ارتفاع نسبة العنوسة في مصر كان سببا في قيام بعض الفتيات الراغبات في الزواج إلى التواجد في أضرحة أولياء الله الصالحين، حيث يقصدن الأضرحة طالبات أن يرزقهن الله بالعريس الذي يخطفها من طابور العنوسة·
وفي حالة رفض الفتاة الذهاب إلى الضريح، تذهب والدتها بدلا منها وتدعو الله ليتحقق حلم ابنتها وترزق بالعريس الصالح·
الظاهرة منتشرة بصورة ملحوظة في جنوب مصر نتيجة لانتشار الجهل، خصوصا في محافظات سوهاج وقنا وأسوان، والتي يكثر بها أضرحة الأولياء الذين مازال الناس حتى اليوم يروون قصصا عن سيرتهم الحسنة·
وفي القاهرة أضرحة الأولياء كثيرة، وكان حكام الدولة الفاطمية سببا في زيادة الأضرحة التي يقصدها أصحاب الهموم من أجل الدعاء والفضفضة·
وفي مسجد الحسين يكون الزحام بصورة كبيرة يومي الخميس والجمعة، داخل الضريح يوجد جزء للنساء وآخر للرجال، الجزء المخصص للنساء يسيطر عليه الصمت، أغلبية الزائرات من الباحثات عن عريس·
داخل الضريح توجد أم مع ابنتها التي تؤكد ملامحها أنها قاربت علي بلوغ 30 عاما، الأم جاءت للدعاء لابنتها بأن ترزق بالعريس الصالح الذي يطيع الله فيها ·· فهي تري أن ابنتها لا ينقصها شيء حتى تصعد إلى قطار الزواج وأن هناك فتيات أقل جمالا منها رزقن بالعريس·
وقالت فتاة كانت أمام مسجد الحسين: أعلم أن الطريق إلى الله لا يحتاج إلى وساطة، ولكن أشعر بالراحة وأنا أفضفض في هذا المكان الطاهر، فالدعاء إلى الله في أي مكان وفي أي زمان· وتتشابه الصورة في ضريح السيدة زينب من ناحية الزوار الذين لهم نفس المطالب·
وعن الظاهرة، قالت د· آمنة نصير العميد السابق لكلية الشريعة والقانون جامعة الازهر إن ظاهرة العنوسة صارت حقيقة مؤكدة، وهي ليست وليدة اليوم وساهمت الظروف الاقتصادية في زيادتها مع حالة الركود والبطاله التي صارت أمرا واقعيا في كل دول العالم·
وتؤكد د· آمنة أن فتاة اليوم أصبحت لديها مفاهيم جديدة عن الزواج، هذه المفاهيم قد تتناقض مع طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه وقد تتعارض معه أيضا، والعنوسة التي تحرم البنات من الزواج كانت سببا في لجوء بعضهن إلى طرق غير شرعية مثل طرق أبواب الدجالين الذين يزعمون أنهم يملكون أوراقا سحرية تجلب الحظ والسعادة، وبعضهم يروج إلى أن هناك سحرا أو مسا شيطانيا، ربما يكون سببا في عدم زواج الفتاة·
وتضيف د·آمنة أن العنوسة تكون سببا في قيام بعض الفتيات في القيام بزيارة أضرحة أولياء الله الصالحين، وتقديم النذور لرفع الكرب والتعجيل بالزواج، وكل هذه الأمور مرفوضة دينيا ومنطقيا، وتدخل في الأعمال التي حرمها الشرع·
وأضافت د· آمنة نصير أن هذه السلوكيات خاطئة، ومرفوضة ونهي عنها الإسلام·
الإسلام كدين ترك الغيبيات لله وحده، فهو مالكها واختص بها وحده دون أحد من خلقه، فاللجوء إلى زيارة الأضرحة من أجل الدعاء يوقع بالمسلم في دائرة الشرك بالله سبحانه وتعالى·
البعد عن الدين
ويري د· عبد المعطي بيومي أستاذ الشريعة وعميد كلية أصول الدين الأسبق أن هذه التصرفات سببها البعد عن الدين وغياب الوازع الديني لدى هؤلاء الفتيات وانتشار ثقافة الخرافة داخل المجتمعات العربية·
ونحن نسير عكس العالم الذي صار يؤمن بالتقدم العلمي كحل لمشاكله، أما نحن فإننا نسير في الطريق العكسي الذي أصبح البعض فيه يؤمن بثقافة الخزعبلات·
ويؤكد د· بيومي أن الذين يلجأون للأضرحة والأولياء بحجة قضاء جوانحهم سواء بالزواج أو فك الكرب وخلافه، هم قوم قبوريون ''أي عبدة قبور'' والعبادة لا تكون إلا لله وحده خالق الكون ومدبر أمره، أما من هم داخل القبور فهم موتى لا حول لهم ولا قوة·
عدد اليوم
