الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن وأنقرة: تحالف جديد قديم

14 نوفمبر 2011 22:09
العام الماضي فقط، كانت العلاقات الأميركية- التركية في حالة سيئة، حيث كان ثمة خلافات بين الجانبين حول عدد من المواضيع، مثل علاقات تركيا مع إسرائيل، وكيفية التعامل مع ملف إيران النووي، مما أضعف علاقات واشنطن التاريخية مع أنقرة. أما اليوم، فيمكن القول، إن الولايات المتحدة وتركيا تعيشان شهر عسل بعد أن نسج أوباما ورئيس الوزراء التركي أفضل علاقة ربما بين رئيس أميركي ورئيس وزراء تركي منذ عقود. كما أن رياح التغيير السياسي التي تهب على الشرق الأوسط أخذت أيضاً تقرِّب تركيا من الولايات المتحدة أكثر، مما كان عليه الأمر من قبل منذ خلافهما حول حرب العراق. ويبدو أن أوباما وأردوجان على انسجام تام حقاً: فقد أفادت وسائل إعلام تركية أنه بعد وفاة والدة أردوجان الشهر الماضي، كان أوباما من بين زعماء العالم الذين اتصلوا به هاتفياً و"تحدث الزعيمان طيلة 45 دقيقة حول مشاعرهما". وهذه الروابط الشخصية هي أساس العلاقة الأميركية التركية الجديدة. غير أنه كان لا بد من كثير من الوقت والعمل الجاد للوصول إلى هذه النقطة. فحتى العام الماضي، لم تكن علاقات تركيا مع واشنطن على ما يرام: ذلك أن علاقة أنقرة تجاه إيران كانت متذبذبة، الأمر الذي كثيراً ما كان يشكل تحدياً لجهود واشنطن الرامية لفرض عقوبات تحظى بدعم دولي على طهران. ففي يونيو 2010، على سبيل المثال، صوتت تركيا في مجلس الأمن الدولي ضد مقترح يدعو إلى فرض عقوبات على طهران. وعلى مدى شهرين تقريباً، بدا كما لو أن هذا التصويت سيقطع العلاقات الأميركية التركية. ولكن الحديث الصريح والمباشر الذي أجراه أوباما مع أردوجان على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة تورونتو الكندية في يوليو 2010 غيَّر كل شيء، حيث أخبر أوباما أردوجان بمدى الاستياء الذي يشعر به بعد تصويت تركيا في الأمم المتحدة ضد المقترح، وساعدت صراحته على تنقية الأجواء بين الرجلين، مثلما أخبرني مسؤولون وأصدقاء أتراك وأميركيون. ثم سرعان ما تغيرت سياسة تركيا، حيث توقفت أنقرة عن الدفاع عن طهران وبدأت العمل مع واشنطن. ومنذ الصيف الماضي، اتخذت العلاقة بين البلدين مساراً تصاعدياً، إذ كثيراً ما يتحدث الزعيمان في ما بينهما - اثنتي عشرة مرة على الأقل هذا العام فقط - ويتفقان على السياسات في أحيان كثيرة. ولنتأمل هنا إجماعهما حول "الربيع العربي". فتصريحات تركيا حول الانتفاضات في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دفعت أوباما إلى تقدير تركيا - وهي بلد كبير ومسلم وعضو في "الناتو" يستجيب على نحو فريد لجهود أوباما الرامية إلى إيجاد حلفاء أقوياء من بين البلدان ذات الأغلبيات المسلمة وسعداء بالعمل مع الولايات المتحدة. وبعد أن خلصت أنقرة إلى أن الحكام المستبدين مثل القذافي في ليبيا سيسقطون لا محالة -عاجلاً أو آجلاً - عندما تتحداهم الجماهير وتطعن في حكمهم، بدأ البلدان تنسيق سياساتهما حول"الربيع العربي"، ولكن التعاون كان عميقاً بشكل خاص بخصوص سوريا، حيث صعدت تركيا إلى الواجهة باعتبارها الخصم الرئيسي في المنطقة للقمع الوحشي الذي يواجه به نظام الأسد المتظاهرين، وهو ما يناسب جيداً أوباما الذي يركز حالياً على مواضيع داخلية في أفق انتخابات 2012. وتأمل كل من واشنطن وأنقرة في "هبوط سلس" في سوريا - نهاية لحكم بشار من دون انزلاق البلاد إلى الفوضى. كما يقدر أوباما استعداد أنقرة لتحمل عبء سياسي تجاه سوريا، من فرض عقوبات ضد الأسد إلى دعم المعارضة، متبعة استراتيجية يدافع عنها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. والأرجح أن التحسن في العلاقات الأميركية- التركية سيدوم وسيستمر. فعندما وصل أردوجان إلى السلطة عام 2002، أطلقت أنقرة سياسة تقارب تجاه طهران، غير أن عودة تركيا كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط أدى إلى تنافس مع البلد الآخر في المنطقة الذي يسعى إلى الهيمنة: إيران. وهكذا، بدأ تنافس "ناعم" بين البلدين عندما دعم كل واحد منهما فصائل متعارضة في انتخابات 2010 في العراق. ثم فسح هذا الصراع المجال أمام منافسة صريحة حول سوريا، حيث تقوم طهران بدعم وتمويل نظام الأسد في حين تستضيف أنقرة أعضاء من المعارضة وتدعمهم. والواقع أن التوتر مازال قائماً بين واشنطن وأنقرة حول عدد من المواضيع، ومن ذلك مستقبل العلاقات التركية- الإسرائيلية، غير أنه عندما أبحرت مجموعة سفن من تركيا في اتجاه غزة في أوائل نوفمبر الحالي، طلب البيت الأبيض من أنقرة عدم السماح لأتراك بالصعود على متن السفن والمشاركة في الرحلة، وذلك تجنباً لتكرار حادث مايو 2010، الذي قُتل خلاله تسعة أتراك على أيدي الإسرائيليين، فاستجابت أنقرة، وتم تفادي أزمة. ويمكن القول إن التنافس التركي- الإيراني على المدى الطويل سيقرِّب أنقرة أكثر من واشنطن، وربما حتى من إسرائيل. فعلى سبيل المثال، عندما ستكمل الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق، فإن تركيا وإيران ستتنافسان اقتصادياً وسياسياً من أجل اكتساب نفوذ في العراق. وهكذا وبعد عقد من الخلاف مع الولايات المتحدة، عادت تركيا إلى أحضان حلفائها. وإذا كانت علاقة أوباما- أردوجان قد أسست قاعدة جديدة للعلاقات الأميركية التركية، فإن البلدين سيكونان مرتبطين بمصالح مشتركة في الشرق الأوسط حتى بعد أن يغادر هذان الزعيمان السلطة. سونر كاجابتاي زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©