الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيطاليا: مهمة «مونتي» شبه المستحيلة

إيطاليا: مهمة «مونتي» شبه المستحيلة
14 نوفمبر 2011 22:08
فيما تدق عقارب الساعة لانتشال إيطاليا من هوة أزمة الديون المستفحلة التي ترزح في مخاضاتها اتجهت الأنظار يوم الأحد الماضي إلى أحد الخبراء الاقتصاديين المرموقين بعد اختياره لتولي مقاليد السلطة وذلك بعد استقالة برلسكوني، الذي استمر في رئاسة الوزراء لفترة طويلة وذاع صيته لانغماسه في نزواته الشخصية، فقد تم تعيين ماريو مونتي البالغ من العمر 68 عاماً وهو رئيس سابق للجامعة ومفوض في الاتحاد الأوروبي، لرئاسة الوزارة وتولى مهمة توحيد الأحزاب السياسية المتصارعة في إيطاليا وراء حكومة مؤقتة جديدة تمرر حزمة الإصلاحات الضرورية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على البلاد. ولكن حتى بعد استقالة برلسكوني بدا أن حزبه يحاول الرجوع مجدداً إلى الساحة من خلال فرض شروط قاسية لدعم "مونتي" وتمكينه من ترؤس الحكومة الجديدة، هذا في الوقت الذي ألمح فيه برلسكوني المستقيل إلى أنه قد يسعى إلى العودة مرة أخرى إلى الحياة السياسية! ففي يوم الأحد الماضي ومباشرة بعد تعيين "مونتي" رسميّاً على رأس الحكومة من قبل الرئيس الصوري جوريو نابوليتانو، انخرط برلسكوني في حملة تهدف على ما يبدو لسرقة الأضواء من الشخصية الجديدة، معتبراً أن استقالته يوم السبت الماضي هي مثال على الإيثار، متعهداً في الوقت نفسه بالعمل المضني "لإنقاذ إيطاليا"! ومع افتتاح أسواق الأسهم يوم أمس الاثنين ظلت أجواء الخوف والتشكك سائدة حتى بعد الإعلان عن الحكومة المؤقتة في إيطاليا، وهو ما ينذر بمرحلة صعبة تنتظر الحكومة الجديدة ورئيسها، لاسيما في ظل تخوف المراقبين من أن التفاف السياسيين حول "مونتي" في الحكومة الائتلافية قد لا يكون كافيّاً لدفع حزمة الإصلاحات التي يقول الاقتصاديون إنها ضرورية لاستعادة ثقة المستثمرين في ثامن أكبر اقتصاد عالمي. وفي هذا السياق صرح "مونتي" من روما قائلا: "إن إيطاليا قادرة على تخطي الأزمة"، مضيفاً أنه سيسعى إلى تشكيل حكومة في أقرب فرصة وفي أسرع الآجال، مستطرداً: "إننا مدينون لأبنائنا حتى ينعموا بمستقبل أفضل ويعيشوا بكرامة". ويبدو أن تحدي إنقاذ إيطاليا في هذه المرحلة يكمن في يدي رئيس الحكومة الجديد، ماريو مونتي، الذي بنا مشواره السياسي على أساس معارضة سياسات برلسكوني، وهي السياسات التي أدى فشلها بهذا الأخير إلى تقديم استقالته من منصبه بعد فترة من التسويف والمماطلة في معالجة الأزمة وصلت حد إنكاره لوجودها أصلاً، وهو ما أثار مخاوف المستثمرين وأفقدهم الثقة في قدرة السياسيين الإيطاليين على تسوية المشاكل الاقتصادية الكبيرة في بلادهم، فضلاً عن إثارة غضب الدول الأوروبية. وفي المقابل يحظى "مونتي"، الذي كان يلقب بسوبر "ماريو" لكفاءته عندما كان مفوضاً أوروبيّاً، باحترام واسع لدى الأوروبيين وفي دوائر القرار السياسي، كما يُنظر إليه على أنه شخصية ذات مصداقية وقد اعترف علناً بضرورة الإصلاح في إيطاليا وتبني سياسات تشجع المنافسة، فضلًا عن اتخاذ إجراءات أخرى قادرة على إعطاء دفعة للاقتصاد المتعثر وإخراجه من حالة الركود والسلبية اللذين علق فيهما طيلة سنوات. وأكثر من ذلك فقد وقع الاختيار على "مونتي" لرئاسة الحكومة الإيطالية في هذه المرحلة العصيبة لأنه لا يسعى إلى مناصب سياسية ولا مطامع لديه على المدى البعيد، بالإضافة إلى كونه غير مرتهن لأي من الأحزاب السياسية وزعمائها الذين يفرضون أجنداتهم على الحكومات. ولكن سمعته كمستقل عن استقطابات المعترك السياسي في وسط يُعلي من شأن العلاقات الشخصية ويعتبرها أساس الممارسة السياسية هو سلاح ذو حدين، لاسيما فيما يتعلق بتمرير الإصلاحات الصعبة مثل فرض ضريبة على العقار والحسابات البنكية التي لن يكون من السهل تمريرها في البرلمان وإقناع الأحزاب بجدوى تبنيها. وعن العقبات التي سيواجهها "مونتي" يقول "جيانفرانكو باسكينو"، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بولونيا: "من جهة يحظى مونتي بشعبية جيدة لدى الأوروبيين وفي الأسواق، لكن من جهة أخرى يبقى غريباً عن الحياة السياسية الإيطالية التي تشبه بركة مليئة بأسماك القرش"، فهو على رغم دفاعه الشرس عن اقتصاد السوق يواجه مقاومة شديدة من اليمين الإيطالي ممثل في "عصبة الشمال" المحافظة التي ترفض مساندته، بل تدعو إلى تنظيم انتخابات مبكرة قد تُدخل البلاد في مرحلة من الفراغ السياسي لشهور قادمة، وهو ما جعل دعم حزب برلسكوني "شعب الحرية" ضروريّاً كي يتمكن "مونتي" من الحكم. وإدراكاً منه لهذه الأهمية أعلن حزب "شعب الحرية" أنه لن يدعم رئيس الحكومة الجديد إلا إذا تعهد باحترام لائحة من الشروط منها أن تلتزم الحكومة المؤقتة التزاماً واضحاً بأن تقتصر مهمتها على تمرير حزمة الإجراءات الاقتصادية التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي على أن تتعهد الحكومة بعد ذلك بعقد انتخابات جديدة. كما يريد الحزب التصديق مسبقاً على لائحة الوزراء الذين يتعين اقتصارهم على التكنوقراط وخلوهم من شخصيات سياسية. ومع ذلك قال "أنجلينو ألفانو" رئيس حزب "شعب الحرية" الذي خلف برلسكوني بأن رئيس الوزراء المستقيل الذي حكم إيطاليا لعقدين واشتهر بفضائحه الجنسية غير مستعد بعد للتقاعد، وهو ما أكده برلسكوني نفسه يوم الأحد الماضي في الرسالة التي بعث بها إلى الحزب وقال فيها إنه يأمل "استئناف الطريق إلى الحكومة"، كما انتقد في خطاب مطول المواطنين الذين احتفلوا بسقوطه ليلة السبت قائلاً "بالنسبة لهؤلاء الذين ابتهجوا لخروجي من المسرح السياسي أقول لهم بكل وضوح إنه بدءاً من اليوم سأضاعف جهودي في البرلمان لتجديد إيطاليا". أنتوني فايولا - روما ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©