الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشرق الأوسط.. سجال حول العلمانية

10 نوفمبر 2015 22:34
مؤخراً في فيينا، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظراؤه من إيران والسعودية وأكثر من اثني عشر بلداً آخر دعمهم سوريا موحدة وعلمانية. وقال بيان صدر عن المجموعة: «إن وحدة سوريا واستقلالها، وسلامة أراضيها، وطابعها العلماني مهمة للغاية». ويريد الوزراء المجتمعون دستوراً جديداً وانتخابات تحت إشراف دولي. وبالطبع، فجميعنا نأمل حدوث الأفضل، غير أنه من الخليج العربي يبدو موضوع مستقبل سوريا – والمنطقة – أكثر تعقيداً. اللافت أن قلة قليلة فقط من الغربيين من المحتمل أن تتوقف عند الجزء الذي يمكن أن يثير أكبر قدر من القلق بين الكثيرين في الشرق الأوسط، ونقصد بذلك كلمة «علمانية». فالكلمة قد تبدو عادية بالنسبة للأذن الغربية، بل إنها تكاد تكون مرادفاً لكلمة «حديثة» أو «عصرية»، غير أنه بالنسبة للمسلمين في هذا الجزء من العالم «علمانية» كلمة معقدة. ولا شك أن الكثيرين ممن يرفضون العلمانية، إنما يفعلون ذلك لأنهم يعتقدون أن علينا جميعاً أن نعيش مثلما عاش الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذه المجموعة ترى أن عدم القيام بذلك لا يمثل هفوة فحسب، بل يعادل الإلحاد. وبالطبع، فليس كل المسلمين يعتبرون «العلمانية» معادلة لـ«الإلحاد»، ولكن بالنسبة لـ«القاعدة» وسلفيين آخرين، العلاقة بين العلمانية والكفر واضحة، وهي مسألة خطيرة جداً. المشكلة الأخرى هي اجتماعية وسياسية معاً: فالكثيرون في المنطقة يرتابون في العلمانية لأنهم يربطونها بالقمع، ذلك أن الحركات الوطنية والاشتراكية التي كانت قائمة خلال القرن العشرين حرمت شعوب عدد من بلدان الشرق الأوسط من حق ارتداء الحجاب وإطلاق اللحى وممارسة الشعائر الدينية. ومثال قمع مصطفى كمال أتاتورك للإسلام في تركيا مثال معروف ومشهور، ولكن ثمة أمثلة أخرى عديدة، فعندما لم يشجع الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة الصيام في رمضان، مثلاً، ورفض الحجاب باعتباره «خرقة بشعة»، شعر بالإساءة حتى الكثيرون ممن كانوا يدعمون الحداثة. إن الحكم العلماني في الشرق الأوسط موضوع معقد يشمل حقوق النساء، ومسائل حضانة الأطفال، والعديد من المواضع الصعبة الأخرى. ولكن حين نتحدث حوله، قد نتفق على أن حظر الحجاب واللحى سيئ، تماماً على غرار فرضهما على الناس. فارتداء امرأة مسلمة للحجاب أو إطلاق رجل مسلم اللحية يجب أن يكون دائماً مسألة اختيار – وهذان موضوعان يثاران في الغرب أيضاً. فمثلما يدرك البعض جيداً، فإن الحجاب حُظر في فرنسا، بينما تثير بعض الممارسات الإسلامية مشاكل في العمل أو التوظيف في الولايات المتحدة أحياناً. وعلى أي حال، فإن المتطرفين ينظرون إلى الأمر بطريقتهم الخاصة، وهم كثيراً ما يردون بعنف على من لا يتفق معهم. وهذا، في النهاية، جانب أساسي من حرب الإسلامي ضد النظام العلماني – والوحشي على نحو لا يمكن الدفاع عنه – في سوريا. المشكلة أن المعركة حول القيم العلمانية يمكن أن تكون في أحيان كثيرة معركة دامية، حتى من دون معركة. فمؤخراً، تعرض أربعة ناشرين لهجوم في بنجلاديش لأنهما طبعوا كتابات منتقدة للتطرف الديني، مات منهم «فيصل ديبان» متأثراً بجروحه. وقد تبنت «القاعدة في شبه القارة الهندية» المسؤولية عن هذا الهجوم. ولكن مثل هذه الهجمات تبعث برسالة مخيفة للمفكرين والكتاب العرب في كل مكان. كيف لا وقد تعرض أشهر أديب عربي، وهو المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الأدب، للطعن على يد متطرف مسلم في 1994، بسبب رواياته التي يعتبرها المتطرفون «كافرة». وإذا كان محفوظ قد نجا، فإن كاتباً مصرياً آخر لم تكتب له النجاة قبل ذلك بسنتين، حيث قُتل فرج فودة على أيدي متطرفين إسلاميين اعتبروا كتاباته كافرة. القتلة في بنجلاديش أصدروا قائمة بأسماء الأشخاص المستهدَفين على ما قيل. وشخصياً، أشجع طلبتي على كتابة ما يرغبون في كتابته، وأقول لهم إن كل أفكارهم مرحب بها. *ياسمين بحراني* *أستاذة الصحافة في الجامعة الأميركية في دبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©