصبح زعيماً، فعليك أن تساعد الناس، فتتكفل بالخدمات، وتدفع الرسوم الدراسية، وتعطي أغطية وبطانيات للفقراء. إن الناس معوزون جداً هنا، وهذا ما يتوقعونه". غير أنه يرى أن تلك الثقافة تتغير إذ يقول: "هناك أمل، فمن كان مثلاً يعتقد أن أميركا ستنتخب أوباما؟ ولكنك ترى ما حدث. إن الثقافة تتغير مع مرور الوقت". ويدلي شاب آخر يدعى جوشوا نيموري برأيه مؤكداً أن كينيا في حاجة إلى قيادة تتمتع بالكاريزما من أجل إصلاح النظام السياسي، إذ يقول: "إذا نظرت إلى حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، فإنهم اضطروا إلى البحث خارج دائرة الزعماء المعروفين عن رجل الدين الشاب ذاك، مارتن لوثر كينج، حتى يكون متحدثاً باسمهم"، مضيفا: "حتى الآن، لا نعرف من يكون ذلك الشخص في كينيا، ولكننا ما زلنا نبحث عنه، وسنجده أو نوجده في يوم من الأيام". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: نيروبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©