الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كفر نبل».. المجتمع المدني والقصف الروسي

10 نوفمبر 2015 22:35
في التاسع والعشرين من يناير 2014، ركنت سيارتي بعد يوم من العمل. وعندما غادرت السيارة، قفز رجل ملثم من المكان الذي كان يختبئ فيه وأطلق الرصاص على صدري، ثم ظهر رجل آخر وأطلق مزيداً من الطلقات. وبينما كنت أنزف، شعرت بالموت يحتضنني. لم أصرخ طلباً للمساعدة، خوفاً من عودة المسلحين، ولكن بينما كنت أنزف تساءلت ما نوع الأشخاص الذي يقتلون آخرين كي يثبتوا أنهم على حق. وفكرت أن الله هو وحده الذي لديه الحق في إنهاء حياتي - وأن الله في النهاية حفظني من غدرهم. كنت شبه متأكد من أن هؤلاء المسلحين ينتمون لما يسمى بتنظيم «داعش». وأعمل كناشط في مجال الإعلام والمجتمع المدني من قرية «كفر نبل» في سوريا التي جذبت انتباه العالم بسبب لافتات الاحتجاج البارعة والساخرة. لقد حاربنا النظام، وحاربنا التطرف وحافظنا على تركيزنا على جلب الديمقراطية المدنية إلى سوريا. ومنذ أغسطس 2012 يقوم نظام الأسد بقصفنا بلا توقف، ما أودى بحياة أكثر من 500 مدني. واعتاد تنظيم «داعش» أيضاً على مهاجمتنا ومداهمة مكاتبنا والاعتداء على نشطائنا، بيد أن محاولته لقتلي كانت آخر محاولاته في كفر نبل. فقد تمكن أهالي القرية من طرد الجماعة ولم يعد لـ«داعش» أي وجود اليوم. ومن ناحية أخرى، تقوم الطائرات الحربية الروسية بمهاجمتنا. لقد أطلقت صواريخ على موقع التراث العالمي التابع للأمم المتحدة، وقصفت مستشفيات ومخيمات النازحين بالمدفعية. وقامت كذلك بشن غارات متكررة على مناطق مدنية، لتقتل أباً وابنه قبل كتابتي هذا التقرير. وفي حين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزعم أنه يقصف «إرهابيي» داعش في كفر نبل، إلا أن هذا لا يمكن أن يكون صحيحاً، وإلا ما كان بوسعي التنقل بحرية. إن قرية «كفر نبل معروفة باعتدالها ونشاطها المدني، وأنا أعلم أن هذه الأهداف الحقيقية لبوتين. لقد عمل سكان «كفر نبل» بجد كي ينهضوا بحقوق المرأة منذ أن غادرت قوات الديكتاتور بشار الأسد البلدة قبل ثلاث سنوات. وقمنا بإنشاء مراكز لتعليم النساء مهارات مثل القراءة والكمبيوتر والرعاية في حالات الطوارئ والنشاط المدني. ولدينا أيضاً مراكز للترفيه عن شبابنا من الحرب وأخذهم بعيداً عن الشوارع، حيث يمكن للمتطرفين الوصول إليهم. ولدينا كذلك محطة إذاعية هي«راديو فريش»، التي تصل إلى الآلاف من الأشخاص وتبث برنامجاً شعبياً يؤكد أن الإسلام هو دين الحب والسلام. ورغم ذلك، فلا يزال لدينا مشاكل مع التطرف في بلدتنا، حتى بعد طرد «داعش» منها. في الخريف الماضي، زرع مهاجمون مجهولون قنبلة بجانب سيارتي. وفي يناير، هاجمت «جبهة النصرة»، الجناح السوري من تنظيم «القاعدة»، مكاتب الإذاعة ومراكز المرأة في كفر نبل. وفي شهر ديسمبر، قام مسلحون من «جبهة النصرة» بالقبض عليَّ وضربي، بيد أنهم لم يجدوا شيئاً لتوجيه الاتهام لي ومن ثم أطلقوا سراحي. وقبض متطرفون على مدير مركز المرأة في أبريل، لكننا تمكنا أيضاً من إطلاق سراحه. وعلى الرغم من الصعاب، ما زال المجتمع المدني قوياً داخل وحول «كفر نبل». ورغم ذلك، إذا تراجع النشاط المدني، فإنني ألقي باللوم على روسيا. فمن أسباب ازدهار مجتمعنا المدني هو أننا محميون من قبل مقاتلي جيش «سوريا الحر» الذين نشأوا في البلدة وملتزمون تماماً الديمقراطية. هؤلاء المقاتلون، الذين يتلقون مساعدات أميركية، هم بمثابة الحائل ضد أي جماعات متطرفة تحاول إحداث اضطرابات. وتقوم روسيا بقصف المقاتلين المؤيدين للديمقراطية في «كفر نبل» بقوة، كما لو كانت تريد أن يزداد المتطرفون قوة. ولهذا السبب، فإن روسيا تبرز كعدو للمجتمع المدني في كفر نبل. ولذا، فقد اتخذ النشطاء المحليون خطوات لحرق العلم الروسي والاحتجاج، جنباً إلى جنب مع مقاتلي «جيش سوريا الحر»، لتسليط الضوء على هذه النقطة. ومما يعد مراءً أن يقوم بوتين بقصف كفر نبل باسم «محاربة التطرف». فبينما قطع سكان كفر نبل شوطاً طويلاً لتمكين المرأة، تشير المؤشرات إلى تراجع حقوق المرأة في روسيا منذ أن تولى بوتين السلطة. وفي حين أن سكان «كفر نبل» عملوا بجد لخلق مناخ شامل من التسامح، أعلنت روسيا الحرب في سوريا. ومن جانبهم، لا ينبغي أن يكون الأميركيون سلبيين في مواجهة حملة بوتين. إن المجتمع المدني المزدهر في «كفرنبل» يشبه في أوجه كثيرة نظيره في الولايات المتحدة، وفي بعض الحالات يتلقى تمويلاً من واشنطن. أتمنى أن يأتي الشعب الأميركي للدفاع عن «كفرنبل» وجميع السوريين الذين يقاتلون من أجل الديمقراطية. *رائد فارس* * ناشط ديمقراطي سوري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©