الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف يختار الأهل كتب أطفالهم؟

كيف يختار الأهل كتب أطفالهم؟
21 مارس 2009 00:55
من يتجول بين أجنحة كتب الأطفال في معرض الكتاب ويراقب مشهد الأطفال في علاقتهم مع الكتاب، وبعيداً عن نظريات تعليم القراءة، يمكن أن يخرج بمجموعة من الملاحظات المهمة التي توضح طبيعة تلك العلاقة، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالمرحلة العمرية المبكرة من الطفولة، دون استثناء المراحل الأخرى، لكن ما يهمنا هو المرحلة المبكرة التي تتأسس فيها العلاقة وتأخذ في النمو والتطور، فبناء على هذا التأسيس يمكن أن نقدر شكل العلاقة ومضمونها· حيث يعتبر الكتاب في هذه المرحلة المبكرة من حياة الطفل نواة الثقافة الأولى، وحيث لابد أن يتم تأسيس الطفل ثقافياً بشكل صحيح· في جولتنا على عدد من دور النشر كنا نراقب سلوك الطفل الذي يصطحبه أهله، وغالبا والدته دون والده، فنرى انطلاقته وشغفه بالوصول إلى الكتاب الذي يجذب نظره، وراقبنا سلوك الوالدة التي تصطحب في العادة عدداً من أطفالها، منهم من هو دون سن القراءة لكنه يسابق الأكبر سناً نحو الكتب· وبطبيعة الحال فإن السلوكيات هنا مختلفة، سواء كان سلوك الأم أو سلوك الطفل، والأمر هنا يتطلب كاميرا تلتقط نظرات عيون الأطفال وأسلوب تناولهم للكتاب وتقليبهم له، وما الذي يجذبه فيه؟ الملاحظة الأولى تتعلق بالتنوع الهائل في كتب الأطفال، من حيث مواضيعها ومستوياتها من حيث الشكل والقدرة على جذب اهتمام الطفل، فهناك ما يمكن تسميته الكتب الفقيرة من حيث الورق والرسومات من جهة والكتب الغنية على هذا الصعيد من جهة أخرى· وهو ما يجعل إقبال الطفل يختلف بين هذا المستوى وذاك، وهنا نستطيع معرفة أسباب إقبال الطفل على الكتاب ذي السوية العالية من حيث الألوان والرسوم وما تمثله بالنسبة له· هذا التنوع قد يؤشر على فوضى في الكتابة والنشر للطفل، فنحن نجد قصصاً مثل سندريلا، والأقزام السبعة، والأميرة النائمة، وغيرها من القصص المترجمة للأطفال، والتي نجد منها ترجمات مختلفة لا ندري ما سبب الاختلاف بين دار نشر وأخرى، كذلك فنحن نجد أحياناً أن القصة الواحدة تنشر بعناوين مختلفة، لدى الناشر نفسه أحياناً· ونحن لا نرفض القصص المترجمة، رغم أن كثيراً منها لا تنسجم مع ثقافتنا، ولكن السؤال هو لماذا تطغى القصص القادمة من الغرب ولا نجد شيئاً من ثقافة الشرق العربي وغير العربي؟ لماذا تلقى هذه الأخيرة التهميش والانتقاص منها في مقابل أدب الطفل الغربي، الأمر الذي يزيد من فجوة الطفل مع واقعه ويزيد من عدم ثقته بإنتاجه الأدبي· وكما أن هناك فوضى في النشر عموماً، والنشر للأطفال خصوصا، فإن هناك عشوائية في اختيار الكتب من أجل القراءة، ويلعب حضور الأم ومشاركتها في اختيار الكتاب لطفلها دوراً في خلق هذه العشوائية، فنرى الأم الحائرة أمام أكوام من الكتب لم يجد الناشر وقتاً لتوزيعها في أبواب وموضوعات، ولهذا نجد الطفل أكثر انشداداً إلى ما هو باهر وجذاب في سوق مفتوحة لكل ما هب ودب، بينما الأم لا تعرف كيف توجهه إلى ما هو أكثر فائدة· وتلعب هنا أسعار الكتب دوراً مهماً في اختيارها أو استبعادها، حيث يمكن استبعاد الكتاب الأهم بسبب سعره المرتفع، وهو ما يحدث في دور النشر التي تتخصص في نمط معين من الكتب المترجمة والتي تحرص على مستوى راق من الترجمة والطباعة والورق والأغلفة· إقبال الفئة العمرية المبكرة يبدو على كتب مصورة منقولة عن مسلسلات كارتونية تلفزيونية، حيث الشخصيات الخارقة التي تبني خيالاً ووعياً وهمياً، ومما يدعو للأسف أن انجذاب الطفل إلى هذه الكتب لا يجد في كثير من الأحيان ما يوقفه ويقدم له البدائل، فثمة جهل كبير بما ينتج في سوق كتب الطفل، الأمر الذي يتطلب تدخل جهات معينة ذات دور توجيهي· وحين تسأل البعض عن سبب اختيار هذا الكتاب مثلاً يجيبك إنه سمع أو قرأ عنه، أو رأى إعلاناً عنه في وسائل إعلامية كما هو الحال مع كتب ''هاري بوتر'' التي اكتسبت شهرة عالمية واسعة· الأمر نفسه يحدث في معظم دور النشر لأن كثيراً من الناشرين ليست لديهم الخبرة الكافية في اختيار الكتاب المناسب لا في موضوعه ولا في رسومه للمستويات المختلفة من العمر، لهذا يرى المختصون أنه لابد أن تكون هناك حركة نقدية تواكب إنتاج الأطفال حتى يتضح أمام المستهلك الكتاب الجيد من الكتاب غير الجيد، وأن تنفتح الطريق أمام الكاتب والرسام لكي يتعرفا على أفضل الطرق ليرتقيا بإنتاجهما· ثمة إذن الأم التي تقترح لابنها كتباً قد لا تجذبه ابتداء فيرفضها، وثمة في المقابل الأم التي ترفض الانصياع لرغبة طفلها في الحصول على كتاب معين، وتختلف بالطبع أسباب السلوك في الحالين، فمن الممكن أن تكون الأسباب متعلقة بسعر الكتاب، ويمكن أن ترتبط بعنوانه أو موضوعه، وهذا أمر يتطلب دراسة ميدانية أكثر مما تفعله جولة سريعة في المعرض تحاول أن ترسم خطوطاً أولى في هذا الإطار·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©